على وقع تجدّد التحركات وقطع الطرقات، يبدو ان تأليف الحكومة يصطدم بالحائط... حيث تلمّس الطريق نحو الحلول لم يبدأ بعد في حين ان كل طرف يتشبّث برأيه غير آبه بحدّة الازمة المعيشية والغلاء الفاحش الذي يحاصر اللبنانيين.
الخشية الأكبر
وتعليقا على الافق المسدود، قال مصدر وزاري مطلع، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان التطورات الحاصلة داخليا او اقليميا، تفرز 3 محصلات:
اولا: ما يجري في لبنان هو جزء مما يجري في المنطقة. والمرحلة الحالية كشفت اكثر من اي وقت مضى الترابط بين ايران والعراق ولبنان.
ثانيا: تبين ان اركان السلطة في لبنان الى اي طرف انتموا (المعارضة او الموالاة) ما زالوا يتعاطون مع "الحدث التاريخي" الذي يمر به لبنان والوضع المصيري وكأن ازمة تأليف الحكومة بين طرفين.
ثالثا: كما تبين ان المجتمع الدولي الذي اعتاد لبنان على مساعداته، يقف متفرّجا، لا يتدخل فعليا لايجاد تسوية، وهذا امر خطير للغاية، اذ طوال سنوات الحرب منذ سبعينيات القرن الماضي حتى الامس القريب، كان عند كل ازمة يستنبط مبادرة عربية او دولية، اما اليوم فنجد الغياب الكلي لهكذا نوع من المبادرات.
واضاف المصدر: هذا ما يعني غياب الخطوط الحمراء التي يفترض ان تتوقف عندها القوى السياسية، وفي موازاة ذلك لا حلول في السياسة عند "الثورة" ولا بدائل في الاشخاص، اما السلطة فتتعاطى مع تأليف الحكومة من زاوية تحسين المواقع والشروط، بما يظهر وكأنه استخفاف بالأزمة وبالناس، هذا ما أشعل الطرقات والشوارع مجددا، تحت عنوان "اسبوع الغضب".
وحذر المصدر من ان الخشية الكبرى هي من التقدّم وبخطى ثابتة نحو الخطوط الحمر المالية والاقتصادية، مما يجعل من الازمة متكاملة.
دياب بين خيارين وثقتين
وماذا عن التأليف؟ اجاب المصدر: الذين كلفوا الرئيس حسان دياب لا يريدون له ان يؤلف، والذين لم يكلفوه لن يؤيدونه. وبالتالي يفترض به - ليس من الناحية السياسية بل من الأدبيات السياسية - ان يستخلص العبر، فإما ان يؤلف حكومة امر واقع ويعرضها على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واما ان يختار الا يزيد على الازمة ازمة أخرى، فيعلن اعتذاره.
ولكن حتى الساعة لم يلجأ الرئيس المكلف الى اي من الخيارين، بل من خلال هذه الازمة يحاول ان يحوز على ثقتين، على الرغم من المظاهرات باتجاه منزله:
- ثقة الشارع السني بانه يواجه مَن كان يريد ان يمدّ يده الى صلاحيات الرئاسة الثالثة.
- وثقة الشارع المنتفض لجهة تمسّكه بحكومة اختصاصيين في حين ان الآخرين لا يريدونها.
امل - التيار - حزب الله
وفي اطار التجاذبات الحاصلة، اعتبر المصدر ان خيار التيار "الوطني الحر" بالبقاء خارج الحكومة، وتلويح حركة "امل" بخيار مماثل، هو امر منسق، بحيث لا يمكن فصل اللقاء الذي حصل اليوم بين الرجلين عن التطورات الحكومية الحاصلة والموقف من التأليف، على الرغم من ان اللعبة بينهما في هذا المجال بسيطة امام المصالح الخاصة وليست على مصالح الوطن، لا سيما وان هناك مايسترو واحد يجمع الطرفين وحلفاءهما اي "حزب الله".
وفي مقابل ذلك، يُدرك رئيس الحكومة المكلف انه كان الخيار الاخير بعدما سقطت كل الاسماء تباعا، ويتصرّف وفق "عِرَف مكانه فتدلّل"، ولكن اليوم، لسنا في وضع دلع ودلال، بل لا بد من مسعى واضح لانقاذ البلد.
عودة الحريري ومسرحية دياب
وفي ظل هذا الوقت الضائع، هل يمكن ان ينجح مَن يطلب تفعيل حكومة تصريف الاعمال؟ شرح المصدر "ان بري يريد عودة الرئيس سعد الحريري من زاوية المصالح، واعادة تركيب تسوية مصالح جديدة على غرار تسوية العام 2016 التي سقطت، لافتا الى ان اركانها اعتقدوا انه بسقوط التسوية السياسية تبقى تسوية المصالح قائمة لكن تبين العكس، لذلك يسعون الى اعادة الاعتبار لها".
اما عودة الرئيس الحريري الى التأليف مجددا، فسيؤدي الى ان "تقوم القيامة"، اذ عندها الرأي العام سيعتبر ان كل ما حصل منذ تكليف دياب حتى اليوم لم يكن سوى مسرحية، وبالتالي المأزق سيكبر.
واحتمال ان يعلن دياب حكومة امر واقع على اساس مبدأ الاختصاصيين الذي طرحه بداية، قال المصدر: لا يريدون للحكومة التي قد يعلن عنها دياب - في حال لم تنل ثقة مجلس النواب- ان تتحوّل الى تصريف الاعمال الذي يقوم به الاطراف الحاليين.
وختم: كل ما يحصل هو لعب بمصير البلد... وهنا الخطورة الأكبر!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك