تحتل أخبار لبنان بحراكه السلمي وثورته الجميلة أهم عناوين الأخبار ونشراتها.
المظهر السلمي العابر للمناطق وللطوائف، والمتوحد في مطالبه، والرافض تماماً الانزلاق إلى مواجهات العنف الذي يجرّه ويسحبه إليه بقوة العناصر الأمنية في تنظيم «حزب الله» الإرهابي وحركة «أمل» اللذين باتا الواجهة الصريحة في عدائهما للثورة من خلال الإعلام المضلل ومن خلال التهديد اليومي بالعنف وممارسته في أغلب الأحيان.
ورغم بروز دور الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي في كل ثورات الربيع العربي، فإن الإعلام «التقليدي» هو أحد أهم نجوم الحراك الشعبي العريض في لبنان اليوم. فهناك جهد إعلامي جبار لنقل الصورة الحقيقية لما يجري في لبنان تقوم به صحف مهمة وعريقة، مثل «النهار» و«الجمهورية» و«نداء الوطن» و«اللواء»، وتغطية تلفزيونية مذهلة من «إم تي في» و«إل بي سي» و«الجديد» وعدد غير قليل من المحطات الإذاعية ومراسلي القنوات العربية والعالمية من على الأرض وفي قلب الحدث.
يقومون بكل ذلك بمستوى مهني ومحترف يجبر المتلقي على تقدير المجهود واحترامه، خصوصاً وهو يرى أمام عينيه ويسمع على الهواء السبّ والإهانات والإساءات والمضايقات من العناصر الأمنية لـ«حزب الله» و«أمل» الذين يضايقون المراسلين والصحافيين والفرق الفنية المصاحبة لهم حتى لا يتمكنوا من أداء عملهم بالشكل المطلوب، مع عدم إغفال التهديدات التي تأتي إليهم على مدار الساعة بالأذى والقتل.
أجواء حرب فيها من الخوف والقلق الشيء المهول، ولذلك برزت هذه المؤسسات الإعلامية القديرة، وأعادت إلى الذاكرة إحدى أهم المزايا التنافسية للقوى الناعمة في لبنان، وهي الإرث المهني الإعلامي، الذي كان أحد أهم عوامل بقاء الحراك بشكله السلمي الحضاري حتى هذه الأيام، لأن كل شيء مباشر وعلى الهواء، وسيتم فضح الطرف المذنب والجاني بشكل فوري من دون أي غموض ولا شك.
الإعلام الجديد قنواته مؤثرة، ولكن ما يضيف إليه المصداقية والجدارة هو المضمون الجاد والمهني، وهذه المسألة توفرها في المقام الأول مؤسسات إعلامية مهنية راسخة، مقدمة عن طريق كفاءات بشرية ذات خبرة وتمرس لا يأتي بين يوم وليلة.
لعل من أهم الدروس بالغة الأهمية التي تقدمها الثورة اللبنانية هي أن الإعلام التقليدي الجاد، مصحوباً ومستخدماً منصات التواصل الاجتماعي الجديدة، هو السلاح الأكثر فعالية، وهو الذي تمكّن في لبنان من هزيمة فريق في السلطة تحميه ميليشيا مسلحة، لأنه قام بعرض قضيته بأسلوب صادق ومحترم، فربح العالم في صفّه.
الإعلام الجاد لا يزال نتيجة المضمون المهني والمحترف، وهذا يتفوق فيه الإعلام التقليدي، وما يحدث في لبنان يؤكد ذلك من دون أدنى شك.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك