يواصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الراعوية الى 7 دول في إفريقيا الوسطى والغربية، للقاء المسؤولين الرسميين وأبناء الجالية اللبنانية.
وفي هذا الاطار، التقى الراعي وزير خارجية بنين التي وصل اليها مساء أمس، اوريليان اغبينونسي ممثلا رئيس جمهورية بلاده، وعرض معه للأوضاع العامة في البلدين ووضع الجالية اللبنانية هناك.
وقال الراعي، بعد اللقاء: "انا اليوم في زيارة راعوية لرعايانا في إفريقيا الغربية والوسطى، وقد سررنا جدا بلقاء وزير الخارجية والتعاون الذي استقبلنا البارحة، ويستقبلنا اليوم باسم رئيس الجمهورية".
أضاف: "الهدف من الزيارة توطيد العلاقات بين لبنان وبنين وبين كنيستنا المارونية الكاثوليكية الانطاكية مع الدولة، ونعرب عن امتنان هذه الجماعة اللبنانية بمسيحييها ومسلميها الموجودة في هذا البلد والتي تعمل بكرامة وتحقق قدراتها بفضل هذا البلد، وللتأكيد على ان هذه الجماعة سوف تبقى وفية ابدا للبنين. ونتمنى ان تبقى العلاقات متجددة وقوية لخير هذا البلد ولخيرنا ايضا. وقد سمعت من الوزير ان اللبنانيين يعملون ويشاركون في ازدهار البلد، وهذا شرف لنا".
بدوره، أشار اغبينونسي الى "متانة العلاقة بين البلدين"، وقال: "أكرر العبارة التي قلتها بالأمس خلال استقبالنا صاحب الغبطة، اننا نحن ابناء بنين ولدنا ورأينا اللبنانيين معنا هنا في وطننا، إنهم اخوتنا وبنين ارض الضيافة والانفتاح".
أضاف: "صباحا كان لي شرف استقبال البطريرك الراعي باسم رئيس الجمهورية الذي لم يسمح له الوقت للقاء بطريرك أنطاكيا بسبب ارتباط مسبق، فكلفني باستقباله باسم بلدنا".
وتابع: "جمهوريتنا علمانية لكنها تحترم كل المعتقدات، ومنفتحة على كل ما يتيح للانسان التطور وعيش الروحانية في الحرية والكرامة. ورئيسنا يعير أهمية كبيرة لكافة الطوائف في بلدنا، بدليل أنه طلب مني هذا الصباح، لقاء غبطة البطريرك الكاردينال الراعي الذي يزور بلدنا".
الى ذلك، أقام القنصل الفخري في بنين طوني الشاغوري حفل استقبال للبطريرك الماروني والوفد المرافق، حضره وزراء الخارجية والسياحة والداخلية والبيئة والرياضة وشخصيات دبلوماسية واقتصادية واجتماعية وفاعليات من ابناء الجالية اللبنانية.
وقال الراعي: "أحيي ابناءنا جميعا في هذه الدولة العزيزة، وأحملهم في قلبي وصلواتي، وأود التعبير عن امتناننا لهذا البلد لاستقباله جماعتنا اللبنانية المسيحية والمسلمة، وتقديم الفرص لهم ليحققوا قدراتهم ومواهبهم التي أنعم الله عليهم بها. ونحن نحمل ايضا هذا البلد ومؤسساته في صلواتنا من اجل ان يزدهر وينمو وينعم بالاستقرار الدائم".
أضاف: "نشكر القنصل العام الذي يجمعنا الليلة معكم، وأنا أحييكم لأنكم تكشفون وجه لبنان الحقيقي في البنين بوحدتكم وتكاتفكم وتواصلكم وتقاليدكم اللبنانية وعاداتكم الجميلة، وأنتم تغنون هذا المجتمع من خلال ما تحملون من تقاليد وقيم، ونحن حريصون على ذلك لان معنى وجودكم في هذا البلد ليس فقط من اجل العمل وانما ايضا لانكم تغتنون بقيم وتقاليد وتغنون هذا المجتمع وتغتنون منه بما له من قيم، ولهذا توجد هنا رعية وسلطة دينية لان الهدف تعزيز القيم الروحية والأخلاقية، وتعزيز التقاليد التي تحملونها معكم من لبنان ومن اجل المحافظة عليها وإغنائها لكي نكون فعلا كما انتم فاعلون في هذا المجتمع الذي استقبلكم على الرحب والسعة".
وخاطب الحضور البنيني قائلا: "نحن في لبنان ضحية حرب مستمرة في الشرق الأوسط، وندفع الأثمان الباهظة منذ العام 1948 اي منذ بدء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ولجوء الفلسطينيين الى بلدنا وقد بات عددهم اليوم يفوق النصف مليون نسمة، يعيشون في ظروف مأساوية في المخيمات ومعهم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وهم ينتظرون منذ 71 عاما الحل السياسي لقضيتهم من اجل ان يعودوا الى بلادهم، الا ان هذا الحل قد تحول الى سراب ولن يصل ابدا. لقد دفعنا ثمن حرب العراق وسوريا غاليا، واستقبلنا نحو مليون ونصف مليون نازح سوري ليصبح العدد مع الفلسطينيين زهاء مليوني إنسان، اي نصف عدد سكان لبنان على مساحة صغيرة جدا، وهذا يشكل عبئا كبيرا على كافة المستويات. أنا أتساءل معكم، اي دولة قوية قادرة على تحمل هذا العبء واستقبال نصف عدد سكانها؟".
أضاف: "أقول هذا من اجل تحفيز صوت هذا البلد بحضور وزير خارجيته معنا الان، فنحن بحاجة الى صوت الأصدقاء الذين ينادون بصوت عال وبشجاعة بوضع حد للحرب في سوريا والعراق وفلسطين، صوت يطالب بعودة النازحين لان من حقهم العودة الى ارضهم حيث لهم تاريخهم وثقافتهم وهويتهم. السياسة الدولية تعلن انه يجب ايجاد حل سياسي للحرب السورية ومن ثم التفكير بعودة النازحين السوريين، وهذا يعني ان عليهم انتظار الحل كما فعل الفلسطينيون، وعلى الارجح الحل سيأخذ اكثر من 71 سنة، فتجربة الفلسطينيين ماثلة أمامنا. نحن نطالب كل الدول الصديقة بفصل الحل السياسي في سوريا عن عودة النازحين، وإلا فنحن سنكون أمام حربين: الاولى مفروضة لتدمير الحجر، والثانية مفروضة ايضا لتدمير الحضارة والتاريخ والثقافة. لبنان لم يعد يحتمل دفع أثمان حروب لا دخل له بها، فهو صاحب رسالة في المنطقة ومعروف بميزة التعايش القائمة فيه بين المسيحيين والمسلمين وبنظامه الديمقراطي الذي يحترم حرية الرأي والتعبير، هذا البلد الذي يحمل رسالة الوحدة بالتنوع هو ضرورة للشرق الأوسط، ونتمنى مع الاحتفال بمئوية لبنان الكبير ان نتمكن من العودة الى جذورنا والثوابت السياسية في بلدنا والتخطيط من اجل المستقبل".
ونوه بجهود الرعية المارونية في بنين ولا سيما راعي الابرشية المطران سيمون فضول وتعاون كاهن الرعية الاب شربل الحاج التي "تساعد المؤمنين على ممارسة طقسهم الماروني ونشر كلمة الله".
وكان الشاغوري استهل الحفل بكلمة قال فيها: "هذه الزيارة التاريخية لغبطتكم أتت لتشهد على التطور والنمو الذي حققه ابناء الجالية اللبنانية في هذا البلد المضيف، والذي نعتبره وطننا الثاني".
وشكر الشاغوري للراعي "اهتمامه الكبير بأبناء الكنيسة"، واصفا الزيارة بأنها "أكثر من تاريخية لانها اعادت الأمل والثقة الى نفوس اللبنانيين المنتشرين بأن هناك راعيا لا يفرق بين المذاهب والطوائف انما يبحث عن قطيعه أينما كان ليشعره بالأمان والاهتمام". وخاطبه قائلا: "زيارتكم اليوم يا صاحب الغبطة، تتزامن مع قرب الاحتفال بمئوية لبنان الكبير الذي وجد بفضل جهود البطريرك الحويك الذي تكملون مسيرته، وذلك برفع صوتكم دائما من اجل ان ينعم بلدنا الحبيب لبنان وشعبه بالأمان والاستقرار ليكمل رسالته في هذا الشرق".
أضاف: "لا بد لنا من ان نعلن بأن رعيتنا باتت تشكل منذ شباط العام 2018 جزءا من الابرشية المارونية في إفريقيا الغربية والوسطى وذلك بفضل جهود المطران فضول، تطبيقا لما طلبه قداسة البابا فرنسيس، وبتنا في شراكة مع كافة الرعايا المارونية في إفريقيا الأمر الذي عزز حضور كنيستنا في المنطقة".
وختم: "مجددا نشكركم يا صاحب الغبطة لان زيارتكم لنا لم تعزز وتدعم حضورنا في البلد المضيف وحسب، وانما قربت المسافات كثيرا بيننا وبين وطننا الأم لبنان ليس من الناحية الاقتصادية والمادية فقط بل من الناحية الروحية ايضا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك