توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الايرلندي الدكتور مايكل هيغنز على "ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في المجالات كافة، لا سيما في مختلف المحافل الدولية، وفق دينامية متجددة لتعاون يخدم مصالح البلدين المشتركة".
وجدد الرئيس عون موقف لبنان "المتمسك بالاحترام الكامل للقرار 1701 وبحقه المشروع في الدفاع عن النفس"، واصفا محاولة اسرائيل تغيير الوضع القائم في 25 آب الماضي عبر الطائرات المسيرة بانه "اخطر خرق اسرائيلي لهذا القرار الذي هدد الاستقرار وكاد ان يشعل المنطقة".
وأعاد رئيس الجمهورية التأكيد، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده ونظيره الايرلندي، "أهمية التوصل الى حلول سياسية للأزمة السورية، وضرورة الاسراع في ايجاد حل لازمة النازحين يساهم في اعادتهم الى بلادهم ومنحهم المساعدات الانسانية فيها، لعدم قدرة لبنان على تحمل المزيد من اعباء حجم هذا النزوح المضافة الى اعباء اللاجئين الفلسطينيين". وطالب نظيره الايرلندي ب"انضمام بلاده الى مجموعة الدول المؤسسة لاكاديمية الانسان للتلاقي والحوار، عبر التوقيع على اتفاقيتها الدولية".
من جهته، اكد الرئيس هيغنز ان بلاده على "استعداد لتقديم اكبر دعم ممكن الى جهود الحكومة اللبنانية الآيلة الى خلق اقتصاد حيوي يتناسب مع الجهود للتعاطي مع التغيير المناخي الذي يضمن الاستدامة ويؤمن الاندماج الاجتماعي المطلوب لتحقيق الاستقرار على الامد الطويل، ومشاطرة تجربتها الخاصة في التنمية الاقتصادية، بما في ذلك من خلال توظيف مواهب المنتشرين وخبراتهم".
وأعرب عن سروره "لمشاركة ايرلندا في رعاية انشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، ولعل من احد اسباب انشائها، اعطاء الفرصة للاعتراف بأنه عند انتهاء عمليات السلام، لا يجب ان تترك بل يجب السعي الى ايجاد افكار جديدة حيالها، لانه ما من بلد في العالم يجب ان يعتمد نهج العنف، واذا ما سلمنا بهذا الامر، فهو اعتراف بالفشل الانساني".
وشدد الرئيس الايرلندي على "استمرار دعم بلاده لقوات "اليونيفيل" ومشاركتها في عديدها، منوها بما قام به لبنان على صعيد استضافة النازحين السوريين، ومعتبرا انه لا يجب ان يترك لوحده في تحمل هذه المسؤولية".
وكان الرئيس الايرلندي وصل وقرينته السيدة سابينا ماري هيغنز الى قصر بعبدا عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والاربعين يرافقهما رئيس بعثة الشرف الوزير المرافق وزير المهجرين غسان عطالله، حيث كان في استقبالهما الرئيس عون واللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون. واقيمت للرئيس الضيف مراسم الاستقبال الرسمي التي بدأت بعزف النشيدين الوطنيين الايرلندي واللبناني، ليستعرض الرئيسان عون وهيغنز بعد ذلك ثلة من حرس الشرف، فيما رفع العلم الايرلندي الى جانب العلم اللبناني على سارية القصر.
بعد ذلك، صافح الرئيس عون اعضاء الوفد الرسمي الايرلندي الذي ضم وزير الدولة لشؤون الدفاع PAUL KEHOE ، السفير الايرلندي في لبنان SEAN O'REGAN، امين السر العام في قسم الدفاع MAURICE QUINN رئيس اركان القوى المسلحة الايرلندية الاميرال MARK MELLET، ، نائب امين السر العام للرئيس CONOR O'RAGHALLAIGH، نائب امين السر العام في قسم الشؤون الخارجية والتجارة BRENDAN ROGERS ، مستشارة الرئيس CLAIRE POWER ، مساعد الرئيس التنفيذي McCARTHY KEVIN القنصل العام لايرلندا في لبنان GEORGES SIAM.
ثم صافح الرئيس الايرلندي اعضاء الوفد اللبناني: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، الوزير عطاالله، سفير لبنان في لندن السفير غير المقيم في ايرلندا رامي مرتضى، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، والمستشارون العميد المتقاعد بولس مطر، السفير شربل وهبه، مدير مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، والآنسة رلى نصار.
وتوجه بعد ذلك الرئيسان عون وهيغنز الى "صالون السفراء" حيث عقدا محادثات ثنائية اعقبتها محادثات موسعة بحضور باقي اعضاء الوفدين اللبناني والايرلندي ركزت على سبل تطوير العلاقات الثنائية على مختلف الاصعدة. وقد رحب الرئيس عون بالضيف الايرلندي وتمنى ان يكون لبلاده سفيرا مقيما في لبنان شاكرا لها حضورها فيه ومساهمتها منذ خمسين عاما بمراقبين دوليين، ومن ثم من خلال قوات اليونيفيل حيث سقط لها 46 شهيدا على الاراضي اللبنانية.
واوضح رئيس الجمهورية ان "لبنان يبذل جهده على الحدود الجنوبية للمحافظة على الهدوء والاستقرار وهو يحترم القرار 1701 في ظل مواصلة اسرائيل انتهاكها له وخروجها عن مندرجاته، واصفا اعتداء اسرائيل بطائرتين مسيرتين في شهر آب الماضي على الضاحية الجنوبية من بيروت بانه اخطر خرق اسرائيلي لهذا القرار منذ العام 2006. وشكر الرئيس عون لايرلندا تأييدها لانشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، مؤكدا ان "لبنان سيصوت الى جانب ترشيحها كعضو غير دائم في مجلس الامن".
وأكد الرئيس عون "عمق العلاقات التي تجمع لبنان بايرلندا ودعمهما المتبادل في المحافل الدولية"، متمنيا ان "يتواصل تطور العلاقات الثنائية على مختلف الاصعدة لما فيه خير البلدين والشعبين الصديقين".
من جهته، عبر الرئيس هيغنز عن سعادته بزيارته الثانية الى لبنان والاولى كرئيس لايرلندا، لافتا الى انه "لطالما ابدى اهتماما كبيرا بلبنان منذ كان يدرس العلوم السياسية والنصوص الدستورية اللبنانية". واشار الى ان "الايرلنديين الذين خدموا في لبنان منذ العام 1958 كانوا يتحدثون عندما يعودون الى بلادهم عن العلاقات التي اقاموها مع المجتمعات المحلية وينقلون الانطباع الايجابي الذي تكون لديهم عن حكمة وحسن ضيافة شعبكم الكريم، بحيث اصبح المجتمع الايرلندي يعرف عن المجتمع اللبناني اكثر مما يعرف عن اي مجتمع آخر، مؤكدا استمرار مساهمة ايرلندا في مساعدة لبنان طالما هو بحاجة اليها".
وشدد الرئيس هيغنز على انه "سيدعم شخصيا مبادرة الرئيس عون بانشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" التي من شأنها معالجة قضايا المنطقة في ظل التنوع الذي تعيشه"، مؤكدا انه "لا يمكن لنا ان نقع في فخ كراهية التاريخ بل علينا ان نقوم ببادرة كرم من خلال التزاوج والتلاقي من اجل المستقبل".
وشكر الرئيس عون على دعم لبنان ترشيح ايرلندا في مجلس الامن، معربا عن رغبته في ان "تسمح زيارته هذه في تعميق العلاقات الثنائية، مؤكدا انه سيطلب من الوكالات الحكومية الايرلندية تعميق العلاقات الدستورية بين البلدين، لا سيما وان ثمة الكثير من المجالات المتاحة لتبادل الدعم بينهما ومشاطرة المعلومات". ووعد ان ينقل رغبة الرئيس عون الى الحكومة الايرلندية في ان يكون لبلاده سفارة مقيمة في بيروت.
واوضح الرئيس هيغنز ان "موقف ايرلندا مماثل لموقف لبنان من الازمة السورية"، معتبرا انه "لا يمكن احراز تقدم في ملفي المهاجرين والهجرة ما لم يتم انشاء صندوق عالمي يعالج الاسباب الاساسية التي ادت للهجرة والتغير المناخي، فضلا عن قضايا الراغبين بالعودة والمخيمات الانتقالية ومسألة الانخراط والاندماج في المجتمعات التي ترغب به، معتبرا ان ازمة اللجوء تسوء ونحن نحتاج لجهد دولي لحلها" . ولفت الى دفاعه عن هذه المسألة في نيويورك "لا سيما وان اكثر من 60% من اللاجئين يريدون العودة الى ديارهم، مشددا على ضرورة ادارة ازمة الهجرة انطلاقا من وجهة نظر عالمية بعدما تم التعاطي معها بردة فعل".
وفي هذا السياق، اعتبر الرئيس عون ان "لبنان يتلقى بايجابية كل الاقتراحات المفيدة الا انه يجد نفسه اليوم تحت اعباء كبيرة تلقيها عليه ازمتا النزوح واللاجئين في ظل وجود اكثر من مليوني شخص فلسطيني وسوري على ارضه"، مستغربا "اصرار المجتمع الدولي على ربط عودة النازحين الى سوريا بالحل السياسي فيها، رغم ان سوريا تريد عودة هؤلاء اليها".
وختم الرئيس الايرلندي بالتأكيد ان "لبنان سيحظى بدعم بلاده في المجتمع الدولي من اجل معالجة المسائل الانسانية الحالية"، لافتا الى ان "ايرلندا حاولت سد الهوة التي تركها خروج الولايات المتحدة من تمويل العديد من الوكالات الدولية"، وقال: "ان ايرلندا تدعم سيادة لبنان البالغة الاهمية بالنسبة لنا"، متحدثا عن الذعر ازاء فكرة استعمال المهاجرين كورقة ضغط.
ثم توجه الرئيسان عون وهيغنز الى "صالون 22 تشرين الثاني" حيث عقدا مؤتمرا صحافيا استهله الرئيس عون بكلمة جاء فيها: "سعدت بلقاء فخامة الدكتور مايكل هيغنز رئيس جمهورية ايرلندا، في مستهل الزيارة التي يقوم بها والسيدة قرينته الى لبنان. وكان اللقاء مناسبة عبرت له فيها عن بالغ الامتنان لمحبته للبنان الذي كان زاره في السابق. كما انه سبق لنا ان التقينا منذ اسابيع في نيويورك لمناسبة انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة.
واني اغتنم اللقاء لأحيي جهود فخامته في ارساء ثقافة التغيير السياسية القائمة على اطلاق مبادرات ايجابية في شتى الميادين لتشجيع الاستثمار في خدمة تطلعات شعوبنا لا سيما اجيالنا الشابة. وقد ابلغت فخامته ان ما يجمع بلدينا اكبر بكثير من مجرد التمسك بقيم السلام والديموقراطية، بل يتعداه الى رفض الاحتلال والظلم ومقاومة اشكالهما، وصولا الى الدفاع عن كل ما يصون كرامة الانسان وحقوقه.
وهذه قيم عكستها مشاركة ايرلندا الفاعلة في قوات حفظ السلام في الجنوب (اليونيفل)، حيث ساهمت في الحفاظ على امن لبنان واستقراره، منذ اكثر من 40 سنة متواصلة، الامر الذي اوجد جيلا ايرلنديا كاملا متعاطفا مع لبنان وقضاياه، بادله اللبنانيون بكامل المحبة والتقدير. ولا يسعني هنا الا ان احيي ارواح الشهداء ال46 من ايرلندا الذين امتزجت دماؤهم بتراب وطننا في الجنوب.
وأطلعت فخامته على تمسك لبنان بالاحترام الكامل للقرار 1701 القاضي بانسحاب اسرائيل من الاراضي التي ما زالت تحتلها، مع تمسكه بحقه المشروع في الدفاع عن النفس، لا سيما وان اسرائيل تمعن في انتهاك هذا القرار برا وبحرا وجوا. وما المحاولة التي قامت بها لتغيير الوضع القائم في 25 آب الماضي عبر الطائرات المسيرة الا الدليل القاطع على ذلك. وقد شكل الامر اخطر خرق لهذا القرار، هدد الاستقرار وكاد ان يشعل المنطقة.
وركزنا على اهمية التوصل الى حلول سياسية للأزمة السورية، وضرورة الاسراع في ايجاد حل لازمة النازحين، يساهم في اعادتهم الى بلادهم، ومنحهم المساعدات الانسانية فيها، بقطع النظر عن توقيت التوصل الى هذا الحل، لا سيما وان لبنان لم يعد بمقدوره تحمل المزيد من الاعباء نتيجة ضخامة حجم هذا النزوح المضافة الى اعباء اللاجئين الفلسطينيين التي يتحملها منذ نحو سبعة عقود.
وكررت شكر فخامته على رعاية بلاده الصديقة وتأييدها لقرار انشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة في 16 ايلول الماضي. وطالبته بانضمام ايرلندا الى مجموعة الدول المؤسسة لهذه الاكاديمية عبر التوقيع على اتفاقيتها الدولية.
وانطلاقا من عمق الروابط المتعددة التي تجمعنا، توافقنا على ضرورة تفعيل علاقاتنا الثنائية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في ما بيننا في المجالات كافة، لا سيما في مختلف المحافل الدولية، وفق دينامية متجددة لتعاون يخدم مصالحنا المشتركة".
مرة جديدة، ارحب بكم في لبنان مع الايرلندية الاولى، متمنيا لكم طيب الاقامة في الربوع اللبنانية التي تعرفون وتحبون".
ورد الرئيس هيغنز بكلمة جاء فيها: "إنه لمن دواعي سروري ان آتي الى هنا مجددا، في زيارتي الثانية الى لبنان بصفتي رئيسا، وزيارتي الرسمية الاولى. ان حسن الضيافة ميزة يشتهر بها لبنان، وهنا اود ان اشكركم على الاستقبال الرائع الذي خصصتموني به وزوجتي سابينا والوفد المرافق. لقد عقدنا للتو اجتماعا مفيدا جدا تمكنا خلاله من استكمال المحادثات التي كنا قد بدأناها في نيويورك في اواخر شهر ايلول.
تاريخيا، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين ايرلندا ولبنان. فكلاهما بلدان صغيرا الحجم مع عدد سكان منخفض نسبيا، وقد مرا بفترة من الاستعمار واختبرا الصراعات الداخلية، والطائفية المدمرة، وكلاهما يعرفان قصة الهجرة والنفي وتشتت شعبيهما في جميع انحاء العالم. هذه هي المواضيع التي، بحسب اعتقادي، تقربنا اكثر بعد من بعضنا البعض.
إن العلاقة الثنائية بين ايرلندا ولبنان قوية، وطدتها هذه التجارب. ولعل مرور هذا العدد الكبير من الجنود الايرلنديين بلبنان ضمن خدمة الامم المتحدة - 70 الف دورة خدمة فردية - يعني ان اسماء القرى والبلدات الجنوبية مألوفة للآذان الايرلندية . ان عاطفة الشعب الايرلندي تجاه لبنان وتعاطفه معه حقيقيان جدا، وانني على يقين بأن اللبنانيين سرعان ما يكتشفونهما عندما يسافرون الى ايرلندا.
عندما كنت طالبا شابا في العلوم السياسية، كانت النصوص الدستورية والانجازات اللبنانية تحتل مكانة مهمة ضمن المنهج، وعن حق. فلبنان ذائع الصيت من حيث قيم التعددية والتسامح والانفتاح. وهذا تجلى من خلال الاستضافة الكريمة التي يؤمنها للنازحين القادمين من النزاع السوري منذ سنوات طوال. نعرف ان الامر لم يكن بالسهل، وانكم يجب ان لا تتركوا لوحدكم لتحمل هذه المسؤولية.
لقد ساهمت ايرلندا في المساعدات الانسانية في اطار الازمة السورية والمنطقة اكثر مما ساهمت في اي ازمة اخرى. كما ان ايرلندا منحت اللجوء لحوالي 1700 سوري كانوا قد وفدوا الى لبنان اولا، واننا على ثقة بأن هؤلاء الاشخاص سوف يضيفون الى تجربة ايرلندا الثقافية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال خلق نسيج متجانس من تراثات ثقافية غنية تلعب كلها دورا حيويا في هويتنا المشتركة.
اننا نعترف بالطبع بالتحديات الاوسع التي يواجهها لبنان في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة، ونحن على استعداد للتعاون في اطار مشاريع جديدة او قائمة. كما تحرص ايرلندا على تقديم اكبر دعم ممكن الى جهود الحكومة اللبنانية الآيلة الى خلق اقتصاد حيوي يتناسب مع الجهود للتعاطي مع التغيير المناخي الذي يضمن الاستدامة ويؤمن الاندماج الاجتماعي المطلوب لتحقيق الاستقرار على الامد الطويل. وقد لمسنا في كل مكان روح المبادرة والابتكار التي يتمتع بها الانتشار اللبناني والتي يمكن نقلها الى الوطن ايضا. وايرلندا على استعداد لمشاطرة تجربتها الخاصة في التنمية الاقتصادية، بما في ذلك من خلال توظيف مواهب المنتشرين وخبراتهم.
ان احد الابعاد البالغة الاهمية في العلاقة الثنائية بين ايرلندا ولبنان هو الالتزام الايرلندي الطويل الأمد في قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). فحفظ السلام هو جزء حيوي من السياسة الخارجية الايرلندية، علما بأن التزامنا يعود 60 سنة الى الوراء، الى اول انتشار ايرلندي في اطار عمليات حفظ السلام. وتبقى قوة اليونيفيل اكبر مهمة ايرلندية لحفظ السلام. كما ان سقوط 46 جنديا ايرلنديا اثناء الخدمة ضمن هذه المهمة يضيف رابطا مؤثرا جدا بين جيشنا وهذه الارض. واشكركم، فخامة الرئيس، من كل قلبي على تحيتكم لارواح الجنود الايرلنديين الشهداء الذين سقطوا في لبنان، وسوف نواصل تقديم هذه المساهمة من اجل سلام لبنان وأمنه، ايمانا منا بأن حفظ السلام عنصر جوهري في جهودنا الانسانية.
لقد تسنى للرئيس عون ولي ان نمعن في مناقشة انشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" في الجمعية العامة للامم المتحدة هذا العام. ادرك انه ملتزم شخصيا هذه المبادرة التي سوف تؤمن ندوة حيوية لتعزيز السلام والتفاهم على الصعيد الدولي. ويسر ايرلندا انها قد شاركت في رعاية انشاء هذه الاكاديمية التي طرحها الرئيس عون ولعل من احد اسباب انشائها، اعطاء الفرصة للاعتراف بأنه عند انتهاء عمليات السلام، لا يجب ان تترك بل يجب السعي الى ايجاد افكار جديدة حيالها، لانه ما من بلد في العالم يجب ان يعتمد نهج العنف، واذا ما سلمنا بهذا الامر، فهو اعتراف بالفشل الانساني.
ختاما، فخامة الرئيس عون، اود ان اشكر لبنان على التزامه دعم ترشح ايرلندا الى مجلس الامن لفترة 2021-2022. بصفتنا بلدا صغيرا، اننا على يقين بأننا يجب ان نعول على نظام دولي يرتكز على القواعد. ونحن ملتزمون بعمق اتخاذ مقاربات متعددة الاطراف للتحديات العالمية العديدة التي نواجهها. سبق لنا ان كنا اعضاء في مجلس الامن في الماضي، ولطالما اتخذنا مواقف مبدئية، حاملين راية القانون الدولي والسلام والأمن وحقوق الانسان والكرامة. وهذا ما سنفعله اذا ما انتخِبنا مجددا".
وقال باللغة الايرلندية: "مرة اخرى، لكم الف شكر ولشعب لبنان كل الخير والبركات".
واقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء رسمي على شرف الرئيس الايرلندي وقرينته، حضرها اعضاء الوفدين اللبناني والايرلندي، وعدد من الوزراء وسفراء الدول الاوروبية المعتمدين في لبنان، وعميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري وعميد السلك القنصلي جوزف حبيس اضافة الى كبار المسؤولين والمستشارين في رئاسة الجمهورية.
وشرب الرئيس عون نخب الرئيس الضيف وبلاده والقى كلمة قال فيها: " فخامة الرئيس، السيدة هيغينز، يسرني أن أرحب بكما والوفد المرافق أجمل ترحيب، وأنتم تمثلون دولة يرتبط معها لبنان بعلاقات صداقة متينة، وبروابط إنسانية عميقة، من منطلق إيماننا بقيم مشتركة جوهرها الحرية والعدالة والسلام، ورفض الظلم والاحتلال ومقاومتهما.
من هذا القبيل، وقفت إيرلندا دوما إلى جانب لبنان وقضاياه العادلة، ودافعت بثبات عن سيادته واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه. ولبلادكم تاريخ طويل في المساهمة في عمليات حفظ السلام في العالم، ولاسيما في كوسوفو وليبيريا وتشاد وتيمور الشرقية وأفغانستان وقبرص. إلا أن لبنان هو الدولة الأولى التي نشرت إيرلندا على أراضيها، قوات مراقبة، ومن ثم حفظ سلام، منذ حوالي خمسة عقود، تنفيذا لقرارات الامم المتحدة، ودفعت فيها 46 شهيدا من خيرة شبابها.
فخامة الرئيس، عملا بقوة التزامنا بالعمل معا من أجل تعزيز علاقاتنا الثنائية في مختلف الميادين، خدمة لتطلعات شعبينا الصديقين، أشرب نخب صحتكم وهنائكم الشخصي، وصحة وهناء السيدة قرينتكم.
كما أرفع كأسي أيضا لعزة الأمة الإيرلندية العظيمة وشعبها الصديق".
ورد الرئيس الايرلندي بكلمة جاء فيها: "اود أن اشكر فخامة الرئيس على كلماته الطيبة وعلى حسن الضيافة اللبنانية التي اختبرناها منذ أن وطأت اقدامنا ارض لبنان. نشكركم، باسمي الشخصي وباسم زوجتي والوفد المرافق الذي يضم الى أشخاص آخرين وزير الدفاع ووزير الدولة لشؤون الانتشار.
لقد تأثرت كثيرا إزاء ذكركم لتاريخنا المشترك في مجال الدفاع عن الاستقلال وقيمنا المشتركة التي نطبقها في دعمنا المتبادل ضمن الامم المتحدة والمحافل الدولية.
إن حرارة العلاقة بين بلدينا ليست على المستوى الرسمي حصرا، ولكن حضرت مع جنود حفظ السلام الايرلنديين الذين كانوا يخدمون في لبنان عندما كانوا يعودون الى بلداتهم وقراهم في ايرلندا وكانوا يتحدثون عن مشاهداتهم، وعما اختبروه، كما عن الاواصر الانسانية التي تربطهم بسكان الجنوب وشعبه.
هناك العديد من الفرص المتاحة امامنا من أجل تعميق العلاقات التاريخية التي تربط بلدينا وهناك المزيد من الفرص للمستقبل، وآمل أن تتيح زيارتي المجال من أجل توطيد هذه العلاقات على صعيد المؤسسات وزيادة التبادل بين البلدين.
سوف نواصل في المؤسسات الدولية التعاون مع بعضنا بمثابة حلفاء واصدقاء واتخاذ مواقف مبدئية في وجه التهديدات، كما امام الفرص للعمل معا من اجل السلام الاقليمي والعالمي.
واحتفاء بما تشاركنا به وبما سوف نعمل عليه، وتوطيدا لهذه العلاقة التي تربطنا، ادعو الضيوف الكرام الى رفع انخابهم من اجل صحة فخامة الرئيس والسيدة الاولى، ومن اجل ازدهار الشعب اللبناني وتوطيد العلاقات بين شعبينا".
وكانت اللبنانية الاولى والسيدة سابينا ماري هيغينز عقدتا لقاء عند الساعة الثانية عشرة ظهرا بحضور زوجة وزير الخارجية والمغتربين السيدة شانتال عون باسيل، زوجة الوزير المرافق السيدة سيلين عطاالله ومديرة مكتب السيدة عون ميشال فنيانوس، فيما حضر عن الجانب الايرلندي السيدة هيلين كارني السكرتيرة الخاصة لرئاسة الجمهورية وزوجة القنصل سيام السيدة غولدا.
في مستهل اللقاء، رحبت السيدة عون بالسيدة هيغينز متمنية لها اقامة طيبة في لبنان، وجرى التأكيد على اهمية هذه الزيارة في توطيد وتعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين. ثم عرض الجانبان لاهم القضايا ذات الاهتمام المشترك، فتحدثت السيدة عون عن الملفات التي تتابعها لاسيما تلك المتعلقة بواقع المرأة في لبنان وحقوقها اضافة الى اهتمامها بذوي الاحتياجات الخاصة خصوصا الاطفال الذين يعانون من التوحد والجهود المبذولة في هذا الاطار لتفعيل دمجهم في المجتمع في مختلف المجالات، موضحة ان لبنان حدد الثالث من ايلول من كل عام يوما وطنيا للدمج.
ثم أشارت السيدة عون إلى اهتمامها بالبيئة، ورعايتها لعدة مبادرات في هذا الاطار لاسيما لبرنامج تشجير مليون شجرة في عدد من المناطق اللبنانية، فأعربت السيدة هيغينز عن اسفها للحرائق التي اندلعت في لبنان خلال اليومين الماضيين، مشيرة الى اهمية معرفة اسباب ما حصل، والعمل على إعادة تشجير المناطق التي اصيبت، خصوصا أن لبنان بلد غني بتنوعه البيئي والنباتي، معربة عن محبتها الخاصة لشجرة الارز اللبنانية "الاجمل على الاطلاق"، بحسب السيدة هيغينز.
وشددت السيدة هيغينز على "خطورة التغير المناخي والتصحر وتأثيرهما على الانسان والطبيعة"، فأكدت على "اهمية دور الانسان في الحفاظ على البيئة، منوهة بخطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي دعا فيه الى ضرورة قيام معاهدة بين الانسان والطبيعة".
وأكدت السيدتان عون وهيغينز من جهة ثانية، دعم المبادرات الثقافية ولاسيما الفنية منها، وما لهذا الجانب من اهمية على صعيد المحافظة على هوية الانسان والوجه الحضاري للبنان وايرلندا.
كما تطرق الجانبان في ختام اللقاء، الى موضوع ازمة النازحين السوريين، فعرضت السيدة عون لمدى تأثير هذه الازمة على لبنان في مختلف المجالات لاسيما اقتصاديا وبيئيا، وعلى البنى التحتية التي لم تعد قادرة على تحمل عبء هذا النزوح. فأعربت السيدة هيغينز عن تفهمها لمعاناة لبنان جراء هذه الازمة، معربة عن توافقها مع السيدة عون على ضرورة مساعدة المجتمع الدولي لوضع حل لها يقضي بتأمين عودة آمنة للنازحين الى بلدهم وتقديم المساعدات اللازمة لهم في وطنهم الام. وأكدت هيغينز على وجود وعي لدى المجتمع الدولي لضرورة المحافظة على استقرار لبنان، إلا أنها انتقدت في الوقت عينه تراجع بعض الدول عن تنفيذ تعهداتها في مواصلة تقديم المساعدات للبنان مشيرة الى ضرورة احترام القرارات الدولية الصادرة في هذا الاطار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك