كتب د. فادي الأحمر في "أساس ميديا":
"صوت صارخٍ في البرّيّة: هيّئوا طريق الربّ واجعلوا سُبله مستقيمةً" (متّى 3:3). كلمات من النبيّ أشعيا جسّدها يوحنّا المعمدان آخر أنبياء العهد القديم الذي بشّر باقتراب مجيء المخلّص. وبالفعل أتى يسوع. واعتمد على يده في نهر الأردنّ. هذا ما تُخبرنا به الأناجيل. وهذا ما يؤمن به المسيحيون. يوحنّا كان ثائراً ضدّ الكتَبة والفرّيسيّين. وبشّر بيسوع الذي سيُحدث ثورة على العهد القديم.
بالأمس خصّص البطريرك بشاره الراعي عظة الأحد للكلام عن الحكومة العتيدة وطالب بتشكيلها "بأسرع ما يمكن… (حكومة) محرَّرةٍ من الشروطِ الخارجةِ عن الدستورِ والميثاقِ والأعراف… شجاعةً في التصدّي لكلِّ ما هو غيرُ شرعيّ".
لا ينفك البطريرك، ومنذ سنوات، يُعلي الصوت محذرًا من الوضع القائم والقادم، ويطرح المبادرات الوطنية. إلا أنّ المواقف التي أطلقها في عظته لمناسبة تدشين كاتدرائية أبرشية جونيه المارونية كانت استثنائية. فقد قال: "لا بدّ من أن نبدأ مِن رفعِ الصوت، ومِن انتفاضةٍ شعبيّةٍ مصَحَّحةٍ، ومِن التغييرِ الوطنيّ...". توقّفت بعض الأوساط السياسيّة عند هذا الكلام، وتساءلت: هل يعد البطريرك الراعي لانتفاضة شعبيّة؟!
يوم 17 تشرين الأوّل 2019، تاريخ اندلاع الانتفاضة الشعبيّة، كان البطريرك في زيارة رعويّة في إفريقيا. أُبلِغ بحجمها يوم السبت التالي، فقطع زيارته عائداً إلى بكركي. يوم الثلثاء 22 تشرين الأوّل دعا كلّ اللجان التي تساعده في متابعة الأوضاع العامّة في البلاد إلى اجتماع في الصرح. الموضوع واحد: الانتفاضة الشعبيّة.
لم تكن الآراء واضحة بغالبيّتها. فالحدث كبير. لم يعرف مثيله لبنان من قبل. ولم يمضِ عليه سوى بضعة أيّام. كانت بعض الآراء متحمّسةً للانتفاضة، وبعضها الآخر متريّثاً. على مدى ساعتين كان البطريرك مستمعاً. قبل ختام الاجتماع قال إنّ الوضع خطير جدّاً. الناس متألّمة. وصرختها محقّة. والكنيسة، كعادتها على مدى تاريخها، ستكون إلى جانب الشعب المظلوم.
3 سنوات من الدعم
على مدى ما يقارب ثلاث سنوات بقي البطريرك ثابتاً في موقفه الداعم للشعب في انتفاضته وفي صرخته، وحمّل "مسؤوليّة الانهيار المرعب والمريب لجميع المسؤولين... فالحكّامُ أخطأوا في الخِياراتِ والتحالفات، واقترَفوا الـمَعصياتِ، وتواطأوا وانحرَفوا". وخصّص في تحمّل المسؤوليّة "قِوى الأمرِ الواقع (التي) انقلبَت على هُويّةِ لبنان ودستورِه وميثاقِه، ورَهَنت الأرضَ والشعبَ والدولةَ لدولٍ خارجيّةٍ تَحمِلُ مشاريعَ غريبةً عن بيئةِ لبنان ورسالتِه".
ولم يستثنِ المعارضة التي "اسْترسَلت في خلافاتِها اليوميّةِ والانتخابيّةِ على حسابِ القضايا المصيريّة، ولم تبادِرْ بعدُ إلى الاتّفاق". هذه الجملة الأخيرة تفسّر دعوة رأس الكنيسة المارونيّة إلى "انتفاضة شعبيّة مصحّحة". فهو، كما غالبيّة اللبنانيين، يتوق إلى تغيير الطبقة الحاكمة، لا إلى اعتبارها "مدرسة" والتعلّم منها (كما صرّحت بالأمس النائبة نجاة عون صليبا)، بل يدعو إلى هذا التغيير.
لقراءة المقال كاملا، إضغط هنا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك