كتبت كريستال نوار في موقع mtv:
في مشهدٍ "بقطّع القلب"، انتشرت صورة على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" تُظهر "الختيار" واقفاً أمام حديقة اليسوعيّة متفرجاً على ذكرياته مع التعليق الآتي: "كلّ ختيار طلع عن السن أو ما قادر يشتغل أو مريض بيجي عهالجنينة يمشي ويشوف أصحابو ويقطّع وقت كرمال يحس حالو عايش بهالبلد يلي ما ضمنلو شيخوختو... هالمشهد اليوم قطّعلي قلبي، ختيار نازلة دمعتو عم يتفرّج الجنينة من برا ومش قادر يفوت لأن مسكرينا من ورا كورونا. كرمالو وكرمال كلّ ختيار يقدر يكفّي حياتو وآخر أيام عمرو مبسوط، خليك بالبيت".
في العاصمة بيروت، في منطقةٍ تفتقر إلى المساحات الخضراء والأماكن العامّة التي يمكن زيارتها من دون أيّ مقابلٍ مادي، تُمثّل حديقة اليسوعيّة التي تقع في منطقة الرميل - الأشرفيّة المتنفّس شبه الوحيد للأهالي لا سيّما كبار السنّ والأطفال.
هذه الحديقة التي أنشأتها بلديّة بيروت تحتوي على ألعابٍ للأطفال ومكتبةٍ عامة جاهزة لاستقبال كلّ الفئات العمريّة ممّن أرادوا الإطّلاع على أجدد إصدارات الكتب أو الدراسة في جوّ هادئ. إلا أنّ الأهمّ يكمن في احتضان هذه الحديقة لعددٍ لافتٍ من كبار السنّ في مشهدٍ مشابهٍ لِما نراه في الدول الأجنبيّة؛ يتبادلون الأحاديث والضّحكات ويوسّعون شبكة معارفهم الإجتماعيّة في بلدٍ لا يؤمّن أدنى مقوّمات العيش لهؤلاء.
أجدادنا يتلهفون لهذا المتنفس، الذي كان "كلّ حياتن"، والذي أُقفل اليوم في إطار إجراءات الوقاية من فيروس كورونا في مبادرةٍ مفيدة للحدّ من انتشار الفيروس. الروتين اليومي الذي اعتادوا عليه، باتوا اليوم مضطرّين للتخلّي عنه قسراً والعيش في عزلةٍ اجتماعيّة ونفسيّة أيضاً.
وفي الصورة المرفقة أطفالٌ يلعبون والفرح يملأ ساحة الحديقة، وفي الجانب الآخر وجهٌ آخر من الفرح يتمثّل بعددٍ من كبار السنّ يُطالعون ويتبادلون الكلام.
في صورةٍ أخرى من يومنا هذا، زمن أزمة كورونا، رجلٌ مسنّ يقف حزيناً أمام أسوار الحديقة المقفلة وكأنّها سجنٌ، أقفل فجأة على ضحكاته وأصدقائه وذكرياته التي أُضيفت إلى كمّ هائل من الذكريات الحزينة الأخرى...
من أجل هؤلاء، الذين يُعتبرون الحلقة الأضعف اليوم في زمن كورونا، هذا الفيروس الذي ينبغي أن يحضّ المسؤولين على الإلتفات إلى المواطن عموماً وكبار السنّ خصوصاً، من ناحية العمل على تأمين أبسط حقوقهم وأبرزها حقّ ضمان الشيخوخة والطبابة المجانيّة؛ الزموا منازلكم كي يعودوا، ونعود معهم، لعيش ما تبقّى من الحياة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك