نظم قسم الفلسفة في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية ومركز الأخلاق وأخلاقيات علم الأحياء في جامعة الروح القدس - الكسليك بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، بالتعاون مع منظمة اليونيسكو في بيروت مؤتمرا بعنوان "الاهتمام والعناية بالآخر والقانون الإنساني الدولي في زمن الليبرالية الجديدة: مقاربة نظرية وعملية"، بحضور عميد الكلية المنظمة الأب جان رعيدي، منسقة برنامج اليونيسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية الدكتورة سايغو سوغيتا، مدير مركز الأخلاق وأخلاقيات علم الأحياء في الجامعة الأب شربل شلالا، رئيسة قسم الفلسفة البروفسورة ماري فياض إضافة إلى عدد من الأساتذة والطلاب.
بداية، كانت كلمة لرئيسة القسم المنظم البروفسورة ماري فياض نوهت فيها "بالتعاون الوثيق مع منظمة اليونيسكو الذي أثمر عن سلسلة من النشاطات للاحتفال باليوم العالمي للفلسفة. فإضافةً إلى هذا المؤتمر تم تنظيم لقاء بين طلاب قسم الفلسفة مع اليونيسكو - باريس للبحث في قضايا عن الشباب والفلسفة، وحلقة نقاش عبر شبكة الإنترنيت (Séance Visio) بين أساتذة شباب في كليتنا مع أعضاء اليونيسكو في باريس لمناقشة موضوع "الغريب"، ومقابلة في إطار حلقة نقاش حول الفلسفة السياسية (Séance Visio). تجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الأنشطة قد تم بثها عالميا على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة باليونيسكو-باريس. وعلى هذا النحو تتجسد الروابط الوثيقة بين جامعتنا واليونيسكو، فنحن نتشارك بالرؤية نفسها والفعل نفسه: التعليم لدعم شبابنا، صناع الغد على أمل أن يكون أفضل".
ثم تلت منسقة برنامج اليونيسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية الدكتورة سايغو سوغيتا رسالة المديرة العامة لليونيسكو السيدة أودري أزولاي التي شددت على أهمية الفلسفة في حياتنا، "إذ تعد موردا ضروريا للتعايش، فلا يستطيع أي مجتمع يتمتع بالحرية ويتسم بالتعددية، أو يتطلع إلى ذلك، الاستغناء عن هذا المورد. وقد أبدت اليونسكو، التي تنسجم المهمة المسندة إليها مع شمولية الفلسفة، اهتماما خاصا بالفلسفة دائما. ولذلك يسر اليونسكو أن تحتفل مجددا باليوم العالمي للفلسفة من خلال سلسلة من الأنشطة تعتزم تنظيمها بهذه المناسبة في مقرها بمدينة باريس طوال يومين. وتضم هذه الأنشطة حلقات عمل وحلقات نقاش ومحاضرات ستتيح لمحبي الفلسفة من الرجال والنساء، على اختلاف أعمارهم ومشاربهم الثقافية، سلوك سبل مباشرة إلى العلم والمعرفة والتفرغ لمتعة التبادل والتفكر".
بعد ذلك، ألقى عميد الكلية المنظمة الأب جان رعيدي كلمة أكد فيها على "أهمية الفكر الفلسفي الذي ينبض منذ عقود في قلب كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية التي عملت، منذ تأسيسها في العام 1949، على إخصاب الروح الفلسفية ضمن المدى الجامعي الأقرب والمدى اللبناني الأرحب. تولي كليتنا المنفتحة على أكثر من مدرسة فلسفية أهمية قصوى لتقديم مناهج متخصصة إلى طلابها عبر توفيقها ما بين التعليم الفلسفي ونقل المعرفة من جهة، والبحث والإنتاج المبدع من جهة أخرى. وتكمن رسالتها الأساسية في المساهمة، بطريقة فعالة، في بناء حضارة السلام التي "يقوم محورها الأساسي على الاعتراف بقيمة كل إنسان، كل الإنسان". بناء حضارة كهذه يفترض التحرر من كل فكر شمولي يعمد إلى حصر الآخر في محدودية "الأنا" الضيقة والأنظمة الفكرية المغلقة".
وختاما، قدمت رئيسة قسم الفلسفة ومختبر "صوفيا" في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية البروفسورة ماري فياض محاضرة بعنوان "الاهتمام والعناية بالآخر والقانون الإنساني الدولي في زمن الليبرالية الجديدة: مقاربة نظرية وعملية"، مرتكزة على ثلاثة محاور. يقوم المحور الأول على مقاربة تحليلية، وصفية وأخلاقية- سياسية لمفهوم العناية والاهتمام بالآخر المرتكز على فلسفة أخلاقية عملية متصلة بمؤسسات الدولة في الديموقراطيات بهدف تلبية حاجات الآخر. إذ يتعلق الأمر هنا بالمفهوم الجيد للعناية بالآخر كنموذج يبشر به طبقا للنظام الجمهوري الجديد (Néo Républicanisme).
ويركز المحور الثاني على فهم أسباب فشل ممارسة العناية والاهتمام بالآخر في يومنا هذا بسبب انحراف الديمقراطيات بفعل الليبرالية الجديدة (Néo Libéralisme) المبنية على مقاربة أنطولوجية وأنثروبولوجية للسلطة التي تملك الوسائل التقنية لتحويل المفهوم الجيد للعناية بالآخر إلى مفهوم نفعي من خلال استعماله لأهداف ضيقة إن كان في المؤسسات الإجتماعية لبلد ما أو بالرجوع إلى سلم أولويات يحددها القانون الإنساني الدولي.
وسلط المحور الثالث الضوء على عقيدة القانونيين والأخلاقيين والفلاسفة المدعوين إلى تعزيز مكتسبات مجتمع إنساني تسوده القيم، وذلك بهدف إعادة النظر في أخلاقيات العناية والاهتمام بالآخر، والهبة والأفعال الإنسانية بوجه الظلم والشرور التي تعاني منها بلدان صغيرة تتجه نحو الزوال بسبب انتهاكات الحقوق فيها. ولعل لبنان هو أفضل مثال على ذلك".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك