بدت أمس، التوقعات عاليةً حيال ما سيفضي إليه مؤتمر الاستثمار الإماراتي - اللبناني الذي يُعقد اليوم في أبوظبي بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الإماراتيين، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي يترأس وفداً رفيعاً من الوزراء وشخصيات مصرفية واقتصادية.
وتعلّق أوساطٌ سياسية آمالاً على هذا المؤتمر للخروج بـ«جرعة دعم» عمليّ تساهم في «تصفيح» الواقع المالي بلبنان ورفْده بـ«أوكسجين» يحتاج إليه في الطريق إلى إنجاز «دفتر الشروط الإصلاحي»، وفي الوقت نفسه لتوجيه رسالةٍ بأن لبنان ليس متروكاً لسقوطٍ لطالما كان «ممنوعاً» في السابق، وذلك على تخوم محطات خارجية أخرى للحريري خلال الأسابيع الخمسة المقبلة تشمل برلين والرياض وباريس وموسكو.
ورأت هذه الأوساط عبر «الراي» أن انعقاد المؤتمر في العاصمة الإماراتية وتظهير الدعم الكبير له من قيادة الدولة سواء عبر اللقاءات التي سيعقدها الحريري وأبرزها مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، كما من خلال حجم المشاركة في المنتدى، يعكس أنه سيخرج بنتائج إيجابية تعبّر عن رغبة الإمارات باستعادة حضورها في الواقع اللبناني، وسط تعويل على أن تكون النتائج المتوقَّعة مقدّمة لمناخٍ خليجي جديد تجاه بيروت، وهو ما سيتعيّن رصْده تباعاً نظراً إلى تَداخُل مثل هذا الأمر مع المسارات العاصِفة في المنطقة التي يجد لبنان نفسه «عالِقاً» في شِباكها.
وأطلق السفير الإماراتي في بيروت حمد سعيد الشامسي أمس إشاراتٍ إلى قرارٍ بدعم لبنان، قائلا: «أعتقد أننا سنخرج بنتائج إيجابية تخدم الإمارات ولبنان الذي يهمّنا، هو الذي يعُتبر من مؤسسي الجامعة العربية والذي ان زاره الشيخ زايد العام 1968 (...)».
ويأتي انعقاد المؤتمر على وقْع سباقٍ ارتسم بين بدء ظهور «عوارضِ» أزمة الدولار في الأيام الماضية وبين نزْع «فتائل» تأزيمٍ كان سيرْتسم لو مَضى الصيارفة بالتهديد بالتوقف عن العمل احتجاجاً على توقيف العديد منهم (بحجة اعتمادهم سعر صرف للدولار ناهز 1600 ليرة) كما لو بدأ (اليوم) الإضراب المفتوح في قطاع المحروقات (محطات البنزين) والذي «نجت» منه البلاد وكان من شأن حصوله أن يجعل نقص العملة الخضراء (التقنين بتوفيره عبر القطاع المصرفي) يكتسب أبعاداً تهدّد مجمل دورة الحياة والاقتصاد في البلاد.
وساهم تعطيل هذا «الصاعق» في تلافي منْح التحرك الاحتجاجي الذي تَجدّد أمس في وسط بيروت (ساحتا الشهداء ورياض الصلح) «عودَ ثقابٍ» لتأجيج الاحتجاجات التي كان تخللها الأسبوع الماضي شغبٌ وقطع طرق بالإطارات المشتعلة وهتافات ضدّ رئيس الجمهورية ميشال عون تركتْ «ندوباً» سياسية وقابلتْها غالبية السلطة بتغطية منحى يجنح نحو تحميل الإعلام مسؤولية «ضخ إشاعات» حول أزمة الدولار والواقع المالي وتسليط «سيف ملاحقاتٍ» لا توفّر ناشطين على مواقع التواصل.
ومرّت تظاهرة الأمس في وسط العاصمة التي شارك فيها العشرات من المعترضين على الواقع المالي - الاقتصادي ومجمل الطبقة السياسية بهدوء نسبي خرقه قطْع موقت و رمزي لبعض الطرق خلال انتقال المتظاهرين إلى أمام مقر مصرف لبنان (في الحمراء) وجمعية المصارف (وسط بيروت)، ومناوشاتٍ محدودة جداً مع القوى الأمنية التي انتشرت بكثافة في محيط السرايا الحكومية ومجلس النواب، وسط ملاحظة عدم حصول ما كان سرى حول تَحرُّك مضاد دفاعاً عن العهد. علماً أن يوم التحركات طبعه تهديد سيّدة (من بلدة حاروف الجنوبية) بحرق ابنتيها بسبب رفض إحدى المدارس في الجنوب إدخال أولادها نتيجة عدم قدرتها على دفع القسط.
وفي موازاة ذلك، كان بارزاً إعلان رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد «اننا نعرف أن هناك عقوبات وحصارا على الشعب اللبناني والعهد، لأنه يرفض أن يكون خادماً للأميركيين ومصافِحاً للإسرائيليين»، متحدثاً عن «تآمر أميركي وتواطؤ يحصل من البعض مع الأميركيين»، ومؤكداً «ليس مسموحاً لأحد أن يخرب هذا البلد لا من الزاوية الأمنية ولا الاقتصادية والنقدية (...) وسنواجه التعثرات الاقتصادية ونحاول أن نلملم شمل القوى السياسية التي يمكن أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الصدد (...) وعلينا أن نمنع تسلل المتآمرين ليخربوا بلدنا عبر الاقتصاد والعبث بنقدنا الوطني (...)».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك