كتب منير الربيع في "الجريدة" الكويتيّة:
يتمدد الانهيار السياسي أفقياً ليمسّ معظم مؤسسات الدولة، وآخرها مؤسسة قوى الأمن الداخلي في ضوء الصراع الذي انفجر بين وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، ومدير عام قوى الأمن اللواء عماد عثمان.
يترجم هذا الصراع، الحال الذي وصل إليه لبنان عقب الانهيارات المالية والاقتصادية والمؤسساتية، فيما يؤشر إلى انهيار الحالة السنّية سياسياً، على وقع زيادة الشرخ داخل البيت الواحد، ما يهدد مقومات ومرتكزات السنّة في الدولة.
أسباب كثيرة هي التي تدفع إلى انفجار الصراع، كان آخرها إعطاء وزير الداخلية الإذن بملاحقة مدير عام قوى الأمن أمام القضاء، فيما تنفي المصادر القضائية وجود أي استدعاء قضائي بحق عثمان.
وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي قال: «جهدنا في وزارة الداخلية والبلديات بالوقوف مع شعبنا أمنياً، وبالإدارة، وبمحاربة الفساد، وفتحنا ملفات لها علاقة بمحاربة الفساد. وسنكمل مع كل شركائنا بناء الوطن، ولن نتراجع لحظة عن إعطاء الأذونات اللازمة التي وردتنا من القضاء المختص لملاحقة المرتكبين، وأعطينا الإذن لملاحقة المرتكبين في الإدارة التي عملتم فيها وإدارات ومؤسسات أخرى أمنية وغير أمنية. لن نقبل بأن يبقى في لبنان فساد، وهذا هو عهدنا أمامكم». علماً أن جميع وزراء الداخلية السابقين، كانوا يتمنّعون عن الدخول في إجراء كهذا.
هناك تراكمات دفعت إلى تجدد الصراع، لا سيما أنه قبل فترة حصل خلاف على التشكيلات الأمنية والعسكرية داخل مؤسسة قوى الأمن، بعدها كانت هناك محاولات وضغوط لإقالة عماد عثمان من منصبه وتعيين بديل له، فيما وجهت إتهامات إلى وزير الداخلية بأنه يتخذ هذه الإجراءات بناءً على طموحه في الوصول إلى رئاسة الحكومة، لا سيما أنه يمنح الإذن بملاحقة مدير عام قوى الأمن على خلفية منح أذونات بحفر بئر ارتوازية، فيما تمنّع عن منح الإذن بملاحقة مدير عام الأمن العام السابق الذي استدعي بقضية تفجير مرفأ بيروت.
تؤشر هذه الازدواجية إلى حجم المشكلة التي تعانيها السياسة اللبنانية، والطائفة السنية بالتحديد، في ظل غياب أي دور فعلي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للعمل على لجم هذه الصراعات والخلافات على أن يكون هو المرجع في البت بمثل هذه القضايا. خطورة الأمر في انعكاساته البعيدة المدى على حالة الترهل داخل الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وداخل الطائفة السنية خصوصاً في ظل الأزمة القائمة منذ سنوات، وفي ظل غياب أي مرجعية سنية قادرة على تحقيق التوازن مع الطوائف الأخرى.
أخطر ما يمكن أن يصل إليه لبنان هو تعمّق الصراعات التي تنال من الأجهزة الأمنية، وهي التي تعتبر في هذه المرحلة العمود الفقري للحفاظ على الإستقرار.
لا يقتصر الصراع وحده على قوى الأمن الداخلي، إنما الجيش اللبناني في عين الاستهداف الدائم، أمنياً أو سياسياً ومعنوياً، وخصوصاً من خلال عرقلة إنجاز التعيينات في المجلس العسكري، والامتناع عن تعيين رئيس للأركان يتولى صلاحيات قائد الجيش في حال غيابه أو بعد إحالته إلى التقاعد بعد ثلاثة أشهر، مما سيبقي الجيش بلا قيادة واضحة. تبقى هذه الأجهزة آخر الحصون في مواجهة أي انهيار أمني شامل قد تقبل عليه البلاد في حال عدم المسارعة إلى إنجاز الحلول المؤسساتية والسياسية بالمعنى الأوسع من خلال الوصول إلى تسوية تنجز عملية إعادة تشكيل السلطة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك