إستقبلت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية برئاسة السيدة كلودين عون روكز، جلالة ملكة السويد سيلفيا، رئيسة مؤسسة مينتور العالمية، للقاء سيدات رائدات من لبنان والإستماع إلى شهادات حياتهن، حيث حولن مصاعب الحياة وتحدياتها إلى قصص نجاح ورسالة صمود وإصرار وأمل بمستقبل أفضل.
حضر اللقاء، من الوفد السويدي، مساعدة الملكة آنا هاميلتون، السفير السويدي في لبنان يورغن لندستروم، وعضوة مجلس الادارة في "منتور" العالمية ايفون ثانل، والمديرة التنفيذية لـ"منتور" العربية ثريا إسماعيل، ومن الهيئة، نائبتا رئيسة الهيئة الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة والسيدة عبير شبارو إبراهيم وأعضاء الهيئة ونقيب الأطباء شرف بو شرف وعقيلته، وسيدات رائدات من لبنان.
افتتح اللقاء بكلمة السيدة عون روكز قالت فيها: "إنه لشرف لنا أن نستقبلكم بيننا يا صاحبة الجلالة، نرحب بكم في بلدنا. بلد صغير يعتبر ملتقى الحضارات، إلا أنه يتأثر بشدة بالأحداث التاريخية وبموقعه الجغرافي، اليوم، أتيتم إلينا يا صاحبة الجلالة، من أرض عريقة الجذور في التقاليد الأوروبية الشمالية، خمسة آلاف كيلومتر تفصل لبنان عن السويد، وعن معالم الاستقرار والأمن والمساواة. وعلى الرغم من أنهما يبدوان كعالمين مختلفين، إلا أن قضية واحدة توحدنا، وهي الكفاح المستمر من أجل حقوق المرأة".
وتابعت: "اليوم، يا صاحبة الجلالة، نحتفل بالنساء الرائدات من لبنان، نحتفل بالنجاح الذي يتحدى كل العقبات، نحتفل بالأمل الذي يتغلب على اليأس، نحتفل بالعمل الشاق الذي يطغى على عدم المبالاة ونحتفل بالمرونة التي تتغلب على كل الصعاب. محصنات بالمرونة والإرادة القوية للمضي قدما، تعهدنا، في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، أن نسير في طريق طويل وحاد في الكفاح من أجل حقوق المرأة اللبنانية وصولا للمساواة على جميع المستويات.
وبالإضافة إلى التحديات السياسية والأمنية التي مر بها بلدنا، نجد أنفسنا في مجتمع يقع ضحية الصور النمطية الموروثة من المجتمع الذكوري التي تعيق وصول المرأة إلى المراتب العليا في المجتمع.
وأخذت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة على عاتقها أن تساهم وتشهد على تحقيق الإنجازات والخروقات. وبالإضافة إلى وجود خطة طويلة الأمد لتغيير هذه الثقافة التقليدية، تقوم الهيئة بسلسلة من المبادرات، بهدف التغيير الإيجابي الذي نسعى إليه، في مجتمع يتوق إلى المساواة والعدالة."
أضافت: "تتولى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، التي أنشئت في عام 1998 عقب مؤتمر بيجين من أجل تعزيز مكانة المرأة في لبنان، مهاما ثلاثة: إستشارية لدى رئاسة الحكومة، تنفيذية للعمل على إعداد وتنفيذ المشاريع، وتنسيقية بين الحكومة والإدارات والمؤسسات العامة ومختلف المنظمات غير الحكومية. تتعدد المجالات التي تحتاج إلى إصلاح شامل، من القوانين، إلى إنفاذ القوانين، إلى التعليم، إلى مشاركة المرأة في السياسة والاقتصاد، بالإضافة إلى تغيير جذري في الصورة النمطية للمرأة في المجتمع الذكوري.
وتابعت: "نحن نعاني من قوانين مر عليها الزمن، تكرس التمييز وتشجع الممارسات التي تعارض بشكل جذري مبادئ حقوق الإنسان، ناهيك عن حقوق المرأة. وبعد نضال طويل، تمكنت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة من الحث على إقرار قوانين جديدة، وتحديث القوانين القائمة، وحتى إلغاء البعض منها، بهدف مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة، وضمان المساواة وحماية المرأة من مختلف مظاهر العنف".
واردفت: "على سبيل المثال لا الحصر قمنا بتمديد إجازة الأمومة، وبتعديل قوانين الإعفاء الضريبي وتعويضات نهاية الخدمة، وألغينا القوانين التي كانت تعفي المغتصب من العقاب إذا تزوج من ضحيته. وبعد 7 سنوات من العمل الشاق ، تمكنا من إقرار قانون لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، ونواصل الجهود من أجل تنفيذه بالكامل، بالإضافة إلى إنشاء نظام حماية لضحايا العنف الأسري. كما أعدت الهيئة مشروع قانون يتيح للأمهات اللبنانيات نقل جنسيتهن إلى أطفالهن في إطار يحترم الدستور اللبناني".
اضافت: "ومن قانون تجريم التحرش الجنسي لا سيما في مكان العمل، إلى إعداد مشروع قانون يمنع زواج القاصرات، تتجاوز أهداف الهيئة القضايا الاجتماعية لتصل إلى القطاعات الاقتصادية والسياسية. في هذا الإطار، عملنا على مبادرات تعاون بين القطاعين العام والخاص لتشجيع النساء في مجال الأعمال كجزء من خطة تمتد على خمس سنوات تهدف إلى زيادة نسبة النساء الناشطات في القوى العاملة بنسبة 5 ? مع تعزيز مشاركتهن في مناصب صنع القرار الاقتصادي. فالاستقلال المالي للمرأة لا يقل أهمية عن حقوقها الأساسية على جميع المستويات".
وقالت: "أما على المستوى السياسي، فشجعت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة مشاركة النساء في السياسة من خلال المطالبة بتحديث قوانين الترشح للانتخابات البلدية، وتضمين القانون الإنتخابي كوتا نسائية يسمح للمرأة الوصول إلى البرلمان، ولعب دور فعال في الديموقراطية اللبنانية، أقدم ديموقراطية في الشرق الأوسط، ولا يزال عدد النساء في البرلمان والحكومة حتى الآن خجولا على الرغم من بعض التقدم الذي شهدناه مؤخرا. فلدينا حتى الآن ست نساء نواب في البرلمان وأربعة وزيرات".
وأشارت إلى أنه "بالتعاون مع ممثلين عن المجتمع المدني والإدارات العامة، أعدينا خطة عمل وطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن. ويؤكد القرار من جديد على الدور الجوهري للمرأة في منع النزاعات، وحمايتها أثناء النزاعات ودورها في إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراعات، بما في ذلك مفاوضات السلام وبناء وحفظ السلام والاستجابة الإنسانية. وأقر مجلس الوزراء هذه الخطة وتعهد بتقديم الدعم الكامل لها.
وقالت: "على المستوى الاجتماعي، إن جميع الأنشطة التي تقوم بها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة تكون مصحوبة بحملات توعوية عامة ومبادرات تصل إلى المدارس والجامعات، لأننا نؤمن أن السلاح الأهم الذي يمكن أن نحصل عليه هو التعليم والتعليم فقط. لهذا السبب تضاعفت جهودنا على هذه المستويات على شكل طاولات مستديرة ومناقشات عامة ومؤتمرات ".
وتابعت: "في وسط هذه المعركة، لا يمكن للنساء أن ينجحن من دون دعم نساء أخريات. فالتضامن هو المفتاح، التعاون بين المنظمات الحكومية والمنظمات غير الحكومية عامل أساسي. ونؤمن أن التغيير يبدأ من أصغر وحدة في المجتمع وهي الأسرة فالتعاليم التي تغرس في الأطفال داخل أسرهم سوف تطبع شخصياتهم عندما يكبرون. في هذا الإطار، تكتسب مذكرة التفاهم بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة و"مينتور العربية" الزخم والأهمية."
وقالت: "صاحب الجلالة، نحتفل اليوم بالنساء اللبنانيات الرائدات اللواتي يجب الاعتراف بإنجازاتهن والثناء عليها. لقد تحدت هؤلاء النساء مخاوفهن وأحزانهن وآلامهن في عملية الخلق العظيمة. لقد حولن قدرتهن على التحمل إلى النجاح لأنفسهم ولمجتمعهن وبلدهن. وتحدت بعضهن الصور النمطية الجامدة الموروثة عن دور المرأة وأثبتن أنفسهم من خلال قصص نجاح مذهلة. إن هذا النوع من قصص النجاح هو الذي نسعى لتشجيعه اليوم، حيث نحاول أن نكون قدوة للمجتمع بأسره".
وختمت: "مرة أخرى، يا صاحبة الجلالة، إنه لشرف لنا أن تكونوا بيننا، لنطلعكم على تجربتنا في مجال حقوق المرأة والسعي لتحقيق المساواة على جميع المستويات. أنا متأكدة أن لدينا الكثير لنناقشه ومن خلال تضامن دولي، أنا متأكدة أننا سنتمكن من تحقيق إنجازات ملحوظة."
بعدها ألقت السيدة ثريا إسماعيل، المديرة التنفيذية لمؤسسة مينتور العربية كلمة قالت فيها: "جوهر كل ما نقوم به هو إحداث تغيير في حياة الشباب وحتى الآن، تمكنا من إحراز تقدم كبير في هذا المجال ذلك بفضل دعم الحكومات والجهات المحلية والمنظمات الدولية والمؤسسات الإعلامية والأكاديمية وغيرها".
وبعد عرض فيلمين قصيرين عن مؤسسة "مينتور العربية" وعن أبرز حقوق النساء التي تدعمها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة وتسعى إلى تحقيقها، استمعت جلالة الملكة إلى 9 شهادات حياة لسيدات رائدات من لبنان، كان أولها للقاضية أرليت جريصاتي، قاضية شرف، أستاذة قانون، رئيسة جمعية "The Feminine Promotion Association" ورئيسة اللجنة القانونية في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، حيث عرضت المسؤوليات التي تحملتها والتحديات التي واجهتها عند متابعتها دراستها الجامعية بعد زواجها، ومن ثم لدى دخولها معهد الدروس القضائية وبعد تثبيتها كقاض، وتكلمت عن انغماسها في العمل الانساني وتأسيسها لجمعيتين خيريتين، وختمت مشددة على اهمية وصول المراة اللبنانية الى مراكز القرار ومسؤوليتها كأم في تربية الاجيال الصاعدة.
بعدها تحدثت السيدة سارة بيضون، مؤسسة ومصممة Sarah's Bag فأكدت أنه :" عند إعداد كل تشكيلة من حقائب "ساراز باغ" نعتمد على تدريب هؤلاء النساء المهمشات على تقنية التطريز والشك التقليدية مقابل مدخول يعتمدون عليه".
وختمت: "هكذا أصبحت "ساراز باغ" مؤسسة ذات مسؤولية اجتماعية تحرص على تنمية قدرات ومصلحة النساء المهمشات وعلى تلبية متطلبات الموضة للواتي يبحثن عن الأناقة الدائمة بهدف راق ونبيل".
أما السيدة ليا بارودي، عضو مؤسس ورئيسة "جمعية مارتش" فتحدثت عن مكافحة الصراعات والتطرف من خلال استخدام الفن والثقافة وتنمية المجتمع. وتشاركت مع الحاضرات خبرتها في مجال حل النزاعات الطائفية بين الشباب في المناطق المهمشة في لبنان، خاصة في طرابلس، في شمال لبنان. كما منحت السيدة بارودي من الملكة اليزابيت وسام الفروسية البريطاني بسبب عملها الملهم ومسيرتها الدؤوبة.
بعدها كانت كلمة للسيدة لبنى عزالدين مؤسسة ورئيسة جمعية "سند"، حيث أكدت أنها أسست الجمعية للعناية التلطيفية في لبنان مع مجموعة من المتخصصين في مجال القانون والطب والتنمية الاجتماعية، بعد تجربتها في العناية التلطيفية في الاردن. وعرضت التحديات التي واجهتها على مستوى بناء المؤسسة بشكل يضمن استدامتها وانتشارها في لبنان.
اضافت: "اليوم تضم سند 24 موظفا من أطباء وممرضين و معالجين نفسيين ووحدة مشاريع وبحوث. نجحت جمعية سند بدعم اكثر من 800 مريض في منطقتي بيروت الكبرى والبقاع الاوسط. كما تعمل بالشراكة مع جهات محلية واقليمية ودولية على اقامة مشاريع تدريب وبناء قدرات للعاملين في مجال الرعاية الصحية في لبنان والمنطقة العربية.
أما السيدة زينا قصار قاسم، رئيسة جمعية Roads for Life صندوق طلال قاسم للعناية بذوي الإصابات البليغة، التي فقدت ابنها طلال وهو في زهرة شبابه دهسا في صبيحة التاسع عشر من تشرين الأول عام ????، فأكدت أنه منذ ذلك اليوم انقلبت حياتها رأسا على عقب، لكنها سريعا ما قاومت الموت بالحياة واليأس بالرجاء والعزلة بالعمل، من خلال جمعيتها وإنقاذ حياة الآخرين.
بعدها تشاركت السيدة غادة حايك مخول، مؤسسة ورئيسة جمعية Autism Awareness Association AAA مع الحاضرين خبرتها مع مرض التوحد، الذي أصاب ابنها في عمر مبكر. هي مهندسة كومبيوتر، تركت عالم الأعمال واتجهت إلى عالم آخر، هو عالم توعوي اجتماعي إنساني، وهي تناضل يوميا في سبيل نشر التوعية على مرض التوحد وتعميم مفهوم الدمج ودعم الأهالي، من خلال تأسيسها لجمعية AAA.
كما ألقت أمينة سر ورئيسة قسم التصميم في جمعية L'Ecoute الآنسة نادرة سماحة، شهادة حياة، قالت فيها: "انا انسانة "متلي متلكن"، أقود السيارة يوميا، وأنظر إلى المرآة بالرغم من أنني لا أسمع "الزمور"، أرقص بالرغم من أنني لا أغني، أسافر وأكتشف البلدان حتى ولو كنت أعاني من صعوبة في النطق، باختصار أستطيع أن أفعل كل شيء ما عدا السمع."
وختمت:" أنا أصبحت مستقلة وصاحبة القرار في المجتمع لأنني محظوظة بالداعمين لي ومنهم أهلي ومدرستي، وأعلم اليوم لغة الإشارة لأشخاص يسمعون، لكي يختبروا الحياة مثلي".
أما الشهادة التاسعة فكانت للآنسة راكيل بهنام، كاتبة قصة "Sense Of Tumor"
تحت عنوان "لدي صوت وسأستخدمه". أصيبت بسرطان الدم مرتين، وهي أحدى الناجيات من زراعة النخاع العظمي، ومؤلفة كتاب Sense Of Tumor 1- 2 .واعتبرت بهنام أن السرطان هو من أفضل الأشياء التي حصلت لها في حياتها، متسلحة بالقوة والصلابة.
وفي ختام اللقاء، شكرت جلالة الملكة الحضور والمشاركات في شهادات الحياة، وأبدت إعجابها بمسيرة النساء في لبنان، وقالت:" سيداتي أنتن أقوياء ومناضلات وأنا فخورة بكن وبإنجازاتكن" ووقعت على الكتاب الذهبي للهيئة الوطنية لشؤون المرأة.".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك