كتبت إيسامار لطيف في موقع mtv:
لاجئون سوريون وفلسطينيون على أطراف الطرق، نفايات في كل مكان، روائح كريهة، وحفريات... لعلّه المشهد الأول الذي يتراءى للسائح عند مداخل قرى الجنوب الشهيرة بجمال طبيعتها وتنوّعها، هذا طبعاً دون التطرّق إلى الأوضاع الأمنية المهتزّة، والتي كانت تُشكّل عائقاً في زيارة تلك الأماكن لجهة التوتر الدائم عند الحدود بين قوات الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله".
بعيداً عن التهديدات السياسيّة والأمنية التي خفّت وتيرتها بعد توقيع ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل، أصبح الجنوب اللبنانيّ واجهة سياحيّة جذّابة وآمنة بالنسبة الى الكثيرين، لا سيّما السيّاح الأجانب. ولكن، يبدو أن هذا الإقبال السياحيّ الهام الذي من شأنه إنعاش الحركة الاقتصاديّة جنوباً وإظهار الوجه الحقيقي للجنوبيين ولتلك الأرض الصامدة رغم الصعاب التي مرّت بها، لم يدم طويلاً، أو بالمعنى الأصحّ دمّرته أحقاد البعض وسياساتهم لغاية في نفس يعقوب، أو ربما كي لا تلتقط تلك المنطقة التي لا سلطة للدولة اللبنانية على معظمها أنفاسها، وتبقى بقبضة من يتحكم برزق المواطن اللبنانيّ هناك وعيشه.
يشرح أحمد فقيه، وهو صاحب أحد المتاجر على طريق عام الجنوب، لموقع "mtv" أسباب تخوّف السائح الأجنبيّ كما المواطن اللبنانيّ من زيارة بعض المناطق الجنوبيّة وحده دون مرافقة لا سيّما تلك القريبة من الحدود الإسرائيليّة مثل قانا ونهر الوزاني، وقلعة الشقيف مثلاً، في حين "تُسيطر أحزاب معروفة على تلك المناطق ولا يستطيع أيّ أحد التجوّل أو التقاط الصور التذكاريّة كما يحلو له دون أخذ موافقتها، هذا غير الأعلام الحزبية التي تُرفرف على طول الطريق الدولي العام، والتي غالباً ما تُثير رعب الأجانب لجهة تصنيفها "منظمة إرهابيّة"، أمّا الطرق الجنوبية فحدّث ولا حرج، إذ تحصد سنوياً مئات الضحايا بسبب غياب الرقابة والصيانة، هذا دون أن ندخل في ظاهرة السرقات والخطف المتزايدة مؤخراً".
في سياق حديثه، يلفت الرجل الخمسينيّ، الذي اعتاد على "المصلحة" كما يُسمّيها منذ سنوات عدّة، إلى أن "السنة الماضية وتحديداً بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل، عرفت المناطق الجنوبية انتعاشاً سياحياً جيّداً، انعكس إيجاباً على مداخيل التجار في المنطقة الذين تنفسوا الصعداء بعد ركود عانت منه المنطقة لأكثر من 30 سنة".
في الوقت الذي تعمل فيه وزارة السياحة على تنشيط القطاع في مختلف المناطق، تبقى بلدات الجنوب الحدودية أو القريبة منها مهمشة ومنسيّة، وكأنّها ليست ضمن حدودالـ10452 كلم مربع، والدليل على ذلك يظهر جليّاً في إهمال المعالم الأثريّة فيها، أو السماح بإقامة مخيّمات لللاجئين بالقرب منها، ممّا يُعرّضها لخطر التخريب، فيما الدولة في سبات.
لا يختلف اثنان على جمال وروعة طبيعة الجنوب، على الرغم من الدمار والأسى التي عانت منه بلداتها، غير أنّها كانت تنجح في كلّ مرّة بإعادة ترميم نفسها، واستقطاب الزوّار المحليين والأجانب على حدّ سواء. ولكن ما يحصل مؤخراًيُنذر بكارثة سياحيّة بخاصة في فصل الشتاء، حيث تحاوط المناطق والمعالم الأثرية في الجنوب خيم اللاجئين وحاويات النفايات، ممّا يؤثر سلباً على السياحة ويدفع بالسيّاح إلى الهرب دون أن ينظروا خلفهم.
وانطلاقاً من قاعدة "السياحة ركيزة اقتصاد البلد"، تُشير معطيات الـ"mtv" إلى أن شركة أجنبية رائدة، بدأت الحوار في هذا الشأن مع الدولة اللبنانيّة، حيث من المرتقب تحسين وتعبيد طرق الجنوب، إضافة إلى تنظيف وتطهير الأماكن ذات الأهميّة السياحيّة أقلّه لإعطاء صورة إيجابيّة للزائرعند قدومه. فعلياً، المباحثات لا تزال في مراحلها الأوليّة حالياً، إذ بدأت السنة الماضية وتحديداً في الأشهر الأخيرة، على أمل أن تُستأنف في مطلع الـ2023 ليُبنىعلى الشيء مقتضاه. فهل تنجح المساعي ليستعيد الجنوب رونقه ومكانته على الخريطة السياحيّة؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك