كتبت ميساء عبد الخالق:
وسط انسداد أفق الحل السياسي والاقتصادي على وقع فشل الحوار الداخلي وتعطيل محركات المبادرات الخارجية بعد زيارة وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان والمنسق الأميركي الخاص بالطاقة والوسيط في مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل أموس هوكشتاين، فكانت المحطات الخارجية على رأي المثل الشعبي “كأنك يا أبوزيد ما غزيت”.
وسط هذا الخذلان وانسداد الأفق، وحده إيمان اللبناني ومقولة" الله بيفرجها" حال كل لسان في لبنان حتى من يعتبرون انفسهم جهابذة في التحليل السياسي واستقاء المعلومات من اربابها.
هذا الصيف الكل يتساءل "بس كيف الناس عايشة وكأنها الدني بألف خير”, فالطرقات تعج بالسيارات والمطاعم والمقاهي وأماكن السهر تضيق بروادها، الجواب المؤكد يكمن في زيارة المغتربين الى بلدهم وارساليات المغتربين الى ذويهم، حيث يقدّر الشتات اللبناني حول العالم بين 12 مليون وأكثر من 18 مليون شخص أي أكثر من تعداد سكان لبنان نفسه الذي يبلغ أربعة ملايين, في حين يتجاوز حجم تحويلات المغتربين إلى ذويهم 6مليار دولار أميركي سنوياً.
الثابت والمؤكد بعد كل هذا القهر والتدمير الممنهج لمؤسسات الدولة لصالح الفراغ الذي بات ينخر في البنى المؤسساتية وبينها المؤسسات التربوية وعلى أمل ان لا يطال مؤسساتنا الأمنية التي ترزح تحت وطأة العوز والفقر أسوة بكل المؤسسات العامة والخاصة، بات المواطن اللبناني ينتظر معجزة آلهية تخلصنا من هذا الواقع المأساوي الذي وصل الى قعر الهاوية.
مع قرب موسم المدارس "راحت السكرة واجت الفكرة"، كيف سيتعايش اللبنانيون مع عام جديد وسط مخاوفهم من تسجيل اولادهم في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية خوفاً على ضياع سنوات فلذات اكبادهم، من أين الأموال الكافية لتأمين الاعتمادات اللازمة لتسجيلهم في القطاع الخاص، هموم وهموم تتراكم في كل البيوت اللبنانية دون اجوبة من قبل المسؤولين (اللا مسؤولين) الذين باتت خطاباتهم اشبه بحملات "نق" على الواقع وكأن الشعب هو المسؤول عن هذا ضياع بلد بأكمله وتشريد شعب في كل أصقاع الارض بعد ان بات يطلق عدد كبير من الشعوب على اللبنانيين صفة "شحاذين على أبواب الدول والسفارات الخارجية"، وبعد أن بات اللبنانيون, وجميعهم من حملة الشهادات الجامعية، يرضون بالعمل في ادنى الوظائف وبأقل الرواتب، على ان يبقوا بلا عمل او ان يسمعوا عبارة "مش عاجبكن قبضوا بالليرة اللبنانية ببلدكن”.
"الشغل مش عيب”، وقد صدق جبران حين قال "ليس هناك من مهنة حقيرة بل هناك اناس حقيرون" ولكن تكملة لحكمته اعتقد ان الحقيرين هم من باعوا وطننا لبنان وجعلونا نتسول الوظائف ونشحذ المساعدات الاجتماعية والأدوية والمنح المدرسية والجامعية لابنائنا بعد ان كان لبنان "سويسرا الشرق" وقبلة للطلاب ووجهة للمتعلمين والمثقفين وملجأ للمرضى.
وسط هذا الانكسار والانهيار وحدها أيادي الخير والعطاء من اللبنانيين وبعض الدول الصديقة تسد رمق العائلات المحتاجة بعد ان تجاوزت نسبة الفقر اكثر من 82 بالمائة من سكان لبنان.
شكراً لأيادي الخير والعطاء ويبقى أمل كل لبناني برحمة الله الواسعة بعد ان بات شعور الحاجة يخنق وينهش بالكرامة الانسانية لكل مواطن شريف كفر بكل شيء في وطنه الا بفرج الله وحكمته وتعويضه على صبره على هذه الأزمات المتلاحقة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك