من الطبيعي والمتوقّع أن تتمّ جردة حساب مع انقضاء نصف ولاية رئاسة الجمهوريّة.
في هذا الإطار، تطرح إشكاليّة دستوريّة وقانونيّة وواقعيّة عن مفهوم سائد وشائع عن "العهد"، مع مثل هذه الأسئلة: هل نحن في نظام رئاسيّ؟ وما هي صلاحيّات الرئيس ومسؤوليّته في كلّ ما تمّ تعداده من إنجازات، من دون التعليق عليها؟
في النظام اللبناني، "العهد" هو مجموعة السلطات السياسيّة والعسكريّة والإداريّة والقضائيّة التي تنتظم في منظومة دستوريّة ضمن فترة زمنيّة محدّدة، ساد عرف في شأن ارتباطها بفترة إشغال الرئيس منصب رئاسة الجمهوريّة.
وعليه، قد يصحّ جدّاً أن يتولّى رئيس الجمهوريّة وهو صاحب أرفع منصب في الجمهوريّة اللبنانيّة، تظهير "الجردة"، في إيجابياتها وسلبياتها، وتقييمها، والتوجيه بشأنها للمستقبل، والإرشاد حول كيفيّة تصويب مساراتها، باسم المنظومة الدستوريّة كاملة، من دون أن يعني ذلك حكماً وبطبيعة الحال إمكانيّة نسبها إلى شخصه.
الرئيس مثلاً هو شريك في التوقيع على مراسيم تشكيل أيّ حكومة، في حين أنّ عمليّة تسمية رئيسها تعود إلى مجلس النواب، والأخير هو من يمنح الثقة لعناصرها بعد رفع تشكيلتها من قبل رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية وبالشراكة معه. ويقوم مجلس النواب بهذا الواجب، بناء على وكالة ممنوحة له من الشعب الذي هو مصدر السلطة.
كما يتمّ انتاج السلطات العسكريّة والإداريّة والقضائيّة بناء على آليّات دستوريّة وقانونيّة وتنظيميّة، لرئيس الجمهوريّة رأي فيها، لكنّ مسؤوليّة القرار فيها لا تعود إليه.
ضمن هذا السياق، يُطرح بعجب الاستفهام الآتي: أين الحكمة في الإصرار على نسب "إنجازات" فترة زمنيّة من الحكم إلى شخص الرئيس والتباهي بها؟! ألا يشكّل ذلك ظلماً وتجنيّاً بحقّه؟! أليست المسؤوليّة في تلك "الإنجازات" تقع أساساً على عاتق المنظومة الدستوريّة المتمثلة تحديداً بمجلس النواب والحكومة؟!
نعم، حصلت نقلة إيجابيّة في جوانب عدّة في الواقع اللبناني ومنها النجاح في القضاء على الارهاب، والرئيس كان شريكاً فيها وصاحب رأي وتوجيه مؤثّرين، لكنّه لم يكن مقرّراً، أقلّه لم يكن المقرّر الأوحد في شأنها.
لو صحّ ذلك، لكان يُجاز قياساً تحميله وزر ما آلت إليه إدارة الشأنين الاقتصادي والمالي؟ واسترسالاً على سبيل المثال لا الحصر، هل هو من وضع قانون انتخابات هجين طغت عليه الحسابات الشخصيّة والفئويّة؟ هل هو من أجرى التعيينات العسكريّة والقضائيّة والإداريّة بما تحمل من وجوه مضيئة وأخرى سوداويّة؟ وهل هو من كان وراء أزمة النازحين السوريين؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك