تحركت في واشنطن مجموعات معنية بالملف اللبناني تعارض سياسة الإدارة الأميركية تجاه بيروت، وتعارض كذلك الرؤية الإسرائيلية تجاه لبنان، وهي مجموعات تطالب بمواصلة أميركا دعم الجيش، وبدعم الحكومة اللبنانية، في حال أظهرت إصلاحات جدية تخرج البلاد من المأزق الاقتصادي الذي تعيش فيه.
ومن هذه المجموعات المعارضة لقيام إدارة الرئيس دونالد ترامب، بتعليق المساعدات العسكرية الى لبنان، والبالغة قيمتها 105 ملايين دولار سنوياً، برز السناتور الديموقراطي كريس مورفي عن ولاية كونيتيكيت، الذي وصل بيروت للقاء قادة الجيش اللبناني، و«تقييم الأوضاع»، وتقديم تقرير بملاحظاته الى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، التي يشغل عضويتها.
وسبق لمورفي أن زار أوكرانيا، التي كانت إدارة ترامب علّقت مساعداتها السنوية البالغة 400 مليون دولار إليها. وبسبب الجدل الذي أثاره تعليق ترامب المساعدات لكييف، صار تعليق الرئيس الأميركي المساعدات الى بيروت في عين العاصفة السياسية في العاصمة الأميركية.
والسياسة الأميركية الحالية تجاه لبنان هي الأقرب الى وجهة النظر الإسرائيلية القائلة بمعاملة لبنان على انه محافظة إيرانية، وفرض عقوبات مالية على دولته والمسؤولين فيه، وتعليق كل المساعدات الى الجيش. كذلك يطالب أصدقاء إسرائيل الأميركيون بوقف الولايات المتحدة مساهمتها البالغة نصف مليار دولار سنويا لتمويل عمل 15 ألفاً من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والمنتشرة جنوب لبنان تحت اسم قوة «اليونيفيل».
ويعتبر الإسرائيليون، ومعهم غالبية مسؤولي إدارة ترامب، أن «اليونيفيل» فشلت في تأدية المهمة الموكلة اليها، والقاضية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701، اي ابقاء سلاح «حزب الله» شمال نهر الليطاني. ويعتقد أصدقاء إسرائيل أن من ابرز دلائل فشل القوات الأممية، فشلها في وقف قيام الحزب بحفر أنفاق، تدّعي الدولة العبرية بأنها تصل جنوب لبنان بشمال إسرائيل، يمكن لمقاتلي الحزب استخدامها، في أي حرب مقبلة، لشن هجمات خلف خطوط الجيش الإسرائيلي، على غرار ما فعلته حركة «حماس» في غزة أثناء بعض المواجهات بين الطرفين.
والسناتور مورفي من معارضي إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، أو اعترافه بالجولان السوري المحتل كجزء من إسرائيل. كما يعارض «التفسير القانوني» الجديد الذي استنبطته وزارة الخارجية، واعتبرت فيه أن قيام إسرائيل ببناء مستوطنات في الضفة الغربية ليس مخالفا للقانون الدولي بل خاضع للتسوية النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وسط هذا التباين، بين مورفي ومواقف إدارة ترامب تجاه لبنان وإسرائيل، يسعى السناتور الى حض الكونغرس على الضغط على الإدارة الأميركية للعودة الى سياسة خارجية يجمع عليها الحزبان، تكون سياسة خارجية داعمة للقوانين الدولية وللحكومات الحليفة، وتعوّل على التعاون مع القوات النظامية حول العالم لتثبيت الأمن في دولها.
وفي مدرسة السياسة الخارجية التي ينتمي إليها مورفي، ان الاستقرار هو في مصلحة الولايات المتحدة والديموقراطيات حول العالم، وان الحروب الأهلية والمواجهات تنجب فوضى وميليشيات والمزيد من عدم الاستقرار. ومن هذه المدرسة مساعد وزير الخارجية السابق والسفير السابق في لبنان، جيفري فيلتمان، الذي كان دعا الأسبوع الماضي، أثناء إدلائه بجلسة استماع في الكونغرس، الى استئناف المساعدة الى الجيش اللبناني، ودعم دولة لبنان حتى تثبت الأمن، مكرراً أن الحروب الأهلية هي البيئة المثلى لقيام الميليشيات وانتشارها، وهو ما يقوّض من استقرار الدول وأمنها، وتاليا الأمن العالمي.
ويعتبر مورفي ومن يشاركونه الرؤية في السياسة الخارجية، أنه لا يمكن لأي إدارة حجب المساعدات الخارجية التي يوافق عليها الكونغرس، إذ تصبح المساعدة بمثابة قانون يجبر الإدارة على تنفيذه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك