نظم جهاز تفعيل دور المرأة في حزب "القوات اللبنانية" مؤتمرا لحماية الأطفال من التزويج المبكر مساء أمس بعنوان "طفولتن أمانة"، في Hilton Hotel Metropolitan Palace -Dubai Hal برعاية رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في حضور وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، فريرا الريس ممثلة الوزير ميشال فرعون، النواب إيلي كيروز، شانت جنجنيان وجوزف المعلوف، الوزيرة السابقة أليس شبطيني، الوزيرة السابقة منى عفيش، المديرة العامة لوزارة العدل ميسم نويري، المديرة العامة لوزارة الطاقة أورور فغالي، مديرة "الوكالة الوطنية للاعلام" لور سليمان، ممثلة نقيب المحامين إليزابيت زخريا، الأمين العام السابق لحزب القوات اللبنانية المرشح عن المقعد الماروني في البترون الدكتور فادي سعد، مرشح المقعد الماروني في كسروان الأستاذ شوقي دكاش، مرشح المقعد الكاثوليكي في جزين - صيدا السيد عجاج حداد، مرشح المقعد الكاثوليكي في عاليه السيد أنيس نصار، مرشح المقعد الماروني في بشري النقيب جوزيف اسحاق، أعضاء من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، أعضاء التجمع الديمقراطي النسائي وممثلات عن جمعيات نسائية وممثلين عن المجتمع المدني، رئيسة جمعية ماراثون بيروت مي خليل، رئيسة حزب الخضر ندى زعرور، مستشار وزير الشؤون الإجتماعية زاهي الهيبة، وعدد من منسقي المناطق في القوات، وعدد من الناشطين والاعلاميين والإعلاميات ورؤساء التحرير.
افتتح اللقاء بالنشيد الوطني ونشيد القوات، ثم كلمة ترحيبية من الإعلامية ريما رحمة فكلمة رئيسة جهاز تفعيل دور المرأة في القوات مايا الزغريني قالت فيها: "نحن نساء ورجال اليوم، كنا أطفال الأمس، وما نسعى إليه أن يعيش أطفال اليوم طفولتهم وفتوتهم بحقوق كاملة، كي يكونوا فعلا نساء ورجال الغد، ليتابعوا النضال من أجل المساواة ومن أجل الحفاظ على الطفولة سليمة جميلة. أجل، نحن في جهاز تفعيل دور المرأة في القوات اللبنانية نعمل للمستقبل ونجاهد لبناء المستقبل، من أجل أجيال نقدمها للوطن، ونقدم لها وطنا يحفظ للانسان أيا كان إنتماؤه وجنسه وعمره، حقوقه الكاملة ومن دون أي تمييز أو تفرقة".
وأضافت: "اليوم، همنا الأساسي هو صدور القانون العتيد الذي ما زال إقتراحا في المجلس النيابي، والمتعلق بحماية الأطفال من التزويج المبكر، ولن نتوانى عن القيام بأيِ تحرك وبذل أي جهد وضغط في مختلف المحامل والأوساط، كي نصل إلى إقراره بأكبر قدر ممكن من العدالة ومن دون أي إستثناءات".
واعتبرت "أنه وعلى الرغم من بعض الإعتراضات من هنا وهناك، فإننا نعتبر أن مجلس النواب ملزم، كونه يمثل الشعب اللبناني مصدر كل السلطات، بإقرار القانون وإزالة كل إجحاف وتمييز بحق الطفل".
وختمت: "ومن هنا،جاء مؤتمرنا لنضيء على هذه القضية، التي يعتبرها حزب القوات اللبنانية في طليعة أولوياته، تأكيدا على المساواة وعلى الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان وزمان. فأهلا بكم أصدقاء مؤمنين بهذه القضية، عشتم،عاشت حقوق الطفل،عاشت القوات اللبنانية، عاش لبنان".
وألقى النائب كيروز مداخلة بعنوان "التزويج المبكر للأطفال بلاء كبير" قال في مقدمتها: "أقترب من الموضوع وأنا أنطلق من مفاهيم الحرية والمساواة والعدالة، من الهم الإنساني العام. أراهن على إعادة اكتساب إنسانية مجتمعنا، على استثمار في العقل وعلى إصلاح من أجل الإنسان. إن التزويج المبكر للأطفال لا يقتصر على لبنان، كما لا يقتصر على المجتمعات العربية، بل يشكل ظاهرة عالمية، وهو بكل بساطة بلاء كبير. إنه التزويج الذي يتم قبل سن الثامنة عشرة أي سن الرشد عالميا. ويشكل هذا التزويج انتهاكا بحق النساء وممارسة تحرم الفتيات من حقهن في طفولة كاملة وآمنة. ومن حق الفتاة أن تتمتع بطفولة كاملة لا أن تعيش الأمومة في عمر الطفولة أمهات وهن طفلات وفي اقتراح القانون، لفت الى أن التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني أعد مشروعا لحماية الأطفال من التزويج المبكر والذي شارك في إعداده كل من القاضي جون قزي والدكتورة ماري غنطوس والدكتور عمر نشابة والأستاذة ندى خليفة. لقد أردت أن أحول المشروع الى اقتراح قانون ودخلت في نقاش مع التجمع ليأتي الإقتراح انعكاسا لموقفي وقناعتي الشخصية. وإني أجد أن فلسفة الإقتراح وأسبابه الموجبة تتفوق على الإقتراح بحد ذاته بآلياته وإجراءاته".
وأشار الى "أبرز مميزات الإقتراح، وهي كالتالي:
- حماية الأطفال من التزويج المبكر.
ـ يعرف الإقتراح الطفل بأنه الإنسان الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره بشكل يتماشى مع اتفاقية حقوق الطفل ومع المادة 240 من قانون العقوبات اللبناني.
ـ يحدد الإقتراح سن الزواج بثماني عشرة سنة على كل الأراضي اللبنانية تماشيا مع السن القانونية للزواج عالميا.
ـ يجعل الإقتراح سن الزواج متساويا بالنسبة للمرأة والرجل.
ـ يلغي الإقتراح الإستثناءات التي تفتح مجالا واسعا للمخالفات كما هو واضح في كل قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية. ويؤكد الإقتراح على حظر زواج الأطفال.
ـ يشدد الإقتراح العقوبات بحق كل من يقوم بتزويج الأطفال.
في الدستور وحق الطوائف والنظام العام:ادعى بعض النواب وبعض رؤساء الطوائف أن الإقتراح هو غير دستوري.
- لقد نص الدستور اللبناني في مقدمته، في الفقرة ب، على التزام لبنان بأحكام مواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- كما نص الدستور اللبناني، في المادة التاسعة منه، على أن تضمن الدولة للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية.
- إن هذه المادة والتي هي حجر الزاوية التي تقوم عليها أنظمة الأحوال الشخصية قد فوضت الطوائف الحق بالتشريع في مجال الأحوال الشخصية، دون أن تجعل منه حقا مطلقا، بل مشروطا بما أسمته المادة التاسعة "بعدم الإخلال بالنظام العام". إن التزويج المبكر للأطفال بأخطاره وعواقبه على القاصر والأولاد والأسرة والمجتمع، أفلا يعتبر إخلالا بالنظام العام اللبناني؟ وهل يمكن للدولة أن تتنازل عن حقها في تنظيم حياة مواطنيها وفي حماية العائلة اللبنانية ومكافحة العادات والأعراف الضارة التي تشجع مثلا على التزويج المبكر من خلال تحديد سن دنيا للزواج بالشكل الذي يمنع تزويج الأطفال ويحول دون المشاكل الكبيرة الناتجة عنه؟
- وفي تفسيره للمادة التاسعة من الدستور، وفي قرار دستوري صادر في 8 حزيران سنة 2000، اعتبر المجلس الدستوري أن هذا النص وإن كان يعطي للطوائف استقلالا ذاتيا في إدارة شؤونها ومصالحها الدينية، فإنه لا يحجب حق الدولة في التشريعات المختلفة المتعلقة بتنظيم أوضاع هذه الطوائف وفقا لأحكام الدستور. كما اعتبر المجلس الدستوري أن حق الدولة في التشريع هو حق من حقوق السيادة، وأن سلطة التشريع التي حصرها الدستور بهيئة واحدة دون غيرها هي سلطة أصيلة ومطلقة وأن لمجلس النواب حق الولاية الشاملة في التشريع.
- وفي رأي لهيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل في 28/11/2017، اعتبرت الهيئة أن التوفيق بين مقدمة الدستور والمادة التاسعة منه يكون بأن نحدد سن الزواج بما يتوافق مع المواثيق الدولية التي انضم إليها لبنان، إذ أن عكس ذلك يؤدي صراحة الى الإخلال بالمبادئ التي وردت في مقدمة الدستور والتي التزمت الدولة بتجسيدها في جميع الحقول والمجالات وهي مبادئ تتعلق بالنظام العام اللبناني ذات القيمة الدستورية.
- إن القرار التشريعي رقم 60 ل.ر. 1936 المعروف بنظام الطوائف الدينية هو الذي حدد الطوائف الدينية التاريخية المعترف بها. غير أن الإعتراف بالطوائف ومفاعيل هذا الإعتراف لم يمنع وضع قوانينها وأنظمتها وتطبيقها تحت حماية القانون ومراقبة السلطة العمومية.
- إن قانون 2 نيسان 1951 والذي حدد صلاحيات المرجعيات المذهبية للطوائف المسيحية، اشترط في المادة 33 منه للإعتراف بالطوائف المسيحية أن يكون قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات لدى محاكمها الروحية متوافقا مع المبادئ المختصة بالإنتظام العام والقوانين الأساسية للدولة والطوائف.
- وفي قرار رقم 5 صادر بتاريخ 13/2/1962 قالت محكمة التمييز اللبنانية بأنه يقتضي الأخذ بقوانين الطوائف شرط عدم تعارضها مع القوانين الأساسية للدولة والمبادئ المختصة بالإنتظام العام".
أضاف: "في الإتفاقيات والتوصيات الدولية. لقد حظرت الإتفاقيات والتوصيات الدولية التزويج المبكر للأطفال. ويمكن بوضوح استقراء توجه عالمي لتوحيد سن الزواج بثماني عشرة سنة بقطع النظر عن الخصائص الدينية والثقافية. وأتت توصيات لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان كالآتي: اعتبرت اللجنة الدولية لحقوق الطفل واللجنة الدولية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بأن الحد الأدنى لسن الزواج ينبغي أن يكون 18 سنة للرجل والمرأة. ودعا بيان مشترك صادر في ال2012 عن لجنة حقوق الطفل واللجنة الدولية المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الدول الى رفع سن الزواج الى 18 سنة للرجل والمرأة. لقد أوصت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة الدولة اللبنانية بأن تحدد السن القانونية الدنيا للزواج بواقع 18 عاما للإناث والذكور تماشيا مع المعايير الدولية. كما دعت اللجنة الدولية لحقوق الطفل في تقريرها الدوري الثاني لبنان الى رفع السن الدنيا للزواج وجعله مماثلا للرجل والمرأة. ولقد أوصت لجنة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الدول برفع الحد الأدنى لسن الزواج وجعله متساويا للمرأة والرجل. وأقرت لجنة مناهضة التعذيب بأن تزويج الأطفال قد يشكل معاملة قاسية ولا إنسانية لا سيما إذا لم تحدد الحكومات حدا أدنى لسن الزواج يتقيد بالمعايير الدولية".
وتابع: في القانون اللبناني، لقد أراد المشرع أن يوحد بين سني الرشد المدني والرشد الجزائي فاعتبر أنه إذا أتم شخص سن الثامنة عشرة من عمره فإنه بذلك يكون قد بلغ سن الرشد الجزائي وصار أهلا لأن يسأل مسؤولية تامة. (سن رشد جزائي). لقد اشترط قانون العمل اللبناني في المادة 91 منه توافر سن الثامنة عشرة للإنتساب الى النقابات العمالية. (سن رشد نقابي). لقد فرض قانون السير في المادة 199 منه أن يبلغ المواطن اللبناني ثمانية عشر عاما أو واحدا وعشرين عاما للإستحصال على رخصة سوق. وفي الخلاصة، أشار الى أن الإقتراح يهدف الى استعادة إنسانية الإنسان ويحث لبنان على الإلتزام بأهداف التنمية المستدامة 2030 في الهدف الخامس الذي ينص على ضرورة القضاء على تزويج الأطفال".
وكانت كلمة للوزير أوغاسابيان لفت فيها إلى "أهمية التوعية على مخاطر الزواج المبكر إنطلاقا من تجارب السيدات اللواتي عانين هذا الأمر". ورأى أن "أي بحث في المجلس النيابي يهدف إلى الحد من الزواج المبكر يجب أن ينطلق من معاناة الفتيات اللواتي اختبرن هذا الزواج وعانين تبعاته"، لافتا إلى أن "كثيرين من المسؤولين ليسوا على تماس مع المآسي التي يتسبب بها الزواج المبكر، سواء على الصعيد الاجتماعي أو المعنوي".
وأضاف: "إن المقاربة الصدامية في هذه المسألة لن تؤدي إلى نتيجة"، مشيرا الى أنه قام بجولات عدة على رجال دين من الطوائف المختلفة وتبين له أن الزواج المبكر لم يعد مسألة غير قابلة للنقاش".
ولفت إلى أن "وزارة الدولة لشؤون المرأة، والتزاما بتطبيق الاتفاقيات الدولية وبخاصة اتفاقية السيداو واتفاقية حقوق الطفل، إنضمت إلى التحالف الوطني لحماية الأطفال من التزويج المبكر، كما أن الوزارة تتابع عبر اللجان النيابية ذات الصلة اقتراحات القوانين التي تحدد سن الزواج، والمرفوعة من قبل النواب، وهي تؤيد مبدأ عدم السماح بالزواج دون 18 سنة".
وأكد "استمرار هذه المسيرة بهدف الوصول إلى النتيجة المرجوة، لأنه إذا لم تكن العائلة اللبنانية مبنية على أسس كريمة وثابتة وإذا لم يكن للمرأة عزة نفس وكرامة فسيكون الوطن كله من دون كرامة".
وتحدث خلال اللقاء أيضا، القاضي الرئيس جون القزي، الذي عرض لإقتراح قانون "حماية الأولاد من التزويج المبكر" الذي شارك بإعداده إلى جانب النائب إيلي كيروز وعدد من الخبراء وأكد قزي إنه وبناء على خبرته القضائية ومشاهداته مدة أكثر من عشر سنوات، "على أن النساء اللبنانيات مظلومات في القانون، ومن هنا لا بد من العمل على تطوير القوانين بما يحقق العدالة ويضمن حقوق النساء"، مشددا على أن "إقتراح القانون المذكور أعلاه يهدف إلى حماية الأولاد من التزويج المبكر وليس تنظيمه، وذلك بالاستناد إلى تعريف الطفولة في اتفاقية حقوق الطفل، والتي تحدد الطفل بكل من هو دون الثامنة عشرة من العمر، وبالإستناد أيضا إلى قانون الموجبات والعقود اللبناني والذي يشير في المادة 176 إلى أن الرضا أساس التعاقد، فيما يشترط في المادة 215 وجود الأهلية للتعبير عن الرضا، وأبرز شروط هذه الأهلية هي أن يكون بلغ السن القانونية وهي 18 سنة".
ثم تم عرض شهادة حياة لإحدى ضحايا الزواج المبكر.
وفي مداخلة للدكتور فيصل القاق، الاختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد والصحة الجنسية، أكد أنه "ما يزال هناك فتيات تتزوجن تحت سن الـ 18 وذلك مرتبط بعادات وتقاليد اجتماعية. كما يعتبر بأن هذا الأمر يسمى تزويجا أكثر منه زواجا".
وأشار إلى أن "الزواج والحمل قبل 18 سنة له تأثير صحي كبير على صحة الفتاة الجسدية والنفسية، وبخاصة أن القدرة الإنجابية خلال هذه المرحلة تكون قيد التطور والنمو. ومن العوارض التي تتعرض لها القاصر أثناء الحمل: النزيف الحاد، الولادة المبكرة، الإجهاض، ارتفاع ضغط الحامل، واضطرابات نفسية وسلوكية خطيرة كالإكتئاب وتقلب المزاج والقلق ، والإضطرابات الجسدية كما يؤدي إلى اضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين".
أضاف: "إن القاصر - الحامل يكون سلوكها في الحمل غير سليم وصحي إذ أنها غالبا ما لا تلتزم بالزيارة الدورية للطبيب، بتناول الأدوية المخصصة لها خلال فترة الحمل، وبالمباعدة بين الحمل والآخر، الأمر الذي ينعكس على الأولاد من ناحية الاهتمام بغذائهم وتربيتهم".
بدورها، اعتبرت الدكتورة في علم النفس جانين علوان أن الزواج المبكر من أهم أسباب المشاكل والاضطرابات النفسية التي تواجهها الفتاة، وذلك لأن زواجها في عمر صغير يحرمها من أشياء كثيرة كانت ستتاح أمامها لو أنها لم تتزوج، وأول هذه الأشياء حرمانها من أن تعيش عمرها الطبيعي مع قريناتها، وتتلقى التعليم المناسب، وتلعب وتضحك وتمرح، دون أن يكون لديها مسؤوليات أكبر منها، كمسؤولية البيت والزوج، وقد تصل بها الحالة إلى الاكتئاب، والحقد على المجتمع الذي تعيش فيه".
وفي ختام المؤتمر تم عرض وثائقي عن النساء المعنفات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك