فيما تتّجه الأعيُن الى اللاحق من الخطوات غداة إستقالة الحكومة، يبرز السؤال عمّا إذا كانت البلاد ستتّجه الى مرحلة من الإستقرار النسبي على الصعيدين الإقتصادي والمعيشي، أقلّه ريثما تتبلور ملامح المرحلة السياسية المقبلة.
كما كان متوقّعاً، أحدث قرار رئيس الحكومة سعد الحريري بالإستقالة صدمة إيجابية على أكثر من مستوى، "فأولى نتائج هذه الخطوة كانت تنفيس الشارع، وتخفيف الضغط عن المواطنين"، يقول رئيس الندوة الإقتصادية رفيق زنتوت.
التحجج بقطع الطرقات وعدم قدرة التجار على إيصال البضائع الى المناطق سقطت هي الأخرى، وذلك بعدما أزيلت العوائق، وأعيد فتح المعابر الأساسية التي تربط المحافظات اللبنانية مع بيروت، وعودة إنتظام عمل المؤسسات في القطاعين العام والخاص.
ومن المنتظر أن يبدأ إخراج وتوزيع الشحنات التي كانت عالقة في المرفأ بسبب الإضراب العام، وعدم قدرة الموظفين على الوصول الى أماكن عملهم.
إلا أن ما يقلق زنتوت هو "الخوف من عدم إتفاق السلطة على تشكيل حكومة جديدة، وأن نبقى لغاية إنتهاء العهد في مرحلة تصريف الأعمال". فمجتمع الأعمال لم يلمس في تصاريح فريق العهد بعد إستقالة الرئيس الحريري أي نية حسنة أو إيجابية بالإنصياع لرغبة الشارع والإسراع بتشكيل حكومة حيادية من أهل الإختصاص، بل على العكس، فإن اعتبار خطوة الحريري فردية ويغيب عنها التنسيق، تُعتبر مقدمة الى مزيد من الصعوبات والمشكلات.
الوضع كارثي
يتّفق معظم التجار على أننا دخلنا المرحلة الأعقد من الأزمة الإقتصادية، وهم وإن كانوا لا يحمّلون الثورة أي مسؤولية عن تردّي الأوضاع، يعتبرون أن ما وصلنا اليه هو النتيجة الحتمية لعجز الدولة والفساد المستشري في مختلف المرافق والإدارات، والذي كانت نتيجته تحقيق ميزان المدفوعات عجزاً متراكماً منذ العام 2011 وصل الى أكثر من 15.3 مليار دولار.
وبحسب المدير العام لشركة "عبد طحان" للأدوات الكهربائية، توفيق طحان فإن "الوضع اليوم كارثي، وقد أعلنا مع شركات كثيرة غيرنا حالة الطوارئ الإقتصادية".
فمعظم الشركات اللبنانية تواجه معضلات، أسهلها صعب، ومنها:
- عدم قدرتها على تحصيل أموالها من السوق.
- إنعدام قدرتها على تأمين الدولار للإستيراد، وفي حال توفره فبسعر بلغ مساء أمس 1900 ليرة مقابل كل دولار. وهو ما يرتب على شحنة تجارية بقيمة مليون دولار تكاليف زائدة بقيمة 270 الف دولار.
- إتخاذ المصارف قرارات بوقف التسهيلات المكشوفة line of credit لمعظم التجار.
- خفض سقف السحوبات عبر البطاقات المصرفية.
- عجز كبير عن تغطية الشيكات المصرفية المسحوبة.
- عدم معرفة مصير الودائع التي استحقت خلال فترة إقفال المصارف، وما إذا كانت المصارف أعادت تجميدها تلقائياً، أم تَركت الخيار للزبائن.
- توقف الكثير من الزبائن عن تسديد ما يتوجب عليهم من سندات، سواء للشركات بشكل مباشر أم عبر المصارف.
- نفاد البضائع من المخازن، وعجز الشركات عن تنظيم عمليات إستيراد جديدة بسبب عدم توفر الاموال.
وبحسب طحان فإننا "نشهد إنهيار النظام المالي والتجاري أمام أعيننا، ولا نستطيع اتخاذ خطوات إنقاذية جدية. فكل ما باستطاعتنا فعله هو crises management إدارة الأزمة، كي نخفف الضرر بأكبر قدر ممكن. إلا أن المشكلة هي بتواضع إمكانياتنا امام هول ما يحدث".تصغير السوق
إن كان ما يحدث على صعيد إقفال المصارف أو الحد من تسهيلاتها للقطاعات التجارية هو نتيجة وليس سبباً، فإن انعكاسات الحصار التجاري تُصيب بشكل مباشر ما يعمل عليه "مصرف لبنان" بالتعاون مع المصارف التجارية والجهات الرسمية، بهدف تصغير السوق وتقليص فاتورة الاستيراد والحد من خروج الدولار.
من جهته يشير مستشار نقابة المحطات فادي أبو شقرا الى انه "فور معاودة المصارف فتح أبوابها سيبدأ العمل بآلية تنظيم استيراد المحروقات". أبو شقرا "طمأن الى ان المخزون من المحروقات يكفي، وأن لا مشكلة في القطاع، على عكس كل ما يشاع من أخبار عن نفاد كميات المحروقات وعدم قدرة الشركات على التسليم".
الجدّ يبدأ أول الشهر
أمام هذا الواقع اتخذت جمعية المصارف قراراً يقضي "بمعاودة المصارف العمل الطبيعي ابتداءً من يوم الجمعة في الأول من تشرين الثاني، وذلك بعد إقفال دام منذ نشوب ثورة الشعب في 17 تشرين الأول.
وكما كان متوقعاً عقد مجلس إدارة "الجمعية" اجتماعاً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تمّت خلاله مناقشة الأوضاع القائمة. وتفيد مصادر مصرفية بأن "أي فتح لأبواب المصارف من دون تنظيم مسبق مع مصرف لبنان، وتأمين كمية كبيرة من السيولة في صناديقها، تستوعب الصدمة الاولى لهجمة الزبائن، سيخلق مشكلة أكبر بكثير من إبقاء ابوابها مغلقة".
ويرى زنتوت أنه "إذا لم تتعمد المصارف إتخاذ إجراءات جذرية تخيف المودعين، كـتشحيل الودائع الكبيرة Haircut أو منع تحويل الودائع من الليرة الى الدولار أو منع عمليات السحب كلياً بالعملات الاجنبية، فإن الامور ستهدأ بغضون أيام قليلة، ويطمئنّ المودعون أن لا مشاكل في القطاع المصرفي". الأمور إذاً رهن الآتي من الأيام، واستناداً الى سعر صرف الليرة مقابل الدولار بعدما يُعاود سوق القطع نشاطه وتُعاود المصارف فتح أبوابها، سيتحدّد الإتجاه الذي سيسلكه البلد على الصعيد الإقتصادي.
كما كان متوقّعاً، أحدث قرار رئيس الحكومة سعد الحريري بالإستقالة صدمة إيجابية على أكثر من مستوى، "فأولى نتائج هذه الخطوة كانت تنفيس الشارع، وتخفيف الضغط عن المواطنين"، يقول رئيس الندوة الإقتصادية رفيق زنتوت.
التحجج بقطع الطرقات وعدم قدرة التجار على إيصال البضائع الى المناطق سقطت هي الأخرى، وذلك بعدما أزيلت العوائق، وأعيد فتح المعابر الأساسية التي تربط المحافظات اللبنانية مع بيروت، وعودة إنتظام عمل المؤسسات في القطاعين العام والخاص.
ومن المنتظر أن يبدأ إخراج وتوزيع الشحنات التي كانت عالقة في المرفأ بسبب الإضراب العام، وعدم قدرة الموظفين على الوصول الى أماكن عملهم.
إلا أن ما يقلق زنتوت هو "الخوف من عدم إتفاق السلطة على تشكيل حكومة جديدة، وأن نبقى لغاية إنتهاء العهد في مرحلة تصريف الأعمال". فمجتمع الأعمال لم يلمس في تصاريح فريق العهد بعد إستقالة الرئيس الحريري أي نية حسنة أو إيجابية بالإنصياع لرغبة الشارع والإسراع بتشكيل حكومة حيادية من أهل الإختصاص، بل على العكس، فإن اعتبار خطوة الحريري فردية ويغيب عنها التنسيق، تُعتبر مقدمة الى مزيد من الصعوبات والمشكلات.
الوضع كارثي
يتّفق معظم التجار على أننا دخلنا المرحلة الأعقد من الأزمة الإقتصادية، وهم وإن كانوا لا يحمّلون الثورة أي مسؤولية عن تردّي الأوضاع، يعتبرون أن ما وصلنا اليه هو النتيجة الحتمية لعجز الدولة والفساد المستشري في مختلف المرافق والإدارات، والذي كانت نتيجته تحقيق ميزان المدفوعات عجزاً متراكماً منذ العام 2011 وصل الى أكثر من 15.3 مليار دولار.
وبحسب المدير العام لشركة "عبد طحان" للأدوات الكهربائية، توفيق طحان فإن "الوضع اليوم كارثي، وقد أعلنا مع شركات كثيرة غيرنا حالة الطوارئ الإقتصادية".
فمعظم الشركات اللبنانية تواجه معضلات، أسهلها صعب، ومنها:
- عدم قدرتها على تحصيل أموالها من السوق.
- إنعدام قدرتها على تأمين الدولار للإستيراد، وفي حال توفره فبسعر بلغ مساء أمس 1900 ليرة مقابل كل دولار. وهو ما يرتب على شحنة تجارية بقيمة مليون دولار تكاليف زائدة بقيمة 270 الف دولار.
- إتخاذ المصارف قرارات بوقف التسهيلات المكشوفة line of credit لمعظم التجار.
- خفض سقف السحوبات عبر البطاقات المصرفية.
- عجز كبير عن تغطية الشيكات المصرفية المسحوبة.
- عدم معرفة مصير الودائع التي استحقت خلال فترة إقفال المصارف، وما إذا كانت المصارف أعادت تجميدها تلقائياً، أم تَركت الخيار للزبائن.
- توقف الكثير من الزبائن عن تسديد ما يتوجب عليهم من سندات، سواء للشركات بشكل مباشر أم عبر المصارف.
- نفاد البضائع من المخازن، وعجز الشركات عن تنظيم عمليات إستيراد جديدة بسبب عدم توفر الاموال.
وبحسب طحان فإننا "نشهد إنهيار النظام المالي والتجاري أمام أعيننا، ولا نستطيع اتخاذ خطوات إنقاذية جدية. فكل ما باستطاعتنا فعله هو crises management إدارة الأزمة، كي نخفف الضرر بأكبر قدر ممكن. إلا أن المشكلة هي بتواضع إمكانياتنا امام هول ما يحدث".تصغير السوق
إن كان ما يحدث على صعيد إقفال المصارف أو الحد من تسهيلاتها للقطاعات التجارية هو نتيجة وليس سبباً، فإن انعكاسات الحصار التجاري تُصيب بشكل مباشر ما يعمل عليه "مصرف لبنان" بالتعاون مع المصارف التجارية والجهات الرسمية، بهدف تصغير السوق وتقليص فاتورة الاستيراد والحد من خروج الدولار.
من جهته يشير مستشار نقابة المحطات فادي أبو شقرا الى انه "فور معاودة المصارف فتح أبوابها سيبدأ العمل بآلية تنظيم استيراد المحروقات". أبو شقرا "طمأن الى ان المخزون من المحروقات يكفي، وأن لا مشكلة في القطاع، على عكس كل ما يشاع من أخبار عن نفاد كميات المحروقات وعدم قدرة الشركات على التسليم".
الجدّ يبدأ أول الشهر
أمام هذا الواقع اتخذت جمعية المصارف قراراً يقضي "بمعاودة المصارف العمل الطبيعي ابتداءً من يوم الجمعة في الأول من تشرين الثاني، وذلك بعد إقفال دام منذ نشوب ثورة الشعب في 17 تشرين الأول.
وكما كان متوقعاً عقد مجلس إدارة "الجمعية" اجتماعاً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تمّت خلاله مناقشة الأوضاع القائمة. وتفيد مصادر مصرفية بأن "أي فتح لأبواب المصارف من دون تنظيم مسبق مع مصرف لبنان، وتأمين كمية كبيرة من السيولة في صناديقها، تستوعب الصدمة الاولى لهجمة الزبائن، سيخلق مشكلة أكبر بكثير من إبقاء ابوابها مغلقة".
ويرى زنتوت أنه "إذا لم تتعمد المصارف إتخاذ إجراءات جذرية تخيف المودعين، كـتشحيل الودائع الكبيرة Haircut أو منع تحويل الودائع من الليرة الى الدولار أو منع عمليات السحب كلياً بالعملات الاجنبية، فإن الامور ستهدأ بغضون أيام قليلة، ويطمئنّ المودعون أن لا مشاكل في القطاع المصرفي". الأمور إذاً رهن الآتي من الأيام، واستناداً الى سعر صرف الليرة مقابل الدولار بعدما يُعاود سوق القطع نشاطه وتُعاود المصارف فتح أبوابها، سيتحدّد الإتجاه الذي سيسلكه البلد على الصعيد الإقتصادي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك