افتتح وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الاجتماع الخاص بخبراء دول الميركوسور الأربعة والتي تضم البرازيل والارجنتين والاورغواي والباراغواي، في حضور وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد.
كما حضرت الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة ممثلة وزير الزراعة حسن اللقيس، والمديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس ممثلة وزير الاقتصاد منصور بطيش، وربيع حمدان ممثلا وزير الصناعة وائل ابو فاعور.
بعد النشيد الوطني، ألقى باسيل كلمة قال فيها: "ننتظر هذا اللقاء منذ خمس سنوات ونشكر وزارات الزراعة والصناعة والاقتصاد، واليوم لم نكن لنلتقي لولا وزير التجارة الخارجية حسن مراد الذي ومنذ استلامه لمهامه تابع هذا الموضوع بإصرار الى ان وصلنا الى لقائنا هذا، والذي آمل ان يكون بداية النهاية لأنه موضوع مهم للبنان، هذا البلد الذي يتحدر منه حوالى 12 مليون لبناني في اميركا اللاتينية. ومن الطبيعي ان يطمح لعلاقات تجارية اقتصادية متطورة اكثر مما هي عليه حاليا".
ورحب بممثلي الدول الاربعة في بيروت، وقال: "لنعمل سويا لإرساء علاقات تجارية تفاضلية وتعزيز التبادل التجاري بين بلداننا".
أضاف: "لبنان جاهز للانضمام الى هذه الاتفاقية لا بل متحمس لذلك في اسرع وقت ممكن. ونأمل من دولة البرازيل التي تتسلم مسؤولية قيادة الميركوسور ان تقوم معنا ومع الدول الثلاث الاخرى بخطوات سريعة للانضمام السريع للاتفاقية وفتح الاسواق امام لبنان".
وتابع: "كما في كل اتفاقية تجارية لا يقتصر الربح على طرف واحد بل على الطرفين من خلال تحقيق مصالحهما. ومن المهم جدا ان يشعر كل واحد منا بذلك".
وتوجه باسيل الى اعضاء دول ميركوسور، متمنيا ان يكون لديهم "فرصة للتعرف على لبنان ومميزاته"، وقال: "يجب علينا جميعا التمتع بالمرونة اللازمة لنذهب الى صيغة شاملة".
أضاف: "اللبنانيون هاجروا باتجاه دولكم من لبنان منذ اكثر من 125 عاما واندمجوا بسرعة وقدموا نجاحاتهم للدول التي استقبلتهم واستطاعوا التعامل معكم ليس فقط من ضيف الى مضيف بل اصبحوا مواطنين، ورغم السنوات والمسافات حافظوا على حبهم لوطنهم، وفي نفس الوقت كانوا أوفياء تجاه البلدان التي استقبلتهم".
وتابع: "في دول المركوسور الاربع هناك عشرة ملايين من اصل لبناني ما يجعلنا نتوقع ان نترافق بعلاقات ثقافية واقتصادية وتجارية متطورة جدا لان علاقاتنا السياسية جيدة، ولا مشاكل بيننا. لكن العلاقات التجارية بعيدة عن المستوى الذي نطمح له، ودلالة على ذلك أورد بعض الارقام عن معدل التبادل التجاري بين بلداننا في آخر خمس سنوات حيث كان على الشكل التالي: مع الأوروغواي استيراد 3 مليون دولار اميركي في السنة وتصدير مليون ونصف مليون دولار من لبنان. مع الباراغوي استيراد بمعدل 22 مليون دولار في السنة والتصدير من لبنان كان أقل من مليون دولار. مع البرازيل استيراد 377 مليون دولار في السنة وتصدير حوالى 18 مليون دولار من لبنان. مع الارجنتين استيراد 123 مليون دولار في السنة وتصدير مليون دولار من لبنان. وبذلك يكون معدل استيراد الدول الاربع في السنوات الخمس الاخيرة من لبنان قد بلغ 521 مليون دولار سنويا في وقت ان لبنان بلغت صادراته 21 مليون دولار لأربعة بلدان تضم 267 مليون نسمة بينهم عشرة ملايين متحدر من اصل لبناني".
وقال: "أكيد ان اللبناني يود استهلاك منتجات بلاده بنسبة اكبر، خصوصا وان لدينا منتجات لبنانية لا تنافس الدول في انتاجها كالبرازيل التي لا تنتج النبيذ وزيت الزيتون ومواد اخرى، ما يسمح لنا بالتصدير دون اي منافسة".
أضاف: "في الفترة الاخيرة فتح لبنان الباب امام الاستثمارات والشركات القادمة تحديدا من البرازيل لأخذ مشاريع كبرى في لبنان مثل بناء سد جنة، والدعوة المفتوحة دائما لشركات النفط للقدوم الى بحرنا ومياهنا. في المقابل لا يحسب لبنان بمساحته الصغيرة ولا بالاربعة ملايين ونصف مليون نسمة، فمساحته وحجم شعبه هو بحجم انتشاره. والانفتاح التجاري على لبنان هو انفتاح على كل المنتشرين اللبنانيين في كل العالم، ما يخلق المصالح المشتركة بين بلدنا وبلدانكم وتكون الحافز الاساسي في عملية تحقيق الربح والمصلحة من جانبكم بتوقيع الاتفاقية".
وتابع: "لا أخفي عليكم ان لبنان يعاني من مشاكل اقتصادية ومالية، وهو بحاجة لمعالجة العجز الكبير في ميزانه التجاري حيث ان حجم الاستيراد يفوق بخمس او ست مرات حجم التصدير، ما ينعكس بشكل كبير على ميزان مدفوعاتنا وعلى طبيعة اقتصادنا الذي تسعى الحكومة جديا الى تحويله الى اقتصاد منتج. والجهود التي ستبذلونها في الايام المقبلة تصب باتجاه تحسين هذا الاقتصاد وتحويله الى الانتاجية. المهم ان نتوصل بسرعة الى هذا الحل، وآمل ان نتمكن من ترجمة هذه الرغبة والتقارب بين بلداننا الى اتفاقيات ملموسة".
وختم: "لبنان يعاني كثيرا عن كل الدول جراء تحمله مشاكل هو غير مسؤول عنها، ليس هو من زرع اسرائيل وحذف فلسطين، وليس هو من سبب الازمة السورية، ومع ذلك يتحمل حوالي 50 في المئة من حجم شعبه كشعب مستضاف على ارضه مع تحمله كل الاعباء الناتجة عن ذلك. نحن نحمل مشاكل الارهاب ونتصدى لها باسم الإنسانية وباسم الدور الذي يحمله لبنان، ونأمل ان يصار الى تفهم وضعنا وتطوير العلاقات عبر توقيع هذه الاتفاقية، لنضع خارطة طريق واضحة الاهداف والتوقيت لنبشر الناس اننا اقتربنا من توقيع هذه الاتفاقية، واحترام التعهد الذي تلقيناه من دولة البرازيل ودولكم ان نكون وصلنا في الدورة الحالية الى انجاز الاتفاق وتوقيعه نهائيا".
بدوره، قال وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية: "بعد حضوري مؤتمر بلاد السوق الجنوبية المشتركة (الميركوسور) في ريو دي جانيرو الأسبوع الماضي، عدت بعزيمة وإصرار للعمل على هذه المفاوضات والتوصل إلى اتفاق بين دول الميركوسول ولبنان. وقد شجعني حرص البلدان الأعضاء على بناء الجسور بيننا، ولمست ذلك خلال الاجتماع الذي ترأسه اتحاد غرف التجارة والخدمات والسياحة. إن انضمام لبنان إلى اتحاد الغرف كمراقب لأول مرة في تاريخ الاتحاد قد أعطانا زخما كبيرا، وأنا على ثقة تامة بأنه سيرافقنا في عملنا هذا الأسبوع".
أضاف: "مع وجود أكثر من ثمانية ملايين لبناني في البرازيل والأوروغواي والباراغواي والأرجنتين، وحوالي أربعة ملايين هنا في لبنان، من الطبيعي أن نسعى إلى تطوير هذه العلاقة بين الميركوسور ولبنان. وإن وجودكم هنا كفريق تقني، يمثل دعم بلدانكم، والاهتمام المستمر الذي توليه للبنان. ولاهتمام حكومتنا ببلدان الميركوسور بعد دبلوماسي واجتماعي على حد سواء. أنا مثلا أحد الملايين من اللبنانيين الذين يحملون جواز سفر من بلاد الميركوسور، وهو دليل حي يثبت العلاقة التاريخية الطويلة بين أميركا الجنوبية ولبنان، خصوصا في ما يتعلق بالهجرة. فمن مصلحة حكومتنا أن تخدم، وأن تصل إلى العدد الكبير من جاليتنا هناك، بالإضافة الى جعل لبنان منطقة حرة لبلاد الميركوسور، وجعله بالتالي مركزا تجاريا أساسيا يوزع لأسواقها الجديدة في الشرق، سواء كانت في سوريا أو العراق أو الأردن أو الخليج".
وتابع: "كما أن الملايين من اللبنانيين يعيشون في بلاد السوق الجنوبية المشتركة (الميركوسور)، لدينا الكثير من حاملي جوازات سفر هذه البلاد هنا في لبنان، وهم يثقون في جهودنا للعمل من أجل علاقات اقتصادية وثيقة بيننا، إذ تسهل العلاقات التجارية التبادلات المستقبلية في مجالات السياحة والاستثمارات الدولية. مسؤوليتنا اليوم، وفي الأيام القليلة المقبلة، مسؤولية كبيرة، فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا لنظهر فعالية أكبر في سبيل إنجاز كافة المعاملات الورقية، من أجل التحضير للاتفاق بين لبنان وبلاد الميركوسور. ويعتبر عملكم التقني هذا الأسبوع مرحلة أساسية في المفاوضات بين بلاد السوق المشتركة الجنوبية ولبنان، ونأمل أن تكونوا قد حصلتم، عند عوتكم إلى الوطن، على كافة البيانات اللازمة للمضي قدما في هذا المشروع".
وختم: "نأمل أن يتبع عملنا هذا الأسبوع اجتماعات في الأرجنتين والأوروغواي والباراغواي والبرازيل، لمتابعة خطتنا وبناء جسر يقلص المسافات المادية بين بلادنا وبينها، من خلال صفقة تجارية من شأنها غرس النظم الإيكولوجية التي تعزز التنمية الاقتصادية، وتؤمن الانسجام بين السياسات الاقتصادية. وأنا بصفتي وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، وكوني أهتم شخصيا بالسوق المشتركة الجنوبية الميركوسول، أؤمن أننا متوازون في مهامنا، وأنا على اقتناع تام بأن الأيام المقبلة ستكون مثمرة، لأننا نسعى جميعا الى تحقيق الهدف نفسه، وهو المنفعة العامة لبلاد الميركوسور وللمجتمع اللبناني".
بعد ذلك، كانت كلمة رئيس بعثة جمهورية البرازيل الفيديرالية جانديرا فيريرا دوس سانتوس أعرب فيها عن سروره لوجوده في لبنان وافتتاح دورة المفاوضات الاولى لاتفاقية التجارة الحرة بين لبنان والمركوسور. وقال: "لطالما عملت دول المركوسور على هدف اساسي، ونحن مقتنعون بأن ترويج الاستثمارات التجارية وتعزيزها هي طريقة لجلب الدول الى بعضها البعض والتأكيد على الاستقرار. هذا امر حقيقي ليس فقط بالنسبة الينا كمجموعة ولكن بين المركوسور والشركاء الآخرين".
أضاف: "لقد عملت مركوسور جاهدة للانفتاح على باقي دول العالم والنتائج كانت مثيرة للاهتمام، مثل التوقيع الأخير لاتفاقيات التجارة الحرة مع دول الإتحاد الاوروبي ودول اخرى. لكن هذا ليس كافيا بالنسبة الينا، فنحن نريد ان نتقدم في هذه المسيرة لابرام اتفاقيات تجارية جديدة".
وتابع: "ان العلاقة بين لبنان ودول المركوسور تحمل طابعا تاريخيا، ونفتخر بأن تضم دولنا اكبر عدد من شتات اللبنانيين. نعرف انهم جزء من ثقافتنا، ونؤكد ان هذه الروابط الثقافية والعائلية يتم ترجمتها الى تدفقات تجارية، اضافة الى فرص للنمو المستدام من الجهتين".
وختم: "المحادثات للتجارة الحرة بين مركوسور ولبنان استمرت خمس سنوات، وأود ان اشكر الحكومة اللبنانية لاتخاذها كافة التدابير اللازمة لعقد هذا الاجتماع، واشكر ايضا كل ممثلي دول الميركوسور، وأشجع الجميع على ان تكون هذه المفاوضات مثمرة في نهاية هذا المؤتمر".
يشار الى ان أعمال اجتماع دول الميركوسور تستمر أربعة أيام في وزارة الخارجية والمغتربين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك