إن كان من إيجابية لاستفحال الأزمة الإقتصادية، فهي بفتحها الباب واسعاً أمام النقاش الإقتصادي، وتسليط الضوء على المشاكل البنيوية التي يعاني منها البلد منذ سنوات. وإذا كانت "الحاجة أم الاختراع"، فإن عجز الدولة بأكثر من 8 في المئة من الناتج المحلي، وتخطي كلفة خدمة الدين 6 مليارات دولار سنوياً، وتسجيل ميزان المدفوعات عجزاً تراكمياً بأكثر من 15 في المئة، استنبطت حلول مختلف الافرقاء كل من وجهة نظره، وآخرها خطة "لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط"، التي جمعت مختلف الأفكار ووُضعت بقالب جديد.
قد تكون المرة الأولى التي تضطلع لجنة نيابية، بخطة إنقاذ إقتصادية بعيداً من التلاوين السياسية والإختلافات العقائدية والمصالح الفئوية. فمن حيث الشكل نجحت اللجنة برئاسة النائب ورجل الاعمال نعمة أفرام، بوضع خطة خمسية تقضي بـ "تصفير" عجز الخزينة بغضون 5 سنوات ورفع إجمالي الناتج من 58 مليار دولار إلى 63 ملياراً في غضون العام 2023، مع ما يرافقهما من تراجعات سنوية في العجز وانخفاض معدلات الفوائد.
"أهمية هذه الخطة أن لديها قواسم مشتركة مع الخطط التي تقدم بها مختلف الأحزاب، وجوهرها مبني على ألّا تتعارض مع بقية البرامج. وبالرغم من جديتها، إلا أن موافقتنا عليها لا تعني عدم تمسكنا بالبرنامج الذي وضعته القوات اللبنانية"، يقول عضو الجمهورية القوية إدي أبي اللمع.
تفاصيل الخطة
تضم الخطة المقترحة، حسب ابي اللمع، 18 بنداً، "موزعة على ثلاثة محاور. الاول يتعلق بخفض العجز في قيمته ونسبته، عبر تدابير دورية منصوص عليها ومقسمة على السنوات وبأرقام دقيقة. وذلك من خلال وضع سقف لعجز الكهرباء وضبط الحدود إلى أقصى درجة، حيث يمكن للدولة اللبنانية توفير ما يعادل 200 مليون دولار في العام 2020. مع حماية جمركية وتقشف، وتصغير مصاريف تشغيل الدولة وزيادة ضرائب على العمال الأجانب غير العرب، وزيادة إيرادات الكهرباء والرسوم الجمركية لتعزيز الصناعة، مع التطرق إلى مساهمات الريجي وكازينو لبنان، وصولاً إلى فرض 3 في المئة على الواردات النفطية، وإطلاق مشروع مرفأ بيروت لسكك الحديد وتأمين المزيد من الإيرادات من مشروع خصخصة المطار".
"القسم الثاني من الخطة، يتعلق بـ"تثمير" أصول الدولة مقسم على خمس سنوات. ويتضمن إجراء بيع حصة الدولة في مؤسسة ضمان الودائع الذي من شأنه تأمين 800 مليون دولار، هذا بالاضافة الى إطلاق الشركة الثالثة للاتصالات، وشركة واحدة للأبراج، وتبديل العقود الجارية نحو خصخصة المصاريف التشغيلية".
"أما القسم الثالث من الخطة فيعتبر تقييمياً، يفصّل مؤشرات هذه التدابير على الاقتصاد سنة تلو أخرى وتحديد انعكاساتها على الناتج القومي ونسبة الدين".
مفاعيلها بطيئة
ويتابع: "صحيح أن هناك قواسم مشتركة مع خطتنا أو برنامجنا الذي طرحناه، إلا أن هناك بعض الفروقات وتحديداً لناحية المهل الزمنية. فبحسب برنامج "القوات" هناك خطوات اصلاحية ممكن أن نباشر بها اليوم من خلال إدخال القطاع الخاص الى القطاع العام، بينما في البرنامج، فالامور مقسمة على فترات.
كما نعتقد انه من الممكن تصفير العجز وفقاً لخطتنا بوقت أسرع، وذلك وفقاً للخطوات الآنية والسريعة التي يتضمنها البرنامج والتي ترافق الموازنة وتأتي من ضمنها". وبحسب أبي اللمع فإن "كل الخطط الاقتصادية تلاقي "مقاومة" من قبل البعض. فبعد الثناء عليها يطرحون أموراً اخرى، ولعل هذه هي المشكلة الكبيرة التي نواجهها والتي تمنع المباشرة بأي عملية إصلاح حقيقية وجدية".
المطلوب التنفيذ
المشكلة، بحسب النائب الياس حنكش، لم تعد في تقديم الحلول، "بل في إنعدام النية بالتطبيق والاصلاح. فسبعون في المئة من القوى تعلم أماكن الخلل وكيفية معالجتها عن ظهر قلب، إنما استمرار انتفاع بعض الاطراف من غياب الاصلاح هو ما يعرقل أي تغيير جدي".
الحل في "الإقتصادي والاجتماعي"
ورقة اللجنة متناسقة مع ورقة بعبدا ومع ورقة "التيار" و"القوات" و"الاشتراكي"، وهي تركز على الاصلاحات ذاتها وتحدد أماكن الخلل نفسها، في المعابر والمرافئ والكهرباء والاتصالات، وتجابه في خفض الهدر والفساد، وهي "كلها عناوين طرحها "المجلس الاقتصادي والاجتماعي" في ورقته المتضمنة 22 نقطة، ووافقت عليها كل الأحزاب والقوى. فلماذا لا تكون الاساس الذي نبني عليه"، يسأل حنكش، ليجيب سريعاً بـ"إنهم مستفيدون من الفوضى، وهذا ما يعيق الاصلاحات". أما الحل برأيه فلا يكون إلا من خلال "حكومة اختصاصيين ليس لديها حسابات سياسية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك