27 تشرين الأوّل الإقليمي، يلتقي مع 17 تشرين الأول اللبناني، في دخول التاريخ، من باب سقوط أبو بكر البغدادي، في عمليّة إستخباراتية معقّدَة، تاركاً وراءه مرحلة جديدة قد لا تكون حميدة بالضرورة، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار إمكانية أن تكون تصفيته، وإنهاء الـ Expiry date الخاصّة به، إنطلاقة جديدة لتنظيم "الدولة الإسلامية" على يد غيره، رغم أن المعطيات الأخيرة تؤكد أن التضييق على هذا التنظيم تمّ بتوافُق أساسي مع تركيا، وهو ما يؤشّر الى "ديمومة" النّجاح في تلك المهمّة، من حيث المبدأ، حتى وإن كان لا شيء نهائياً في السياسة.
ولكن سؤالاً أساسياً نطرحه في مشهد القضاء على البغدادي، يتعلّق بالثّمن الذي ستحصل عليه سوريا تحديداً، مقابل شكرها من قِبَل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على تعاونها مع الأميركيين في تلك العمليّة، الى جانب الأكراد والروس والعراقيين والأتراك أيضاً؟
ما هو الثّمن الذي ستحصل عليه دمشق في تسهيلها عملية، ترفع معنويات ترامب على مسافة عام واحد من الإنتخابات الرئاسية الأميركية، كما على مسافة قليلة من كلام يتعلّق بإجراءات حول عزله؟ وهل ان التعاوُن السوري يبقى من دون هدية؟ كيف ولماذا؟ وما هو ثمَن دخول دمشق (الى جانب أنقرة، وبغداد، والأكراد) في "الهدايا" الروسية لترامب على مسافة قليلة من بدء الحملات الإنتخابية؟ تماماً مثل الهدايا التي قدّمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عشية الإنتخابات في نيسان الماضي؟
والأهمّ بالنّسبة إلينا في لبنان، هو أين موقع بيروت من أي هديّة أميركية مُحتمَلَة للرئيس السوري بشار الأسد؟ وهل تنحصر تلك الهدية بالدّاخل السوري؟ وهل يؤدي التعاوُن السوري في تصفية البغدادي الى أثمان تُسدَّد في إعطاء الضوء الأميركي الأخضر لإخماد صوت الشارع اللبناني، مقابل "ستاتيكو" معيَّن لصالح "حزب الله"، في لبنان؟
هدية أو لا؟
شدّدت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى على أن "لبنان مستفيد من مقتل البغدادي، لا سيّما أنه كان ضحية من ضحايا "داعش" والإرهاب في وقت سابق. وبالتالي، فإن التخلُّص منه يريح لبنان والمنطقة الى حدّ معيّن، حتى ولو تمّت "مبايعة" غيره، مستقبلاً".
وأشارت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "لا هدية لسوريا في هذا الإطار. ففي الحروب، يوجد دائماً ما يسمى "التحالف الموضوعي"، وهو نوع من تفاهم موضوعي بين مجموعة أفرقاء يختلفون على نقطة معينة، كانت البغدادي هذه المرّة".
ولفتت الى أننا "لسنا أمام صفقة بالمعنى الفعلي بين واشنطن ودمشق، تفترض وجود هدايا. ولا يُمكننا القول إن هناك تحالُفاً بينهما، إذ قد تختلفان اليوم بالذات على مواضيع أخرى، بالفعل. ولذلك، نضع العملية في إطارها الأمني المحصور".
أشدّ تعقيداً؟
وشرحت المصادر: "العلاقات الأميركية - السورية كانت مختلفة قُبَيْل حرب الخليج الثانية، ومنذ ما بعد الإحتلال العراقي للكويت، عمّا هي عليه اليوم. ولذلك، تمّ تلزيم لبنان الى سوريا في ذلك الوقت، بالشّكل الذي حصل".
وأضافت: "هذا الواقع غير متوفّر اليوم، خصوصاً بوجود خلاف أميركي - سوري حول النظام في سوريا، والحدود السورية، ومناطق النفوذ والنّفط هناك. ولذلك، توجد خريطة أشدّ تعقيداً من السابق، بينهما، في الوقت الراهن. وهو ما يؤكد أننا أمام تحالف موضوعي حول نقطة موضوعية إسمها "داعش"، وقد ينتهي هذا الإتفاق مع عملية اغتيال البغدادي".
وختمت: "لبنان يستفيد من فرمَلَة "الدولة الإسلامية" عبر مقتله (البغدادي)، رغم أن "داعش" لم تَكُن من ضمن التوازنات التي أدّت الى تحريك الشارع منذ 17 تشرين الأول".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك