هدأت، قليلاً، "عاصفة" اعتداء اسطنبول. ارتاح اللاهون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تنظيراً. جفّت دموع المتأثّرين، من خارج دائرة العائلة والمقرّبين. حان الآوان لكلام العقل.
تعرّضت وسائل الإعلام التلفزيونيّة لانتقاداتٍ كثيرة في الأيّام القليلة الماضية بسبب تغطيتها للحدث الأليم. نسي المنتقدون أنّه، لولا وسائل الإعلام هذه، لما بلغ التعاطف الشعبي مع الضحايا هذه المرتبة، ولما بلغ الاهتمام الرسمي هذا المستوى. الإعلام "جرّ" الدولة الى الاهتمام حتماً، وهذه ليست المرّة الأولى ولا الكارثة الأولى.
تكشف الزميلة دنيز رحمة فخري عن كواليس ما مرّت به في ذلك النّهار المشؤوم، لافتةً الى أنّها نسيت يومها أنّها صحافيّة وتقوم بواجبها المهنيّ، وتحوّلت الى فرد من أفراد عائلة الشهيد الياس وارديني، تنتظر بفارغ الصّبر خبراً يفرح قلبهم وقلبها وقلب المشاهدين.
وأشارت رحمة الى أنّ "وجودنا بجانب العائلة يومها حصل بعد إذن مُسبق من شقيقة الشهيد وارديني، وكانت العائلة أكثر من مرحّبة بفريق عمل mtv وعاملتنا كفرد من أفرادها، وكنّا نتشارك الاخبار فور ورودها للإطمئنان، إلّا أنّ خبر الوفاة جاء كصدمة بالنسبة إليّ قبل ساعة من نشره وتمنّعت عن البوح به، بانتظار وصول الكاهن الذي نقله بنفسه الى العائلة أولاً، وهذا ما حصل".
وفي هذا الإطار، تشدّد فخري على أنّ "قرار البثّ المباشر ونوعيّة المشاهد وغيرها من الامور، تعود الى الادارة والى مسؤول البثّ والمخرج ومدير الاخبار ومدير النشرة وليس الى المراسلة أو المصوّر، فهو لا يقوّم متى يجب أن يتوقّف البثّ، ففي حالتنا، كنّا نعيش هول المأساة لدرجة اننا كنّا نتمنّى على كل الناس أن تحزن مع العائلة ومعنا، كي نتشارك الحزن بطريقة جماعيّة، فلا بأس بأن يتأثر المُشاهد ويبكي ويحزن مع رفاق الوطن".
وأخيراً، سألت رحمة بغصّة وحرقة: "هل هذه الصحافيّة الذي بذلت سنوات عمرها وضحّت بحياتها أحياناً احتراماً للمُشاهد، ومسيرتها الانسانيّة تتحدّث عنها، يمكن أن تنقلب بين ليلة وضُحاها الى "عديمة الشفقة" و"بلا إنسانيّة" وتتدخّل بأمور لا تعنيها؟".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك