أعلن مجلس أساقفة زحلة، في بيان، أنه التقى رئيس تكتل "لبنان القوي" رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في مطرانية سيدة النجاة خلال جولته في قضاء زحلة.
وشارك في اللقاء رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم، راعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، راعي أبرشية زحلة وبعلبك توابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت انطونيوس الصوري، راعي أبرشية زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، النائب جبران باسيل، النائب سليم عون، المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، نائبة رئيس التيار للشؤون السياسية مارتين نجم كتيلي، نائب رئيس التيار للشؤون الإدارية غسان خوري ومنسق هيئة قضاء زحلة في التيار ابراهيم احمراني.
وألقى المطران ابراهيم كلمة بإسم مجلس أساقفة زحلة قال فيها: "سعادة النائب جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر ورئيس تكتل لبنان القوي، أرحّب بكم مع إخوتي السادة الأساقفة في هذه الدار التاريخية، مطرانية سيدة النجاة، وفي هذه المدينة عروس الشرق زحلة الأبية، البهية، المرفوعة الجبين نحو قمم صنين والمنحنية تواضعا حتى سهل البقاع المقدس. زحلة قلب لبنان ونبضه الضابط إيقاع وجوده التاريخي ونقطة جاذبيته التي تنظم حركة أجزائه وتمنعه من التبعثر والتبخر. زحلة ميزان الكيان للبنان، إذا ضعفت يضعف وإذا تقوت يتقوى. زحلة قلب جهاز مناعة لبنان الذي به ترتبط صحة الوطن وهذه المناعة هي حقل قوته ومنبع استقراره. زحلة مساحة لبنان المنتشر في كل الأرض الذي أغنى العالم وما يزال سندا للبنان في الملمات".
وأضاف: "مجلس أساقفة زحلة، التجربة الفريدة، صورة الكنيسة النقية، الذي يواجه مع أبنائه العلمانيين تحديات جسيمة تتطلب تضافر جهود الجميع، نضع بعضها بين أيديكم وفي قلبكم لأننا نعيش في زمن عصيب، نعاني فيه مع كل اللبنانيين العديد من الأزمات المتراكمة، ومن أبرزها أزمة اللاجئين غير اللبنانيين التي وضعت ضغوطا هائلة على مواردنا وبنيتنا التحتية. نحن في حاجة إلى دعم دولي وجهود مشتركة للتعامل مع هذه الأزمة بطريقة تحافظ على جوهر لبنان وتعزز من استقراره. أزمة اللاجئين صارت لنا أيضا أزمة موقف مجحف من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بحق بلد صغير وعاجز عن استيعاب هذا الكم من الأزمات دون تهديد كيانه وجوهر وجوده. إضافة إلى ذلك، يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة تؤثر على معيشة المواطنين وتهدد الاستقرار الاجتماعي والأمن الجماعي. يجب أن نعمل معا على تحقيق إصلاحات اقتصادية جذرية وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد".
وعن الشغور في رئاسة الجمهورية، قال ابراهيم: "لا يزال لبنان يعاني من شغور الرئاسة، وهو أمر يعيق عملية اتخاذ القرارات الحاسمة. نأمل في أن يتم العثور على حل سريعا لهذا الأمر الحيوي من أجل استقرار البلاد وخير العباد. من جهة أخرى، نشعر بقلق عميق بشأن غياب التضامن المسيحي في هذه الفترة الحرجة. لقد سئمنا الانقسامات وأرهقتنا الإصطفافات، لذلك يجب علينا أن نتحد كمسيحيين لمواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد مستقبل أجيالنا والمجتمع بأسره. لطالما كنا على مر الأزمان صمام الأمان للوجود المسيحي في الشرق كله، فأين هو اليوم هذا الصمام وما حال هذا الوجود؟ نحن أيضا قلقون على المستقبل وحلم شبابنا الوحيد هو الهجرة. وكم يهتز اطمئناننا من تأثير الأزمة على التعليم والمدارس، فنتطلع إلى توجيه الاهتمام إلى هذا القطاع الحيوي الذي يجب أن يبقى منفتحا ومتاحا لجميع الشباب".
وأردف: "حدود القلق تشمل أزمة تأمين الدفء والشتاء على الأبواب وأزمة الاستشفاء والأمن الغذائي والغلاء وفقدان بعض الأدوية الأساسية وهجرة الأطباء والممرضين وأزمة النفايات وتلوث البيئة والمياه وفقدان الخدمات على أنواعها وأزمة البطالة والاضرابات الطويلة الأمد وهدر وهضم حقوق الأقليات وحرمان زحلة والبقاع من المراكز الوزارية والإدارية والدبلوماسية والقضائية والعسكرية، ومن الاهتمام والحضور الإعلامي وغيرها، لذا نجدد دعوتنا إلى جميع القوى السياسية للتعاون في مجال مكافحة هذه الأزمات وتشجيع فرص العمل وتعزيز الاستشفاء الوطني والإنعاش السياسي وتجديد الميثاقية التي تتخطى العددية وقلة التوازن، كم نأمل تحقيق التأقلم الذكي مع التحديات المحلية والإقليمية والدولية".
وختم ابراهيم: "نود أن نشكركم على زيارتكم المهمة لزحلة في هذا الوقت الصعب بالذات. نحن ممتنون لجهودكم وتفانيكم في خدمة لبنان وشعبه. نأمل أن تكون هذه الزيارة فرصة لبناء جسور التعاون والتفاهم بين مختلف الجهات للمساهمة في إنعاش واستقرار لبنان".
من جهته شكر باسيل الأساقفة قائلاً: "أشكر سيادة المطران ابراهيم على استضافتنا في هذا الصرح التاريخي، كما اشكر اصحاب السيادة الذين اعطونا الفرصة ان نلتقي جميعا، وهذا امر من ميزات زحلة ان مطارنة زحلة لديهم مجلس اسقفي يبحثون فيه امور الكنيسة والمجتمع ويسمهون للزوار ان يلتقوا معهم".
وأضاف: "نحن في مسيحيتنا لا نفرق بين المذاهب بتفكيرنا الوطني وعملنا السياسي نفكر كمسيحيين برسالة السيد المسيح، وفي عملنا الوطني ايضا نفكر بلبنان الذي يجمع الكل لكن هذا لا يلغي ان زحلة لديها صفة ورمزية اساسية كبيرة جدا، وبمجرد لقائنا في هذا الصرح الكاثوليكي العريق فهذا يدل على اهمية الكاثوليك وحضورهم ودورهم على كل الصعد: السياسية، الإجتماعية، الإقتصادية، في الإدارة العامة كالمدير العام لويس لحود وكل المديرين والسياسين الذين أعطوا معنى لزحلة ومذهبها".
وتابع: "ما يصيب المسيحيين اليوم أن لبنان هو أبعد بكثير من اختلاف بالرأي. يجب أولا عدم الخوف على تنوع المسيحيين وديمقراطيتهم وطبيعتهم التي تقتضي أن يكون لديهم هذا الإختلاف بالآراء، الذي يجب ان نخاف منه عندما يذهب هذا الخلاف للمس بأساس وجودهم ودورهم ورسالتهم ويصبح نوعا من الخطر الوجودي بسبب هذا الإداء. نشكر الله اننا التقينا اليوم بالحد الأدنى على فهمنا لموضوع عيشنا الواحد في هذا البلد وموقع رئاسة الجمهورية كيف يجب ان يتمثل، وانشاء الله نذهب اكثر واكثر من رفض الآخر الى القبول بجملة امور، ليس فقط التقاطع على اسم وعلى مشروع وبرنامج وهذا ما ندعو اليه. اليوم وضع البلد ودرجة الإنهيار الذي وصل اليه يتطلب منا نحن المعنيين اولا في موقع رئاسة الجمهورية ان نكون نتطلع على برنامج الرئيس وعلى نجاح العهد، لذلك نحن تقدمنا بورقة نستطيع ان نجتمع حولها لتأمين برنامج ينجح فيه الرئيس وينجح فيه العهد بكل مقوماته".
وقال: "لا يستطيع أحد تهميش زحلة، نحن في كل مرة كان لدينا موقع كانت زحلة موجودة دائما بيننا، في الوزارة والإدارة وفي المجلس النيابي بطبيعة الحال. وزحلة تفرض دورها بموقعها الجغرافي وموقعها السياسي ودورها الإقتصادي المهم، لكن اكيد زحلة معرضة اليوم لخطر كبير جدا، فهي محاصرة بموجة نزوح كبيرة جدا، واستطيع القول انها قادرة ان تجتاحها كما اجتاحت كل لبنان، وهذه الموجة يجب ان نتعاطى معها بدرجة كبيرة المسؤولية. رفضنا للنزوح ليس بخلفية انسانية ولا عنصرية ولا طائفية، هي بخلفية وجودية لأن ارضنا ومواردنا لا تستطيع تحمل المزيد. وزحلة التي واجهت وقاومت وتحدت الكثير من الحصارات، هذا الحصار هو الأخطر عليها، وهنا تقع مسؤوليتنا، والمسؤولية الكبيرة في زحلة هي عليكم، ان نترك هذا النفس الإنساني بالتعاطي مع شعب ظلم واتى الينا لأنه مظلوم ولم يأت بنية غير سليمة. هو مظلوم ومحاصر في بلده ونتيجة هذا الحصار اضطر ان ينزح اقتصاديا، لكن هناك ناس لديها خلفيات أخرى خلف هذا النزوح، وهنا تقع علينا نحن المسؤولية، كل بلدة ببلدتها، كبلدية زحلة ومقاماتها الروحية والممثلين السياسيين ونواب كزميلنا سليم عون والجميع ان يقوموا باللازم لحماية هذه المدينة لكي يبقى سكانها في قلبها محافظين على وظائفهم، واعتقد ان هذا اكبر خطر يواجه لبنان منذ مئة عام لأنه خطر يتعلق بالهوية، وشعب عندما يترك بلده وينزح عنه لا يعود هناك وطن، وطن بلا شعب وبشعب بديل يذهب الوطن ومقوماته الأساسية".
وأضاف: "من هنا التأقلم الذكي الذي تحدث عنه المطران ابراهيم. فاللبناني يستطيع التأقلم مع الكثير من الظروف الصعبة لكنه لا يتسطيع التأقلم مع ظرف يلغيه ويحذفه بالكامل، وهذا اصبح الغاء وحذفا للكيان والوطن اللبناني".
وأردف: "تبقى قضية العائلة وقيمها التي هي القيمة الأساسية في مجتمعنا ووطننا، واعتقد ان هذا الأمر هو اقوى ما نملك واستطعنا الحفاظ عليه، وانا بصراحة بوجودكم وبالإرشاد الذي تقومون به وبالتثقيف الذي تمارسونه لا اخاف ان تهتز اركان هذه العائلة، اعلم جيدا ان هذا امر عالمي يجتاح الكثير من القيم، لكن نحن كلبنانيين لدينا المناعة الكافية كي نواجهه بشكل لا يمس بحقوق الإنسان لكن يحفظ هذا الإنسان وطبيعة تكوينه وكيف خلقه الله، ولا يمس بقدرة الخالق وقوته، والله يعطينا القوة لكي نحافظ على هذه القيم".
وختم باسيل: "أشكركم مجددا وأعلم أن ما سيصدر عن اجتماعنا اليوم سيكون مدعاة للآخرين لكي نلتف جميعا كزحليين من كل التوجهات وكل الطوائف بهدف الحفاظ على مدينتنا وعلى كل هذه المنطقة لكي تبقة محافظة على لبنانيتها وهويتها الأساسية. أسأل الله ان يعطيكم القدرة والصلابة اللازمة لمتابعة الرسالة التي تقومون بها".
وصدر عن الإجتماع البيان التالي: "بحث المجتمعون في التحديات التي تواجهها زحلة والبقاع ولبنان في المرحلة الحاضرة، وأبرزها النزوح السوري وتداعياته على الصعد الديموغرافية والإقتصادية والأمنية وطالبوا الأجهزة المختصة اتخاذ التدابير العاجلة للحد من هذه التداعيات.
وشدّد المجتمعون على ضرورة بذل الجهود اللازمة بين كل الأفرقاء السياسيين من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة قادرة على تبني الإصلاحات الإقتصادية والمالية الضرورية للخروج من الوضع الراهن واعطاء اللبنانيين جرعة من الأمل من أجل البقاء في وطنهم والحد من الهجرة المتزايدة، وتعزيز الحضور الزحلي في الدولة اللبنانية.
وأكد أساقفة زحلة على ضرورة التشدد في الحفاظ على القيم العائلية والأخلاق النابعة من الإيمان، وشددوا على أهمية عدم التفريط بالأرض.
واتفق المجتمعون على إبقاء الإتصالات مفتوحة من أجل متابعة كل المواضيع".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك