كتبت بسكال الديب في موقع mtv:
تحت مظلّة أمميّة، دخلت الولايات المتحدة مع مجموعة من حلفائها في تشرين الأول 2001 الحرب ضد أفغانستان. هدفت العملية الى شنّ حرب إستباقية لمكافحة الإرهاب العالمي. ما لبث أن تحوّل الأمر الى ضرورة إعادة بناء أفغانستان.
بعد 20 عاماً على هجمات 11 أيلول، السبب الأساسي لهذه الحرب، يطرح الإنسحاب الأميركي من أفغانستان السؤال حول تعاطي الإدارات الأميركية المتعاقبة مع المسألة الأفغانية ونتائج هذا الإنسحاب.
يكشف الأرشيف الأميركي الستار عن استراتجية أوليّة وضعها وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في 30 تشرين الأول 2001. نصّت الإستراتجية على ضرورة عدم إلتزام أميركا بمشاركة عسكرية في أفغانستان في مرحلة بعد الحرب. إعتبر رامسفيلد أن قوة حفظ سلام أممية، أو مجموعة مخصّصة من الدول المتطوعة يمكن أن تقوم بدور محدَّد في أفغانستان خلال مرحلة ما بعد طالبان. كما حرص على عدم إنخراط بلاده بخطة إعادة بناء واسعة النطاق في أفغانستان.
في نيسان 2002، ألغى بوش في خطاب له إصرار رامسفيلد بعدم مشاركة عسكرية أميركية في أفغانستان بعد طالبان. إنتقلت الأهداف الأميركية المعلنة إلى ضرورة بناء الدولة الأفغانية. دفع هذا الأمر وزير الدفاع الأميركي الى التخوّف بشأن غياب إستراتيجية خروج واضحة من البلاد.
ركّز الرئيس باراك أوباما على تقليص التدخل العسكري الأميركي المباشر في العالم واستبدله بالتدخل اللامباشرLeading from behind. إعتمد دونالد ترامب مبدأ الحد من الحروب التي هي دون نهاية. أثناء ولايته، تجلى القرار الأميركي بالخروج من أفغانستان. هدف الأميركيون من خلال المفاوضات مع طالبان في الدوحة، الى ضمان أمن ومصالح بلادهم. تعهّد ترامب بالإنسحاب وبرفع العقوبات عن قيادييين في طالبان. تعهّدت طالبان بعدم السماح لأي جماعات متطرّفة بجعل أفغانستان نقطة لشنّ العمليات ضد المصالح الأميركية في العالم.
رغم أوجه الإختلاف بين ترامب وبايدن، لم يأت الأخير بما هو جديد فيما يتعلق بأفغانستان، خاصة أن الرئيسّين يلتقيان في سياستهما على مبدأ عدم الدخول في حروب لا تعني الولايات المتحدة. كما يركّزان على توجيه الإهتمام نحو الصعود الصيني الذي يهدّد الأحاديّة الأميركية على ساحة العالمية.
لكن توقيت الإنسحاب الأميركي يبدو لكثير من المهتمين بالشـأن الأفغاني غير مناسب. فيما يعتبر آخرون أن إطالة فترة البقاء الأميركي في أفغانستان لم تكن لتأتي بتغيير مهمّ.
مَن هو الرابح نتيجة قرار الإنسحاب؟
يعتبر بعض المحللين أن الرابح الأساسي هو طالبان بعدما استعادت سيطرتها على البلاد. بالنسبة لروسيا والصين، لا تشكل عودة طالبان ومسكها ذمام الامور في البلاد مشكلة لكلاهما. أما الولايات المتحدة، إضافة الى الخسائر البشرية الكبيرة بين صفوف العسكريين، فقد أنفقت مليارات الدولارات للبرامج الإنمائية. لم تنجح من خلالها بتحقيق الخطة الموضوعة لإعادة بناء الدولة الأفغانية. ركّزت تقارير كشفها الأرشيف الأميركي على الفساد المستشري في البلاد نتيجة عوامل عدة والذي حال دون تحقيق هذا الأمر.
لم تمنع عملية تدريب وتجهيز القوات المسلحة الأفغانية، البالغه كلفتها مليارات الدولارات، من إنهيار هذه القوات عند دخول طالبان. أصبحت التجهيزات العسكرية الصالحة للإستعمال وغير الصالحة في يد طالبان بعد خروج الأميركيين. يبقى أن أميركا أخفقت في تعميم وترسيخ نموذج "الديمقراطية الأميركية" على المجتمع الأفغاني.
عشرون عام من حرب في أفغانستان كان لها الكثير من النتائج. أتى الخروج الأميركي ليطرح السؤال عن مدى فاعلية الحرب الإستباقية ضد أفغانستان والعراق التي دعمها المحافظون الجدد في تحقيق أهداف السياسة الخارجية للبلاد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك