كتب جوزف فرح في "الديار":
يعتبر الوزير السابق رائد خوري ان الف باء الحل في لبنان يكون في تشكيل حكومة من الاختصاصيين واجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومع حاملي السندات الدولية «اليوروبوندز» وتحميل من تسبب بهذا الانهيار بالكلفة وهي الدولة التي ارتكبت الجريمة الكبرى بتخلفها عن الدفع وبسوء ادارتها للامور المالية والاقتصادية تحت عنوان تثبيت سعر العملة بأي كلفة واجراء الاصلاحات التي باتت معروفة.
وطالب بأن تساهم الدولة في تخفيف حدة الازمة المالية من خلال املاكها وعقاراتها وشركاتها وان تعطي اسهما للمودعين الذين وثقوا بالمصارف ولا علاقة لهم باللعبة السياسية.
واكد خوري ان الطبقة السياسية لن توقف الدعم بعد ان استمرت طيلة ٣٠ سنة في الاستيلاء على مال الناس.
اما بالنسبة لاصحاب المولدات الخاصة فإنه لا يجوز ان يسعروا على مزاجهم، كما ان التسعيرة ارتفعت ٥٠٠ بالمئة بينما كان يجب ان ترتفع ٢٠٠ الى ٢٥٠ بالمئة فقط.
الوزير خوري الذي كان السباق في استشرافه للمستقبل القاتم من خلال الورقة التحذيرية وضعها امام مجلس الوزراء عندما كان وزيرا للاقتصاد والتجارة التي تناولت الاوضاع المالية والاقتصادية المتردية فيعتبر اليوم ان "المسار الانحداري في العام 2017 كان واضحا إذ كانت الدولارات تتسرب الى الخارج وكانت حركة خروجها اكبر بكثير من حركة دخولها وكان يتم احتساب ميزان المدفوعات بشكل مغالط للحقيقة، إذ يتم ضم كل التحويلات الآتية من الخارج بشكل ودائع في ميزان الودائع بينما يجب حسمها ولا احتسابها كمصاريف او كوسيلة لتثبيت سعر العملة. ان المشكلة الأساسية هي هنا إذ يتبين لنا انه ينقصنا فوق 12 او 15 مليار دولار كعملة صعبة سنويا فبلدنا ليس بلدا نفطيا ولا ينتج عملة صعبة حتى السياحة التي كنا نعتمد عليها كانت ايراداتها تتناقص يوما بعد يوم مما يعطي انطباعا ملموسا باننا مقبلون على وقت ستنتهي فيه دولاراتنا واننا سنصل الى الانهيار، لقد قمت بتفسير ذلك لمجلس الوزراء في ذلك الوقت لكنه لم يستمع اليّ. اما اليوم انا لست وزيرا ولمن اقدم ورقتي؟... يوجد العديد من القوى والأحزاب التي قدمت لها ورقة تصوري للأمور بعد اندلاع ثورة 17 تشرين الاول وقد تضمنت طريقة للمعالجة. للحقيقة بصراحة لم أتوقع يومها أن تتخلف الدولة عن دفع اليوروبوندز وانا اعتبر ذلك ضربا من الغباء لان ذلك ادى الى تراجع صورة لبنان وسمعته الذي يقاس بالمال ولم يعد لدينا القدرة على الاختراق واعادة الوضع المالي والنقدي الى طبيعته."
وأضاف "لقد اصبح لبنان في مستوى الدول المتخلفة والمتعبة مثل فنزويلا والصومال. لقد فقد لبنان ثقة العالم به التي اعتقد بأن ثمنها اليوم يساوي مثلا اكثر من 50 مليار دولار. لو تم دفع السندات مع فوائدها في ذلك الوقت لكان قسما كبيرا منها سيعود ويدخل نظامنا المالي اللبناني لان جزءا كبيرا منها تحمله المصارف اللبنانية والمصرف المركزي وغيره ولما كان المبلغ الإجمالي بلغ 5 مليار كما ادعوا انما هو في الحقيقه مليار ونصف وهكذا لأجل مليار ونصف اضعنا سمعتنا خاصة اننا اليوم سنعود للاقتراض من المجتمع الدولي. ولكن بشروط واسعار مختلفة. لقد كانت الحجه يومها أن المال هو مال الناس ولا يحق للدولة استعمال مال الناس لكنني اقول بأن المسؤول الحقيقي هو من يلجأ لحلول تخدم مصلحة الناس بينما التخلف عن السداد أضر بالناس وخسر البلد عشرات المليارات مقابل كلفة دين لم تسدد هي عبارة عن مليار ونصف".
ويضيف خوري: "لو تم ترشيد الدعم منذ اكثر من سنة لكنا وفرنا اكثر من مليار ونصف. لقد قصرت الدولة بترشيد الدعم وقامت بجريمتها الكبرى وهي التخلف عن السداد. لو لم تقصر الدوله لكان وضعها اليوم أفضل بكثير مع الدائنين والبنك الدولي".
لكن خوري اعطى حلولا باتت معروفة ومنها:
تأليف حكومة من اختصاصيين بمواصفات اشخاص عصاميين أو رجال اعمال انطلقوا من الصفر ليحققوا النجاح اكثر من سواهم لأنهم اولا شجعان وناجحين ولديهم إرادة التضحية في سبيل بلدهم اضافة الى الخبرة والكفاءة الضروريتين.
وبعد تأليف الحكومة لا بد من إجراء مفاوضات مع البنك الدولي وان يتم تحديد المسؤوليات عن سبب الانهيار على مدى ثلاثين عاما. ان السبب الرئيس بشكل مؤكد هو سوء إدارة الدولة للأمور المالية والإقتصادية تحت عنوان تثبيت سعر العملة بأي كلفة وقد تم هدر مليارات الدولارات في هذا السياق. ثم العجز في موازنة الدولة التي كانت تمد يدها على ودائع الناس عبر المصرف المركزي وكان أهل السياسة يجبرون المركزي على إقراض الدولة بفائدة 1 % بينما الفائدة في السوق 15 % وكان المركزي يسجل خسارات متتالية لذا على الدولة الإعتراف بمسؤوليتها وبانها سبب الانهيار الأساسي وعليها ان تساهم من خلال املاكها وعقاراتها وشركاتها. عليها ان تعطي اسهما للمودعين الذين وثقوا بالمصارف ولا علاقة لهم باللعبة كلها. يجب ايضا إعادة النظر بالرؤية المالية للدولة وليس على المصرف المركزي دعم الإقتصاد انما عليه القيام بدوره النقدي ولا بد من وجود رؤية اقتصادية للبلد وخطة واضحة اذ لا تستطيع أية دوله النهوض دون خطة وهي حاجه ماسه لنهوض الدولة. ايضا لا بد من إعادة النظر ودرس نقاط القوة لدينا كما أن خطة ماكنزي لا زالت صالحة ولا بد من تفعيل القطاعات الإنتاجية التي تدر اموالا في البلاد. لا بد ايضا من تفعيل استقلالية القضاء والقيام بمكننة الدولةً ككل الدول في العالم وهي سبب اساسي للتخفيف من الهدر والسرقة ولإظهار الدولة جديتها في التعاطي مع المستثمرين كما انه لا بد من إجراء الإصلاحات التي بات العالم كله يعرفها في الكهرباء والتهريب وغيره. وبهذه الطريقه يعود لبنان للانتعاش لكن قبل كل شئ لا بد من تحديد المسؤوليات وتعويض بعض خسائر الناس وعلى الدولة تعويضهم لأنها المسؤولة".
وحمّل خوري "الطبقه السياسية التي على مدى 30 سنة استولت على مال الناس لذا لا اعتقد انها ستقرر ايقاف الدعم فهي لا تصرف من جيبها انما من جيوب المودعين. انها تكمل بالسياسة ذاتها وتتلهى بشعارات شعبوية لا طائل منها. لا بد من اعتماد قضاء مستقل وان ينصرف أهل السياسة لوضع الخطط".
ويرفض خوري القول ان "المصارف حجزت اموال المودعين بل أن الدولة هي التي حجزت هذه الأموال فلماذا لا يحجز القضاء على أملاك الدولة؟ على الدولة ان تعيد الأموال للمصارف لكي تردها بدورها للمودعين. يجب على القضاء معرفة على من تقع المسؤولية الكبرى. ان المصارف متضررة ايضا".
وكان لا بد ان يتطرق الوزير خوري الى قرار اصحاب المولدات الخاصة بالتسعير مزاجيا فيتأسف لذلك "إذ بعد التعب والجهد الذي بذله لتنظيم وضبط القطاع عندما كان وزيرا رتب الامور. ان اصحاب المولدات يسدون بعض عجز الدولة لكن لا نستطيع تركهم يسعرون على ذوقهم لا بد من ضبطهم ويجب دراسة الكلفه التشغيليه من كل جوانبها وبشكل صحيح. ان اصحاب المولدات يريدون هامش ربح بالدولار الطازج وكما اعتادوا سابقا وليس من المفروض زيادة اسعارهم اكثر من 200 % بينما هم في الواقع يريدون السعر اكثر من 500 %. ان البلد في حالة انهيار والقطاعات كلها تعاني ولا بد من إجراء دراسة وافية على الا يخسروا وان تتدنى تصريحاتهم غير المقبولة ولا بد من ايجاد الحلول المنطقية والتعاون ما بينهم وبين وزارة الطاقة ودراسة الوضع ووضع هامش ربح معقول".
وطالب خوري وزارة الطاقة والمياه ووزارة الاقتصاد والتجارة "بالضرب بيد من حديد اذا لم يتقيدوا بالتسعيرة الرسمية".
ودعا خوري في نهاية حديثه "الله ان يهدي الطبقة السياسية وان تضع خلافاتها وخطاباتها التي لا تنتمي الى هذه الحقبة وان تنظر الى الدول حولها وكيف تسخر كل شيىء للمصلحة العامة ِان السياسي هو لخدمة الناس وتحقيق الهدف الأساسي وهو ازدهار البلد وانا اقول لمعظم السياسيين ان خلافاتهم سخيفة ولا قيمه لها امام مصلحة البلد العليا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك