كتب محمد شقير في "الشرق الأوسط":
كشف مصدر سياسي بارز أن فرنسا لم تطلب من زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، أن يعد ضمانات تتعلق برؤيته للمرحلة المقبلة في حال انتُخب رئيساً للجمهورية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها أرادت استيضاحه حول مقاربته لأبرز العناوين السياسية والاقتصادية والمالية ذات الصلة المباشرة بالأزمة اللبنانية والحلول المطروحة للخروج منها في ضوء قوله إنه الأقدر من غيره على أن يأخذ من سوريا و«حزب الله».
ولفت المصدر السياسي المحسوب على المعارضة إلى أنه سبق لباريس أن استمزجت آراء معظم القيادات السياسية ورؤساء الكتل النيابية في إمكانية السير في تسوية سياسية قوامها فرنجية رئيساً للجمهورية، والعضو في المحكمة الجنائية الدولية نواف سلام رئيساً للحكومة، وأكد أن الأجوبة لم تستقر على رأي واحد انطلاقاً من عدم وجود أي تواصل بينهما ولم يسبق أن التقيا، إضافة إلى التباعد السياسي في مقاربتهما للقضايا الساخنة كونهما ينتميان إلى مدرستين مختلفتين.
ورأى أن التباين بين فرنجية وسلام لا يعني أن هناك من يشكك في صدقية زعيم تيار «المردة»، ولا في الكفاءات التي يتمتع بها سلام وقدراته العلمية، وهو الذي كان وراء ابتداع مقولة النأي بالنفس بتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة أثناء توليه مهام مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة، وأدرجت الحكومات اللبنانية المتعاقبة «النأي بالنفس» في بياناتها الوزارية بدءاً بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011.
وحمّل المصدر السياسي رئيس الجمهورية السابق ميشال عون مسؤولية الانقلاب على النأي بالنفس من خلال وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل طوال فترة تولّيه وزارة الخارجية، لأن ما كان يهمه استرضاء «حزب الله» لبلوغ طموحاته السياسية، وصولاً إلى رئاسة الجمهورية خلفاً لعون.
واعتبر أن التحرك الفرنسي جاء استباقاً لاجتماعات اللجنة الخماسية في باريس التي لم توفر الغطاء السياسي لتسويق التسوية الفرنسية، والتي تقوم على مبدأ المقايضة بين انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية وتكليف سلام برئاسة الحكومة، وقال إن باريس باتت على قناعة بأن هناك ضرورة لسحب اقتراحها من التداول على الأقل في المدى المنظور.
وأكد المصدر السياسي أن اجتماع اللجنة الخماسية في باريس لم يأخذ بالاقتراح الفرنسي واستبدل به تأكيد المشاركين فيه على المواصفات المطلوبة التي يجب أن يتمتع بها المرشح لرئاسة الجمهورية من دون الدخول في أسماء المرشحين لجهة تفضيل مرشح دون الآخر، وإن كانوا أجروا استعراضاً للأسماء من باب أخذ العلم برغم أن معظمهم لم يعلنوا رسمياً ترشّحهم.
ولفت إلى أن عدم تشكيك معظم أطراف المعارضة بصدقية فرنجية لا يعني أنها مستعدة للدخول معه في تفاوض حول الضمانات المطلوبة منه، بسبب فشل التجارب السابقة، في إشارة إلى عدم التزام «حزب الله» بمقررات مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في ربيع 2006 في البرلمان بدعوة من رئيسه نبيه بري، ومبادرة «التيار الوطني» للالتحاق بـ«حزب الله» لضمان تأييد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وسأل: من يضمن «حزب الله»؟ وماذا يقصد فرنجية بقوله إنه يأخذ من سوريا والحزب أكثر من أي شخص آخر؟ وما القضايا العالقة التي في مقدوره أن ينتزعها من حليفه، فيما عجز حليفهما الآخر، أي الرئيس عون، عن تحقيق ما تعهّد به في خطاب القسم فور انتخابه رئيساً للجمهورية؟ وهل يستطيع إقناعهما بالعودة إلى إعلان بعبدا الذي حظي بإجماع من شاركوا في الحوار بدعوة من رئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان؟
كما سأل عن الأسباب التي تمنع «حزب الله» من تسليف فرنجية دفعة على الحساب ليكون في وسعه الاستقواء بها وهو يستعد لإعلان برنامجه السياسي بعد أن انتهى من إعداده في كتيّب أوجزه في عدة صفحات لتلاوته في مؤتمره الصحافي الذي لا يزال تحديد موعده عالقاً على خلفية اضطراره للتريث في ضوء الموقف الذي أعلنه رئيس «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط من بيروت وكرره في زيارته لدولة الكويت، وفيه أنه يفضل التوافق على رئيس من خارج الانقسام السياسي.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن تريث فرنجية يعود أيضاً إلى أنه يراقب عن كثب ما سيؤول إليه موقف نواب السنّة من المستقلين بدعوتهم للتفاهم على رئيس توافقي بخلاف تعداد القسم الأكبر منهم على خانة تأييدهم له.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك