تلبس الازمة كل يوم وجهاً جديداً، يكون اصعب وأكثر تعقيداً من سابقه، وعلى نحو يوحي وكأنّ هذه الازمة تسير في تدرّج انحداري نحو رسم واقع معقّد لم تكتمل عناصره بعد. الشارع ما زال يتفاعل، ويعبّر عن نفسه بتحركات متواصلة في أكثر من مكان، وتحت العناوين والمطالب نفسها من سلطة تعاني أشدّ لحظات إرباكها، مع شارع منتفض في وجهها منذ أكثر من شهر، من دون ان تتمكن من تنفيس غضبه بأي إجراء يلبّي ولو الحد الأدنى ممّا يطالب به منذ 17 تشرين الاول، ومع حال التفكك الذي بدأ ينخر جسمها، وتوزّع مكوناتها، او ما باتوا يسمون، شركاء الامس فيها، بين متاريس متواجهة بعضها مع البعض الآخر، كما آل اليه الحال بين الشريكين الاساسيين في التسوية السياسية القائمة منذ ثلاث سنوات، أي «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل».
ومع هذه المواجهة المحتدمة بين شريكي التسوية السياسية - الرئاسية، يمكن القول انّ الواقع السياسي بدأ يسلك منعطفاً حاداً نحو اصطفافات أكثر حدة، تعيد الى الاذهان صورة الانقسام الشديد الذي ساد عام 2005، حينما علّق البلد على حبل النزاع العنيف بين اصطفافي 8 و14 آذار. وهذا معناه وضع لبنان بين نارين مشتعلتين:
- نار الأزمة الاقتصادية والمالية، التي يزداد لهيبها يوماً بعد يوم، وتزيدها اضطراماً التصنيفات الائتمانية الشديدة السلبية للبنان، الصادرة عن الوكالات الدولية، والحبل هنا على جرار التخفيض الاضافي في قابل الايام على حد ما يجمع الخبراء الاقتصاديون.
- نار الأزمة السياسية التي تنذر بتصعيد يضع البلد في مهب احتمالات وسيناريوهات ارباكية للواقع اللبناني في شتى مفاصله وعلى كل المستويات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك