كتبت مريم حرب في موقع mtv:
تشتدّ الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة عقب عملية "طوفان الأقصى"، ويشتدّ معها تمسّك كلّ فريقٍ من فرقاء النزاع بأحقيّة ما يُقدم عليه من أفعال. الرأي العام منقسم. البروباغندا والترويج واستخدام وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، من أهم مرتكزات هذه الحرب؛ فمن يستميل الرأي العام العالمي سيكسب الحرب نفسيًّا وربّما ميدانيًّا.
إنّ القضية الفلسطينيّة ليست وليدة 7 تشرين الأوّل، والرأي العام منقسم حولها منذ نشأتها. ومع تراكم الأحداث استمرّت القضية الفلسطينية محور الصراع العربي الإسرائيلي، وظلّ الغرب مؤيّدًا للدولة العبرية.
منذ آدم الأوّل، كان الرأي العام وإن بتسميات مختلفة، إلى أن ظهر هذا المصطلح للمرّة الأولى مع ميشال دي مونتين عام 1588. عبر التاريخ، قليلة هي القضايا التي تشكّل حولها رأي عام عالمي وأقربها لنا في الزمن كانت "داعش". يومها اجتمع العالم حول توصيفها وأعمالها الإرهابية.
تشرح المتخصصة في شؤون الإعلام والتواصل الباحثة الجامعيّة د. ميرنا أبو زيد أنّه "من الصعب تشكيل رأي عام مشترك عابر للدول حول قضية ما، فلكلّ دولة أحلافها ومصالحها ومبادئها". وتضيف في حديث لموقعmtv أنّ "الإعلام يعكس الأجندة السياسيّة للدول".
في عملية تشكيل الرأي العام لعبة متبادلة بين وسائل الإعلام والجمهور. وتوضح أبو زيد أنّ "الجمهور يختار متابعة الوسائل الإعلامية الأقرب لقناعاته وأفكاره وآرائه، في وقت تعمد هذه الوسائل الى ترسيخ سلوكيات لا تغييرها نظراً لصعوبة الأمر".
صوّرت إسرائيل وكل من يؤيّدها من وسائل إعلاميّة هجوم "حماس" على أنه "هجوم إرهابي" تدفعه أيديولوجية متطرفة وقارنتها بـ"داعش". وقاربت التغطية الإعلامية الغربية الحدث وكأنّه حدث آنيّ بدأ بـ7 تشرين وأخرجته من سياقه التاريخي. ولفتت أبو زيد إلى أنّ "المقاربة التي تقدّمها الوسائل الإعلامية تُغَيَّب فيها وجهة النظر الفلسطينيّة وتستدرج أجوبة محدّدة من ضيوفها بعد تعليب الأسئلة وتوجيهها، وبالتالي الرأي العام الغربي لن يتمكّن من تكوين رأي متزن ورؤية ما يحصل فعلًا على الأرض وتغيير مساره ليعترف بوجود أزمة كبيرة تاريخية اسمها احتلال من الطبيعي أن تولّد ردة فعل".
المعركة انتقلت اليوم إلى "المستجد في صناعة الرأي العام من وسائل الإعلام الرقمية وما يرافقها من مواقع التواصل الاجتماعي". وتوضح أبو زيد أنّ "الانفتاح والتواصل السريع شرّع الباب أمام تدفق المعلومات والصور والفيديوهات بكميات كبيرة وعرض كل وجهات النظر ولم يحصرها بفريق واحد"، مردفة: "الطرف الأقوى وصاحب الإمكانات الماديّة هو الذي يحصل على التغطية الأكبر".
وتتابع: "للمؤثرين دور كبير في التأثير بتكوين رأي عام نظراً لما يقدّمونه من قراءة مختلفة لما يحصل من دمار وقتل في قطاع غزة، ولقد لمسنا بداية تغير جزئي لدى أفراد من القضية الفلسطينية إيجابًا وانعكس ذلك في التحركات في الشوارع".
ونبّهت من ظاهرة "الفقّعات الرقميّة" على مواقع التواصل الاجتماعي التي تراقب حركة كل فرد وترصد إهتماماته وتُظهر له فيديوهات وصوراً ومواضيع من الإطار عينه الذي يتابعه، إضافة إلى التحكّم بالمحتوى الذي شهدناه في الأيّام الماضية والتعتيم المقصود".
وتختم: "حالة التعاطف الغربي مع قطاع غزة بتصاعد وإن لم يكن كافيًا لوقف الحرب وإيجاد حلّ سلمي كحلّ الدولتين. وما يحصل في غزة لم يرتقِ بعد إلى مرحلة تشكيل رأي عام عالمي على غرار ما حصل في الحرب الأميركية على الفيتنام، والتأثير في مسارات القرارات السياسيّة والعسكريّة بين إسرائيل والقطاع".
في عالم تحكمه ازدواجيّة المعايير خرجت القضية الفلسطينيّة من الإطار الفلسطيني الإسلامي العربي. العمليّة البريّة داخل قطاع غزة بدأت، فهل سنشهد تطورًّا ما يقلب المعادلة ويخلق بلحظة رأياً عاماً عالميّاً قادراً على التأثير بمجريات الحرب؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك