كتبت مريم حرب في موقع mtv:
من فقش موجها انطلق الحرف إلى العالم فوطأها غازياً وهرب إليها لاجئاً، وزارها مستكشفاً وعاد إلى شاطئها بحاراً تاجراً... 8 آلاف صفحة من تاريخ مدينة تزدان عراقة وآثاراً وتحفاً وجمالاً وفنّاً. إنّها جبيل المدرجة على لائحة التراث العالمي منذ العام 1984، تتأقلم نهاراً مع مستكشفي الآثار والمتاحف وليلاً مع هواة السهر ومحبي الموسيقى، لتكون من بين الوجهات السياحيّة الأولى على البحر المتوسط.
لن يقف السائح لحظة ليسأل عن آثار أو مكان دينيّ، فكيفما تفتّل سيجد أماكن تستحق الزيارة كأساسات المعبد الكبير، والأجزاء المتبقية من طريق يعود للعصر الروماني والمسرح الروماني، وموقع عين الملك. إضافة إلى الآثار التي تعود للعصر الحجري وبقايا البيوت القديمة التي تعود إلى قبل الميلاد والسوق القديم. ليعرّج بعدها السائح إلى القلاع التي تعود معظمها إلى العصور الإسلامية كالقلعة البحرية، والقلعة الصليبية والقلعة الفارسية.
وقد دخل قسم كبير من تاريخ المدينة إلى متاحفها كمتحف جبيل الذي تعود معروضاته إلى فترة ما قبل التاريخ حتى القرون الوسطى، ومتحف ذاكرة الزمن الذي يعرض متحجرات تعود إلى ملايين السنين، ومتحف الشمع.
وإن كنتم من محبي السياحة الدينية فإن مدينة جبيل تضم العديد من الكنائس والمساجد التي يمكنكم زيارتها.
أمّا الترفيه، فله حصة كبيرة في المدينة. فإلى جانب السياحة يمكن لمحبي الرياضات المائية ممارسة هواياتهم، وتمضية بعض الوقت مع الأصدقاء في اللعب على شواطئ المدينة.
وتتغنى جبيل بحفاظها على بيئة نموذجية في أرجائها. ففيها يجد السائح "البارك" الذي يضم عدداً من المسطحات الخضراء والأشجار والنباتات خصوصاً تلك التي تُزرع في المدينة والورود الموسمية.
ولا تنتهي الحياة في جبيل مع غروب الشمس بل تبدأ عند محبي هذا المنظر الخلاب الذي سيسحرهم على أنغام الموج الممزوج بالموسيقى العربية والغربية.
وقبل المغادرة لا بدّ من شرب "كوكتيل" في أحد باراتها وتذوّق أشهر الأطباق منها الأطباق البحريّة والحلويات التي تشتهر بها المدينة.
شكلت جبيل عبر التاريخ همزة وصل ونقطة تلاقي الحضارات التي تعاقبت عليها، وأبت أن تخسر هذه الميزة، فنافست وصُنّفت "عاصمة السياحة العربية" عام 2016 و"عاصمة الحوار الإسلامي - المسيحي في العالم" عام 2018.
ولا يمرّ صيف، إلّا وتحجز جبيل مكاناً لها في المهرجانات. وصيف جبيل هذا العام حافل، والبداية مع "مهرجان النبيذ في الأبيض والزهري" بنسخته السابعة الذي سيقام في 23، 24 و25 حزيران الجاري عند "سنسول جبيل" ابتداءً من الساعة 7:00 مساءً حتى منتصف الليل.
وقد استطلع موقع mtv التحضيرات قبيل يوم الافتتاح. فأعلمه المنظّمون أنّ أكثر من 34 عارضاً من مختلف المناطق سيعرضون أنواع النبيذ الذي تُصنَّع في لبنان.
وشدّد المنظّمون على أهميّة هذا المهرجان كونه محطة سانحة للمصنّعين تعريف الحاضرين على منتوجاتهم وتصريف إنتاجهم بكميات أكبر، بالإضافة إلى تشجيع صناعة النبيذ الوطنيّ الذي بات يُنافس عالميًّا.
وكالعادة يأمل المنظّمون أن يكون الحضور هذه السنة لافتاً كالنسخات الماضية التي شهدت ما لا يقل عن 5000 آلاف زائر في كلّ نسخة.
ويتخلّل المهرجان عروضاً ترفيهيّة وموسيقى حيّة مميّزة في كل ليلة من الليالي الثلاث.
تُحاكي مدينة جبيل، مرّة جديدة، الأمل، وترفض الاستسلام والجمود رغم كل الصعوبات والأزمات. فتذكّر اللبنانيين والعالم أنّ لبنان لا يزال ينبض بالحياة ونبضه هو شعبه العاشق للفرح والموسيقى والفن والتألّق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك