بدت الانتفاضة اللبنانية في يومها الـ36 أشبه باستراحة محارب، بانتظار ما ستقدم عليه السلطة السياسية في ملف تشكيل الحكومة، والذي قد يشكل محفزا لاعادة استنهاضها من جديد. ورغم الانجاز الكبير الذي حققته الانتفاضة بإرغامها المجلس النيابي على ارجاء الجلسة التشريعية للمرة الثانية، فإن إصرار البرلمان على عقد الجلسة التشريعية رغم الرفض الشعبي، كان دليلاً ساطعاً على تشدد الطبقة السياسية، بقوتيها الرئيسيتين أي حزب الله والتيار الوطني الحر، في رفض أي شكل من الأشكال التنازل عن «حصتهما» في هذه السلطة. فالتيار الذي أخّر تشكيل الحكومة السابقة اكثر من ثمانية أشهر ليحصل على الحصة الأكبر من الوزراء، لن يقدم على تنازل في الولاية الثانية من «عهده الرئاسي»، في حين ان حليفه «حزب الله» والذي يكرر موقفه من «الحراك» ويعتبره منقاداً باملاءات غربية، فإنه لن يتراجع وينزع عنه غطاءه السياسي في حمأة العقوبات الأميركية عليه.
وفق هذه المعطيات، تقاطعت معلومات من مصادر عدة بأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لناحية تحديد موعد الاستشارات النيابية وتسمية رئيس للحكومة. وتشير هذه المصادر الى ان التسمية لم تعد محصورة بالرئيس سعد الحريري، وأن أسماء أخرى دخلت الى السباق، رغم ان الثنائي الشيعي، أي حزب الله وحركة أمل، لا يزالان يتواصلان بطرق غير مباشرة مع الحريري في محاولة لإقناعه بقبول ترؤس حكومة «تكنو سياسية».
ما يعزز هذا التوجه هو ما يصدر عن الرئيس عون الذي حدد مواصفات الحكومة بأنها سياسية تضم اختصاصيين ممثلين عن الحراك، في مقابل إصرار الحريري على حكومة تكنوقراط تستجيب لمطالب الشعب وتكون قادرة على معالجة الازمات الاقتصادية والسياسية.
أوساط المستقبل تشير إلى أن اي خرق لم يسجل في الساعات الأخيرة. فالأمور لا تزال تراوح مكانها وان كانت خطوط الاتصال لا تزال مفتوحة مع الجميع بشكل مباشر وغير مباشر. وبات اللبنانيون امام خيارين لا ثالث لهما، اما التوجه نحو تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة الحريري، واما الذهاب الى حكومة تكنو - سياسية او حكومة مواجهة من دون الحريري ولا من يمثله. الفريق الإعلامي المقرب من حزب الله والرئيس عون بدأ يسوق خيار حكومة المواجهة، والمتوقع ان تضم ما بين 20 و24 وزيرا، من اختصاصيين مشهود لهم بالكفاءة ويتم اختيارهم من قبل القوى السياسية، الى جانب عدد قليل من الوجوه السياسية الحزبية. ورغم تقدم هذا الطرح الا ان الفريق المؤيد له لا يزال يتريث في الذهاب نحو هذا الخيار «المكلف»، ذلك ان حكومة تكنو سياسية من لون واحد، على وقع انتصارات عدة حققتها الانتفاضة الشعبية المتواصلة، دونه مخاطر على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المأزومة. واولها انه ستنتج معارضة شديدة من الأحزاب والتيارات التي ستحجم عن المشاركة في حكومة من هذا النوع، مثل تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، التي تتحين قواعدها الشعبية الفرصة للنزول الى الشارع والانضمام الى المتظاهرين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك