"القبس":
قبل ايام تراجعت ارقام الاصابات والوفيات في بعض الدول الاوروبية في مؤشر بعث الأمل بتراجع حدة أسوأ أزمة وبائية في العالم، وهذا ما دفع البعض الى الحديث عن تباطؤ لتفشي الوباء في القارة العجوز، وقالت شبكة «سي إن بي سي» في تقرير إن «أوروبا تبحث عن مخرج استراتيجي لعمليات الإغلاق، مع تراجع حالات الوفيات من فيروس كورونا».
تبين لاحقا ان الامال التي وضعت بفعل التراجع المرحلي للارقام كانت غير واقعية ومتسرعة، حتى ان منظمة الصحة العالمية سارعت إلى التحذير من تخفيف الإجراءات الرامية إلى إبطاء انتشار فيروس كورونا قبل الأوان.
قال المتحدث باسم منظمة كريستيان ليندميير إن المنظمة لا توجد لديها توصيات شاملة للدول والمناطق في ما يتعلّق بتخفيف الإجراءات الرامية إلى إبطاء انتشار الفيروس، غير أن «أحد أهم الجوانب هو عدم التخلي عن الإجراءات قبل الأوان حتى لا تحدث انتكاسة مجددا»، مضيفا أن «الأمر يشبه كونك مريضا، إذا خرجت من الفراش مبكرا وركضت قبل الأوان، فأنت تخاطر بأن تتعرض لانتكاسة وتعاني من مضاعفات».
ويؤكد الخبراء ان الاستنتاجات التي خرج بها البعض جراء تراجع بعض الارقام في اوروبا لم تكن واقعية في الاساس، ذلك انه ورغم التراجع الذي سجلته إيطاليا وأسبانيا وفرنسا، فإن دولا اخرى ما زالت تشهد ارتفاعا في عدد الاصابات المسجلة يوميا، مشيرين الى ان الخط التنازلي الذي حصل في بعض الدول تعرض لانتكاسة كبيرة فعادت الارقام الى الارتفاع. ودعا الخبراء الى التمعن بما حدث في أسبانيا، فبعد انخفاض لأربعة أيام متتالية، عادت ارقام الوفيات الى الارتفاع يومي الثلاثاء والأربعاء. وفي فرنسا وبعد ان اعلن الأحد عن تراجع في عدد الوفيات الى 327 حالة سجلت امس اعلى حصيلة يومية منذ بداية الوباء حيث توفي 607 اشخاص ليرتفع العدد الاجمالي الى 10328 وفاة. وفي إيطاليا، وان استمرت وتيرة الارقام بالتراجع، فإن سيلفيو بروسافيرو مدير المعهد الوطني الصحي أكد ضرورة وجود تجانس في الانخفاض، و«هي نتيجة يجب أن نتابعها يوما بعد يوم». وأعلن الدكتور علي نوري رئيس اتحاد العلماء الأميركيين والخبير في علم الفيروسات وبيولوجيا الخلية وعلم الأحياء التنموي أن حياتنا الطبيعية لن تعود مرة أخرى إلا عندما يتم التوصل إلى علاج لفيروس كورونا، وهذا قد يستغرق أكثر من عام، وفقاً لصحيفة ديلي ميل البريطانية. وأكد نوري أن الحياة لن تعود لطبيعتها قبل حلول عام 2021، مستبعدا أن يتم تخفيف إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي والبقاء في المنزل قبل نهاية أيار أو حزيران. وقال: «عودة الناس لحياتهم المعتادة قبل تفشي الفيروس لن يحدث قبل فترة طويلة»، وأضاف: «يعتقد البعض أنه بحلول شهر حزيران أو تموز سيتغير الوضع ويعودون لحياتهم، ويذهبون إلى المطاعم ودور السينما، أعتقد أن هذا لن يحدث حتى نحصل على العلاج». وتشير البيانات الحالية إلى أن كل شخص مصاب بفيروس التاجي يصيب أكثر من شخصين في المتوسط. ووجدت دراسة لباحثين في كلية لندن للصحة والطب نشرتها مجلة «لانسيت» أن تمديد فترة الإغلاق يمكن أن يعطي فرصة للمستشفيات للسيطرة على الفيروس، ويؤخر موجة ثانية من العدوى إلى أواخر آب. من جانبها، قالت كيشا بريم المؤلفة المشاركة في الدراسة: «نحتاج الآن إلى توخي الحذر حقًا لتجنب رفع إجراءات العزل قبل الأوان، لأن ذلك قد يؤدي إلى ذروة انتشار ثانية».
ومع بدء بعض الدول بالتخطيط للخروج من فترة العزل والإجراءات الاخرى المتخذة في هذا الإطار، أفاد مصدر أوروبي بأن هذه القضية مصدر «قلق كبير» للقادة الأوروبيين، «لأنه لن يكون تم بعد القضاء على الفيروس»، وسيطرح ذلك مشكلة في حال رفعت إجراءات العزل «بطريقة غير منظمة». ونشرت النمسا الإثنين جدولا زمنيا يفصل خطتها لتخفيف القيود المطبقة بسبب الوباء، وتبدأ بإعادة فتح المتاجر الصغيرة بعد عيد الفصح. من جهتها، أعلنت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريديريكسن عن رفع تدريجي للقيود مع إعادة فتح دور الحضانة والمدارس الابتدائية اعتبارا من 15 نيسان الجاري. كما يشدد مسؤولون على أن التغلّب على الوباء في أوروبا وحدها غير كاف، مشيرين إلى أنه إذا استمر تفشيه في مناطق أخرى من العالم، فسيعود مع الوقت.
وفي هذا الاطار، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي سيقدم 15 مليار يورو لمساعدة دول العالم الفقيرة على مكافحة وباء كوفيد - 19. وقالت فون دير لايين في تسجيل على تويتر «لن نربح هذه المعركة إلا عبر استجابة دولية منسّقة». وأضافت «لذلك، يخصص الاتحاد الأوروبي أكثر من 15 مليار يورو لمساعدة شركائنا حول العالم على مكافحة فيروس كورونا». ولم يقدم الفيديو المقتضب تفاصيل بشأن مصدر الأموال ولا الدول التي ستستفيد منها. لكن سبق لمسؤولين أن حددوا أفريقيا كمصدر قلق نظرا لارتباطها بأوروبا والوضع المتردي للمنظومات الصحية في العديد من دولها. وحذّر مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي من أن هزيمة فيروس كورونا المستجد في أوروبا ستكون «غير مجدية إطلاقا» إذا عاد مجددا من دول مجاورة غير قادرة على احتوائه. وأوضحت فون دير لايين في تسجيلها أن «أفريقيا قد تواجه ذات المشكلات التي نعاني منها في أوروبا في غضون أسابيع»، مضيفة: «يحتاجون لمساعدتنا لإبطاء تفشي الفيروس، كما احتجنا نحن إلى المساعدة في هذه الأزمة».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك