لكلّ مصيبة فوائدها، هذا ما يؤكّده علماء الاجتماع والباحثون في مختلف المجالات. لكلّ وباء أعجوبته، هذا ما نشهده نحن الصحافيّون اليوم، ولا نتحدّث هنا عن القدّيس شربل.
صدّق أو لا تصدّق، ما فعله "كورونا" في عالم السياسة أشبه بأعجوبة لم يدرك البعض أنها تحقّقت، ولو لفترة زمنية قصيرة.
بلا كمّامات، كمّ فيروس "كورونا" بعض أفواه السياسيّين والمسؤولين الذين كانوا يُصرّحون ويغرّدون يوميّاً بلا مسؤولية إو إدراك للواقع، بينما المواطن يقبع في شتّى أنواع المصائب من فقرٍ، وعوزٍ، وجوعٍ، ومرضٍ، وضُعفٍ، ويأسٍ، وفوضى.
تصاريحٌ سخيفة، مزايدات، إنتقادات، فضائح، تبجيل زعماء، حملات حزبيّة دفاعية، جيوشٌ إلكترونية، تعابيرٌ غير أخلاقية وصورٌ مركّبة، وتقاذفٌ للمسؤوليّات وأكثر... جميعها إختفت بفضل "كورونا".
في المقابل، بتنا نشهد مواقف من بعض المسؤولين السياسيّين والمحليّين من محافظين، وقائمقائميّين، ورؤساء بلديات، فيها درجات عالية من المسؤوليّة والحرص الحقيقي على صحّة وسلامة المواطن في مختلف المناطق. مواقفٌ تُقرن بتحرّكات على الارض بهدف التأكّد من ضبط الاوضاع، وإحصاء المرضى، ومساعدتهم في شتّى الطرق، وتأمين سير عجلة الحياة، ولو في الحدّ الادنى.
مفارقة أخرى تُسجّل في زمن "كورونا"، الهلع يجمع المواطن والمسؤول على حدّ سواء، وهو ما لم يستطع الدولار والليرة أن يفعلاه، فالازمة الاقتصادية انعكست على المواطنين فقط، في ظلّ تهريب كبار الزعماء أموالهم الى الخارج وترك المواطن يتلهّى بـ"صبحيّات" في المصارف، وزيارات لصيارفة، وبإبتكار أماكن يُخفي فيها حفنة من أوراق نقدية لا قيمة لها. هرّبوا المرض اليوم، إن استطعتم. هرّبوا صحّتكم أيضاً الى بلدان خالية من "كورونا"... هيّا!
شكراً "كورونا"، لقّنتهم درساً عن قرب، في زمن الدّروس عن بعد. أغلقت أفواههم، وأرحت آذاننا، وهذه أوّل أعجوبة تُسجّل لك في لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك