كتب أنطون الفتى في "أخبار اليوم":
لمن يريد معرفة "خريطة الطريق" الأميركية الحقيقية تجاه لبنان، والتي قد تستمرّ لفترات طويلة، والى ما بَعْد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، حتى ولو لم يَفُز الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيها، ربما يكون مُفيداً له أن يطّلع على البيان الذي تلَتْه السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد، في قصر بعبدا، بعد لقائها رئيس الجمهورية ميشال عون لوداعه، لمناسبة انتهاء مهامها الديبلوماسية في لبنان.
ففي بيانها، أعطت ريتشارد الشعب اللبناني الحق بالخروج الى الشوارع، وأكدت أن لا سبب لعدم وجود نظام حديث لإدارة النفايات، وكهرباء للجميع 24/24، وسبعة أيام في الأسبوع، وقوّة مسلّحة واحدة تحت سيطرة الدولة، واقتصاد متنامٍ، في لبنان، في عام 2020.
قرارات صعبة؟
وتحدّثت ريتشارد عن "قرارات صعبة"، وعن أنه "سوف يتحمّل الجميع بعض العبء" (في إشارة ربما الى برنامج للبنان مع "صندوق النقد الدولي" رغم معارضة "حزب الله"). كما أشارت الى "فرصة تاريخية لقَلْب الصّفحة، ولرسم مسار جديد يجعل لبنان يدرك كامل إمكاناته كعضو حديث ومزدهر في المجتمع الدولي" (أي خارج محور "الممانعة").
وقالت السفيرة الأميركية:"إن النجاح الذي حقّقه الكثير من المهاجرين اللّبنانيين في بلدان مثل الولايات المتحدة، هو دليل على حقيقة أنه (النجاح) ممكن هنا أيضاً" (أي في الداخل اللبناني).
وانطلاقاً ممّا سبق، يبدو أن التعاطي مع "صندوق النقد الدولي"، هو المقدّمة الأولى في الرؤية الأميركية لتحقيق الإنقاذ اللبناني، وللوصول الى بلد مزدهر خارج "محور الممانعة"، أي خارج السّطوة الإيرانية، تتوفّر فيه الشروط الحياتية والمعيشية والسياسية والإقتصادية... الطبيعية، للدّول التي تنتمي الى المجتمع الدولي. وهو ما يمكّنه من أن يكون أيضاً بلداً قابلاً للحياة، وليس خزّاناً للهجرة، فقط.
وهذه النّظرة الأميركية، هي بمثابة خطة خمسية أو عشرية للبنان، تنتهي في عام 2025، أو في عام 2030، إذا تمّ البدء بها اليوم، بالفعل.
خارج؟
أشار سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة الى أن "سياسة الولايات المتحدة الأميركية الدائمة والثابتة تقوم على أن يكون لبنان خارج منظومة "الممانعة"، وضمن التحالف معها، ومن ضمن المجتمع الدولي".
ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "هذا ما يدفع واشنطن الى مساعدة الجيش اللبناني، على أساس أنه يحقّق التوازن اللبناني الاستراتيجي المطلوب، في ظلّ وجود "حزب الله" وسلاحه في لبنان".
وشدّد على أن "بيان ريتشارد أمس، أكد استعداد بلادها الدائم لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته. فلا مصلحة لدى واشنطن، ولا حتى لدى إيران وروسيا، في أن يخرب لبنان".
بومبيو
وأوضح طبارة أن "الأساس في بيانها (ريتشارد) هو أنه أتى منسجماً مع الكلام الذي كان قاله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بعد تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، والذي أكد فيه أن واشنطن تهتمّ لبرنامج هذه الحكومة".
وقال:"العقوبات الأميركية تأتي دائماً مدروسة، في شكل لا يطال لبنان كلّه، وهي تريد التضييق على "حزب الله"، ولكن دون معاقبة لبنان كلّه. وبالتالي، أي مصرف تريد واشنطن معاقبته، فإنها ستفعل ذلك على طريقة "مثل الشعرة من العجينة"، أي محاسبته وتشديد الخناق عليه، دون المساس بباقي المصارف الأخرى".
وأضاف:"واشنطن تهدّد بمعاقبة كلّ جهة تقترب من "حزب الله" زيادةً عن اللّزوم. وتوجد إنذارات حالياً، وهي تنسجم مع تلك التي بدأت عندما تولّى "الحزب" حقيبة الحصّة في الحكومة السابقة، العام الماضي".
الإصلاح...
ورأى طبارة أن "الإصلاح الأساسي المطلوب من لبنان، يتعلّق بقطاع الكهرباء. ولكن خوف "حزب الله" من "صندوق النقد الدولي" يعود الى أنه (الصندوق) سيدخل في قضايا تتعلّق بتمويله ("الحزب") داخلياً".
ولفت الى أن "ملف الكهرباء مثلاً، فيه حساسية كبيرة، انطلاقاً من أن بعض جمهور "الحزب" يدفعون فواتير كهرباء، فيما بعضهم الآخر لا. بالإضافة الى وجود موظفين في شركة الكهرباء، ينتمون الى فريق "الثنائي الشيعي"، وبعضهم لا يداوم ولا يقوم بعمله، فيما يتقاضى مستحقاته. وهي أمور لن يقبل "صندوق النقد الدولي" باستمرارها على ما هي عليه".
وختم:"الصندوق" سيطال أيضاً أوضاع المرافىء والمطار، و"الحزب" يخاف من هذا الأمر، وذلك رغم أنه (الحزب) يدعم إنقاذ لبنان وإصلاح أوضاعه، في شكل مبدئي، تجنّباً لأي فوضى مستقبلاً".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك