أن تدفن أمّ ولدها هو أبشع ما قد يختبره إنسان في حياته، وهو الظلم بذاته، فما عسانا نقول عمّن خسرت فلذة كبدها وحُرمت حتى من أن تلقي عليها النظرة الأخيرة وتسمعها ما في قلبها من وجع؟
في لبنان، حيث للباطل ألف جولة وجولة، ما سبق يتحوّل يوميا إلى واقع، فقصص معاناة المرأة وخصوصا الأم في بلدنا لا تنتهي، ويبدو أنها لن تجد منفذا إلى الحقّ طالما لا يزال الظلم قابعا في عقول كثر ممن من المفترض أن يكونوا حماة الاديان والحاكمين باسمها.
فبعد أن حُرمت سيدة لبنانية من رؤية ابنتها طوال عامين بفعل حكم المحكمة الجعفرية، تمّ منعها أيضا من المشاركة في وداع ابنتها التي توفيّت، وأكثر من ذلك.. فد تمّ دفن الشابة في حديقة المنزل بعد أن سيّجوا المكان حتى لا تتمكن الأم من الاقتراب من القبر، ما دفع بالأخيرة إلى التوجه إلى هناك، والصراخ من بعيد منادية ابنتها لتقول لها ما عجزت عن قوله ولتعبّر عما في روحها من ألم.
لا يمكن أن تشاهدوا الفيديو المرفق من دون أن تذرفوا دموعا من الغضب والحزن، لا يمكن ان تتفرجوا على هذه الأم المفجوعة من دون أن تلفظوا الظلم وقباحة الواقع الذي نعيشه... لكن عسى أن تتحول هذه الدموع وهذا الأسى، إلى انتفاضة ما على هذا الواقع، حتى لا تموت الأمهات في لبنان مرّات ومرّات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك