كتب عمر البردان في "اللواء":
الحماوة الميدانية التي تشهدها الحدود الجنوبية بين «حزب الله» وإسرائيل، يبدو أنها مرشحة لمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة، في ظل توسّع مسار العمليات العسكرية بين الطرفين، وعلى نحو ينذر بمزيد من القلق، توازياً مع اتساع وتيرة النزوح من المناطق التوتر، لا سيما من القرى والبلدات المتاخمة للخط الأزرق.
بعد التطور الميداني المتمثل بإعلان الجيش الإسرائيلي، أنه تمَّ اعترض صاروخ «أرض-جو» أطلق من جنوب لبنان، وذلك للمرة الأولى منذ المواجهة التي اندلعت في السابع من الحالي، واستخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة نوعية جديدة، وهذا ما اعتبرته مصادر عسكرية، بأنه مؤشر سلبي قد يأخذ الوضع على الأرض إلى مزيد من التدهور، في ظل اشتداد حدّة المعارك بين «الحزب» وإسرائيل، ما تسبب بارتفاع خسائر الأول البشرية على نحو كبير.
وفي حين تزداد الخشية من خروج الأمور عن السيطرة، وهو ما برز بالتحذيرات الدبلوماسية للبنان، مع إقدام عدد من السفارات العربية والأجنبية على سحب بعثاتها من لبنان، إضافة إلى تخفيض العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى لبنان، فإن محور الاتصالات التي يقوم بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع ضيوفه العرب والأجانب، يركّز على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، والعمل قدر المستطاع على حمايته وتحييده. وهذا ما ركّز عليه في الحديث مع عدد من نظرائه العرب والأجانب، إضافة إلى التحرك اللافت الذي يقوم به وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب مع السفراء المعتمدين لدى لبنان.
وفيما تخشى الأوساط الدبلوماسية من محاولات جدّية لتوريط لبنان في الصراع القائم، في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات الإيرانية، يحاول لبنان اتخاذ الإجراءات الصحية والاستشفائية الكفيلة بتخفيف الخسائر المحتملة، كان لافتاً اللقاء الذي جمع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وعرض معها الأوضاع العامة ووضع القطاع الصحي، حيث أطلعها على آلية العمل فيها وخطة الوزارة تحسّباً لأي تطوّر على الساحة اللبنانية. في وقت يؤكد القيّمون على القطاع الاستشفائي أن لبنان عاجز عن تحمّل كلفة أي حرب مع إسرائيل، وتحديداً على الصعيد الصحي، في ظل الأعباء التي تواجهها المستشفيات، مع ارتفاع أسعار المواد الطبية والأدوية.
وقد حضرت المخاوف على لبنان، وسبل إبعاده عن حرب غزة في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالرئيس ميقاتي، بالنظر إلى أن ظروف لبنان لا تحتمل المزيد من الانهيارات. ما يستدعي من جميع الأطراف وعي هذه الحقيقة، والعمل على تحصين الجبهة الداخلية، بما يوفر أرضية مناسبة لحماية البلد من تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة. كذلك أشارت المعلومات، إلى أن ملف قيادة الجيش أخذ حيّزاً من محادثات الرجلين، كونهما يريدان أن يتم التعاطي مع هذا الملف بكثير من المسؤولية، وبعيداً من سياسة تصفية الحسابات. وكان توافق تام بين الرئيسين بري وميقاتي على أهمية تعزيز المؤسسة العسكرية التي تتجه أنظار اللبنانيين نحوها لجهة تعزيزها والحفاظ عليها، باعتبارها المؤسسة الوطنية الجامعة والحاضنة لتطلعات اللبنانيين في أمنهم وحفظ سيادة وطنهم. وهذا ما شدّد عليه الاجتماع، لناحية أن موضوع المؤسسة العسكرية يجب مقاربته بهدوء ورويّة، ويمكن الوصول الى النتائج المرجوة.
وفي حين تركت جولة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على القيادات السياسية أجواء إيجابية، في ظل الظروف الضاغطة التي يواجهها لبنان، إلّا أن الأجواء كما تقول مصادر نيابية لـ «اللواء»، لا توحي بإمكانية تحقيق أي خرق على صعيد الاستحقاق الرئاسي، باعتبار أن قوى معنية بهذا الاستحقاق، ليست مستعدة للبحث في هذا الملف، كون اهتماماتها تتركز على تطورات الأوضاع الميدانية في الجنوب، ربطاً بما يجري في غزة. وهذا ما سيبقي الشغور الرئاسي الذي أوشك على دخول عامه الثاني مطلع الشهر المقبل قائماً، مع ما لذلك من خسائر تطال كل شيء في لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك