قبل توجّه المصارف نحو الإقفال القسري، كانت أزمة شحّ الدولار تتصاعد يوماً بعد يوم، الى ان فرضت الاحتجاجات أمراً واقعاً مصرفياً جديداً، سيزيد من الضغوطات التي تتعرّض لها المصارف، والوضع المالي بشكل عام.
في قراءة جديدة لها، رأت وكالة التصنيف الائتمانية «ستاندرد أند بورز» انّ عدم قدرة مؤسسات الدولة على مواجهة المطالب الاجتماعية الضاغطة، يمكن أن يؤثر سلباً على ثقة المودعين وعلى احتياطات النقد الأجنبي. وقرّرت في نتيجة ذلك، ان تضع تصنيف لبنان الائتماني الحالي على المدى الطويل «B-»، والمدى القصير «B»، تحت المراقبة لمدّة 3 أشهر مع احتمال نسبته 50 في المئة لخفض التصنيف، بعد مراجعتها السياسة التي ستعتمدها الحكومة للاستجابة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وفعاليتها في استعادة ثقة المودعين.
واشارت «ستاندرد أند بورز»، انّه في حين زادت الاحتياطات الرسمية من العملات الأجنبية بنحو 2.3 مليار دولار في شهري تموز وآب، اوضحت أنّ هذه الزيادة ناتجة من عمليتين هندسيتين ماليتين غير عاديتين، قدّمتا حوافز كبيرة لغير المقيمين. ورجحت ان يقوم مصرف لبنان بالمزيد من الهندسات المالية لتحقيق الاستقرار في إجمالي احتياطياته من العملات الاجنبية، «لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الهندسات ستعوّض الخسارة الناتجة من عمليات سحب الودائع الحالية». لافتة في هذا الاطار، الى انّ 2,1 مليار دولار خرجت من لبنان في الاشهر الثمانية الاولى من العام 2019.
واعتبرت وكالة التصنيف، أنّ الكلفة الكبيرة المتصاعدة للهندسات المالية لا يمكن تحمّلها، لأنّ كلفة تأمين المطلوبات من العملات الأجنبية اكبر من الأرباح المحققة من خلال احتياطات العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان.
وتوقعت أن يتجدّد الضغط على احتياطي العملات الاجنبية القابل للاستخدام، والذي تقدّره بنحو 19 مليار دولار في نهاية العام 2019.
واشارت الوكالة الى أنّ انخفاض تدفقات العملة الأجنبية قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط المالية والنقدية ويحدّ من قدرة الحكومة على الاستجابة للمطالب الاجتماعية الملحّة. مشيرة الى انّ عدم اليقين حول السياسات التي سيتم اعتمادها على المدى القريب، قد يختبر مدى ثقة المودعين ويضغط على احتياطات النقد الأجنبي.
في هذا الاطار، شدّد الخبير الاقتصادي روي بدارو، على انّ الوضع النقدي هو الاهمّ والأكثر إلحاحاً اليوم، لأنّ المصارف لا تملك السيولة الكافية لمواجهة نمط سحوبات نقدية كبير.
لذلك، قال بدارو لـ«الجمهورية»، انّ من الضروري ان تلجأ المصارف عند استئنافها العمل، الى السيطرة على رأس المال وتحديد سقوف للسحوبات. كما رأى انّه من الضروري تعيين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان، على ان تكون الاسماء المقترحة معروفة تبعث بالطمأنينة للاسواق المالية العالمية والمحلية ومشهود لها حسن أدائها، لأنّ هذا الأمر سيُحدث صدمة ايجابية يحتاج اليها لبنان اليوم لتجنّب الفوضى، على ان يحصل ذلك قبل استئناف المصارف لعملها، وان تتفق الحكومة قبل استقالتها - في حال قررت الاستقالة - على هذا الاجراء.
وشدّد بدارو على ضرورة حماية القرار النقدي قبل الدخول بأي «بازار» حكومي، لافتاً الى انّ الصدمة الايجابية على الصعيد النقدي هي المدخل الوحيد لمنع خروج الاموال من لبنان. وذكر انّ الجهات الدولية والسفراء الذين يمثلونها في لبنان يتخوّفون من حدوث فوضى في لبنان. معتبراً انّه في حال لم تقدّم الحكومة استقالتها قبل الاثنين، هناك خطر لانتشار الفوضى والمشاغبات.
واكّد في هذا الاطار على ضرورة تغيير الحكومة وليس تعديلها، على ان تقوم بصياغة بيان وزاري جديد يحاكي هموم الانتفاضة ومطالبها. واشار الى انّ الحكومة من اجل التخفيف من حدّة الضغوطات النقدية، يمكنها ان تعلن عن نيّتها الاستقالة بعد مدّة زمنية محدّدة، تكون الى حينها قد اتفقت على مكوّنات الحكومة الجديدة، وذلك لتلافي الفوضى والفراغ.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك