كتب أنطون الفتى في "أخبار اليوم":
"كونوا واقعيّين". "نطالبكم بالواقعيّة". "تفهّمونا"، و"اشعروا معنا". هذه هي العبارات التي نسمعها من المسؤول في بلادنا، رغم علمه أنه لم يَعُد بإمكاننا أن نتفهّمه أكثر. هذا مع العلم أنه إذا مضينا في تفهّمه أكثر بَعْد، قد نزول، ويزول البلد معنا، بكلّ ما للكلمة من معنى.
تفهُّم
فالواقعيّة الحقيقيّة تُفيد بأنه يتوجّب على الدولة هي، أن تفهم أن شعبها بحاجة الى طعام، وشراب، ودواء، وكهرباء، ومستشفيات، ومدارس، وجامعات، ومحروقات... وهذه كلّها تحتاج إلى المال لتوفيرها، والى وضع معيشي وحياتي مقبول. فهذه هي الواقعيّة، التي تتلاقى أيضاً مع واقع أن على الدولة هذه نفسها أن تتدبّر هي شؤونها، والظّروف المُناسِبَة لشعبها، بدلاً من أن تطالبه بالتفهُّم.
أقصى سرعة
في هذا الإطار، نعود الى حلّ التخلّي عن اللّيرة اللبنانية بموازاة دوْلَرَة رسميّة منظّمة، رغم المحاذير الكثيرة التي تتحكّم بذلك. فالتخلّي عن اللّيرة بات ضرورياً جدّاً، وذلك بمعزل عن أي طرح من مستوى "مش هلّق"، و"طوّلوا بالكون بَعْد". فكلفة الانتظار كبيرة، وكلّما مرّ الوقت، كلّما شعرنا بثقل ما وصلنا إليه، وسط غلاء أسعار يسبقنا، ولا يترك لنا أي مخرج، لا سيّما أن القطاعات "تتدَوْلَر" من تلقاء نفسها تباعاً، ومن دون ضوابط فعليّة.
فعندما تتحوّل العملة "السيادية" لدولة معيّنة الى عنوان لسرقة شعبها، ولزيادة مشاكله اليوميّة، فهذا يعني ضرورة التخلّي عنها بأقصى سرعة.
وَهْم
شدّد مصدر خبير في الشؤون المالية والاقتصادية على أنه "من الأفضل اتّخاذ القرار بالتخلّي عن اللّيرة اللبنانية لفترة زمنية معيّنة، ولو لعدد محدّد من السنوات، ريثما يُعاد بناء الاقتصاد من جديد، وذلك منعاً لتدهور أوضاع الشعب المعيشيّة أكثر".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" إلى أنّه "بغير ذلك، سيركض اللبنانيّون خلف سُبُل عيشهم مثل من يركض وراء الوهم، بينما تتدهور ليرتهم بالقيمة والسّعر، على وقع رواتب لن تتمكّن من اللّحاق بالقدرة الشرائية اليوميّة اللازمة لهم. فالاعتماد على اللّيرة في الظروف الحاليّة يزيد التضخّم، ويمدّد الحلقة المُفرَغَة التي ندور فيها، وسط انعدام أي فاعلية اقتصادية".
فكّ ارتباط
ودعا المصدر إلى "الإسراع نحو دَوْلَرَة منظّمة، والى تحويل الرواتب من الليرة الى الدولار، وهو ما سيُتيح المجال لتحصيل الدولة ضرائبها بالدولار أيضاً. وكلّما مضى الوقت، ستتمكّن مختلف القطاعات في البلد من تجميع مداخيلها بالدولار، بشكل سيحسّن كل الظروف. هذا طبعاً، في الوقت الفاصل بين ما نعيشه من انهيار حالياً، وبين الإصلاح النهائي والشامل للأوضاع الاقتصادية بعد سنوات. ولكن الدَّوْلَرَة المنظّمَة في وقت قريب لن تشكّل بديلاً من ضرورة تطبيق الإصلاحات، وإعادة هيكلة القطاع العام، وإزالة الفوائض منه".
وختم: "استعادة الاستقرار السياسي، والانفتاح على الدول الصديقة، وتأمين الكهرباء، والاتّجاه نحو بعض الخَصْخَصَة في بعض القطاعات، ستُصحّح الأوضاع الاقتصادية أيضاً. ولكنّنا وصلنا الى المكان الذي يحتّم علينا الانطلاق من فكّ الارتباط بليرة باتت من دون سند فعلي، وهي تُمعن في المشاكل اليوميّة للناس".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك