تحدّث شهود عيان إلى موقع "الحرة" عن اللحظات الصعبة والقاسية التي عايشوها خلال وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق في المغرب، مما أدى إلى وفاة أكثر من 800 شخص وتشريد الآلاف، بالإضافة إلى خسائر كبيرة في المباني والممتلكات.
ففي شهادتها عما عاشته خلال الزلزال والساعات التي تلته، توضح رحاب، وهي شابة مغربية تقطن في مدينة مراكش، أن "مشاعر القلق والخوف" لا تزال تسيطر عليها وعلى جميع أفراد أسرتها، بعد أن أمضوا "ليلة مرعبة".
وتضيف رحاب (28 عاما)، في حديثها لموقع "الحرة": "أحسسنا في البداية بهزة خفيفة، غير أن قوتها كانت تزيد بمرور الثواني، وإثر ذلك بدأنا نشعر أن كل شيء يتحرك من حولنا، مما دفعنا إلى مغادرة المنزل سريعا، حيث وجدنا أنفسنا في الشارع مع باقي الجيران وسكان الحي".
وتتابع الشابة المغربية، قائلة: "معظم سكان المدينة اختاروا مغادرة بيوتهم وقضاء الليل بالشارع، وهناك من افترش الأرض وآخرون فضلوا البقاء داخل سياراتهم". ونبهت إلى أنها "لا تزال غير قادرة على النوم أو الأكل، بسبب الخوف وكثرة التفكير في إمكانية حدوث هزات أرضية جديدة".
من جانبه، كشف عبد الله بابو، وهو ناشط مدني بنواحي مراكش، أن المركز الاستشفائي بتحناوت بإقليم الحوز، يشهد "حالة غير مسبوقة من الطوارئ"، حيث جرى نقل عشرات الجرحى والمصابين بالمنطقة.
وأشار إلى أن "سيارات الإسعاف تواصل التوافد إلى المستشفى من دون توقف، منذ ساعات الصباح الأولى". وأضاف بابو في تصريحات إلى موقع "الحرة"، أن "كل السلطات بإقليم الحوز، من عناصر درك ووقاية مدنية، مجندون من أجل التصدي لهذا الوضع الاستثنائي".
وشدد على أن "العقبة الحقيقية" التي تواجه جهود السلطات المختصة، تتمثل في "الانهيارات الصخرية والأرضية" التي حدثت بعد الزلزال، مما أدى إلى انقطاع الطرق نحو المناطق الأكثر تضررا من آثاره.
وأفاد مصدر خاص لموقع "الحرة"، أن الطريق نحو منطقة "إيغيل" التي تعد مركز الزلزال، "يشهد تدفقا كبيرا من القوات المسلحة الملكية، من أجل نقل المساعدات الإنسانية للضحايا، وفتح الطرق لإسعاف المصابين"، كاشفا أن ثمة "قرى وبوادي لا تزال معزولة، نتيجة للأضرار التي لحقت بالطرق والشوارع".
"بكاء هسيتري"
أما جواد، وهو شاب من مدينة مراكش، فقال إنها المرة الأولى التي يرى فيها "وضعا مماثلا لحجم الذعر والهلع الجماعي الذي عاشه أمس". وأوضح أن "الكثير من المشاهد أثرت فيه أكثر من الزلزال، لاسيما حالة البكاء الهستيري التي أصابت الأطفال وبعض النساء".
وأضاف في حديث لموقع "الحرة": "وجدت نفسي مع سكان الحي نهرع إلى الشارع في نفس الثانية، بعد أن تحركت الأرض من تحت أقدامنا"، لافتا إلى "حالة الفوضى العارمة والخوف الذي سيطر على الجميع".
ونبه جواد إلى أن إحدى جاراته بالحي الشعبي الذي يقطن فيه "لم تستطع فتح باب منزلها، مما دفعها إلى الصعود إلى سطح بيتها ومحاولة إلقاء نفسها وأبنائها إلى الخارج، خوفا من الموت تحت الأنقاض".
مع توالي الدقائق والساعات، بدأت تخف حالة الهلع، وفق ابن مدينة مراكش، الذي لفت إلى "تجمع أسر حيه لمواساة بعضهم البعض، حتى الساعات المبكرة من اليوم السبت".
وأوضح جواد أن "الأخبار التي انتشرت بشأن إمكانية حدوث هزات أقوى، سيطرت على تفكير الجميع، مما دفعهم للمبيت في الشارع".
ذعر كبير
بإقليم ورزازات القريب أيضا من مركز الهزة، كشف الناشط المدني، محمد أيت الحاج، أن "الزلزال خلف ذعرا كبيرا في صفوف السكان، الذين هرعوا جميعا إلى الشوارع والساحات"، مضيفا أن "معظمهم قضوا ليلتهم في الهواء الطلق مخافة الهزات الارتدادية".
وبلغ عدد الضحايا بالإقليم ما يقارب الأربعين وفاة، وفق المتحدث ذاته، مشيرا إلى أنه "ينبغي انتظار المعطيات القادمة من المناطق الجبلية التي تضررت هي الأخرى، والتي لم ترد تفاصيل عن الخسائر فيها، بسبب انقطاع الكهرباء وشبكة الهاتف ليلا".
وأضاف آيت الحاج في حديثه لموقع "الحرة"، أن "خسائر بالأرواح سُجلت في كل من جماعات خزامة وتيدلي و تندوت وآيت زينب"، مضيفا أن "معظم قرى الإقليم عرفت انهيارات جزئية أو كلية للمنازل، المبنية أساسا من الطين".
ولفت المتحدث إلى أن السلطات المحلية "جندت كل إمكاناتها"، موضحا أن "كبر مساحة الإقليم تجعل إمكانية المساعدة ضعية"، وكاشفا أن "سكان بعض المناطق، بحاجة للدعم بالمواد الغذائية، بعد انهيار منازلهم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك