ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح البطريركي في بكركي، مؤتمر الإعلان عن "اليوم العالمي للفقير" الذي أطلقه قداسة البابا فرنسيس بعنوان "لا تحول وجهك عن الفقراء"، داعياً الكنيسة الى إحيائه، بحضور راعي أبرشية طرابلس المطران يوسف سويف، أمين عام مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الأب كلود ندره، رئيس "كاريتاس لبنان" الأب ميشال عبود، الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم أنطوانيت سعادة، أمين عام المدارس الكاثوليكية في لبنان الأب يوسف نصر، مديرة جمعية مار منصور دوبول إيللا بيطار وممثل عن منظمة oeuvre d’orient .
استهل المؤتمر بكلمة للراعي قال فيها: "نحن اليوم نستعد للاحتفال باليوم العالمي السابع للفقير يوم الاحد المقبل في الصرح البطريركي في بكركي وفي جميع الرعايا والأبرشيات، ولكي نعيش هذا اليوم بمفهوميه الروحي والإجتماعي".
وأضاف: "المفهوم الروحي نعني به خدمة الفقير التي تعني كل مسيحي بحكم مسيحيته ومسؤوليته ذلك ان الحياة المسيحية هي قائمة على أسس ثلاثة. الأساس الاول وهو سماع كلمة الله التي تعرفني الى وجه المسيح وهذا يعني نيل نعمة الخلاص والفداء من خلال خدمة الليتورجيا والأسرار. ولكن هذا الأمر لا يكفي لأن علي الإنطلاق من القداس والإحتفال بسر المسيح الذي قدم ذاته ذبيحة فدا لكل الناس وقدم ذاته طعاما ومشربا لكل النفوس وهذا يعني انه عندما اترك القداس علي عيش هذه المحبة الإجتماعية. لذلك واجب على كل مسيحي ان يعيش هذا البعد وأن يعتني بالإخوة المحتاجين الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والأسير ليس بالمفهوم المادي فقط وانما ايضا بالمفهومين الروحي والمعنوي".
وتابع: "طريقنا الى الله تمر عبر الإنسان في حاجاته. وهذا اليوم الذي انشأه البابا فرنسيس قرره ليكون ملزما لكل مسيحي بحسب امكانياته ونتذكر في الإنجيل المرأة التي قدمت الفلس وهي قدمت كل ما تملك ومدحها الرب يسوع لأنها اعطت اكثر مما تملك. نحن عندما نقول الكنيسة نفكر برجال الدين والمؤسسات الكنسية، نعم هم على حق ولكن كل واحد منا من موقعه وحالته مسؤول عن مساعدة الفقير".
وقال: "الكنيسة لا تتراجع إطلاقا، ونحن في اجتماع مجلس البطاركة والأساقفة نشدد على الدوام على دورنا ككنيسة ومؤسسات تابعة لها للعمل على مواجهة ما يعاني منه شعبنا. وهذا الإجتماع الذي عقدناه منذ مدة قررنا خلاله إعطاء معنى ودفع اكبر لهذا اليوم العالمي للفقير مع العالم كله في 19 الحالي. لقد رأينا أن الحاجات تزداد ونحن مهددون بالحرب الدائرة الى جانبنا واهالينا نزحوا من بيوتهم في الجنوب اي المزيد من الفقر".
وأضاف: "ان المؤسسات والعمل الإقتصادي متوقف فقررنا مبادرات إضافية واقامة الإحتفال يوم الأحد، والطلب من كل الرعايا والأبرشيات تقديم مبالغ من الأموال بقدر امكانياتها وتقديم الصواني يوم الاحد لمساعدة اهلنا في الجنوب. كما تم الإتصال بكل مؤسساتنا في هذا الإطار أيضا. وأنتم تعلمون كيف أن هذه المؤسسات لم تقفل أبوابها بوجه أحد من مستشفيات ومدارس وجامعات، ونحن نعلم ماذا في الداخل. ومن كاريتاس لبنان طلبنا ايضا المشاركة والمساهمة هذا الجهاز الاجتماعي الرعوي الرسمي للكنيسة وللمساعدات الخارجية التي والذي يعمل وفق برامج متنوعة".
وختم: "يوم الأحد 19 هو يوم صلاة وتفكير ومحبة لكي نكون بجانب كل فقير سواء لدواء او استشفاء اوغيره. هذه الغاية التي من اجلها قمنا بهذا المشروع بالتعاون مع oeuvre d’orient التي تساعد لبنان في المدارس والجامعات وحقول كثيرة. لقد ارادوا العيش معنا في هذا اليوم حيث التجمع الأكبر في بكركي، وقداسات الرعايا ستكون موجهة لهذا الموضوع والعنوان الأكبر ما قاله قداسة البابا "لا تحول وجهك عن الفقير"، هذا موجه لكل واحد منا، وعلينا ان نعطي السمع والعاطفة والسؤال وليس المال فقط اذ لا يمكنني ادارة وجهي للمحتاج".
وكان مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو ابو كسم قدم للمؤتمر، مؤكدا أن "الكنيسة كانت ولا تزال وسوف تبقى أما للفقراء ولابنائها".
ثم تلا الأب ندره نداء اليوم العالمي السابع للفقراء الذي أصدره مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان في دورته العادية السادسة والخمسين، والذي دعا الى "مساعدة الفقراء والوقوف الى جانبهم وتأمين عيشهم بكرامة في ظل تقاعس الدولة وعدم تلبيتها للحد الأدنى من مقومات عيش الإنسان بكرامة في لبنان، وسط ما يشهده من ازمات وصعوبات ولعل اهمها تداعيات الحرب في غزة وتأثيرها المباشر على ابناء القرى الجنوبية ما دفعهم الى ترك ارضهم وبيوتهم والنزوح".
وكانت كلمة للمطران سويف المنتدب من مجلس البطاركة والأساقفة لخدمة المحبة في الداخل والخارج، شدّد فيها على "أهمية التحضير لليوم العالمي للفقير يوم الاحد المقبل"، مؤكدا "أهمية هذا اليوم وتميزه بالنسبة للكنيسة في لبنان التي تعيش اختبار الفقير ومساعدته منذ عهود ولكنها اليوم وبوحي من كلام قداسة البابا فرنسيس "لا تحول وجهك عن الفقير"، وبروح مجلس البطاركة والأساقفة حيث كان النداء اطلقت الصرخة لذواتنا ومن ثم للناس وللمسؤولين والقيمين انها صرخة باسم الفقراء ليس فقط في لبنان وانما في المنطقة كلها".
وقال: "يوم الأحد هو يوم صلاة للإحتفال بذبيحة الإفخارستيا والمحبة من خلال شهادات محبة والشكر للمؤسسات التي تحرك قضية المجتمع في قلب الكنيسة. على صعيد الكنيسة لا يمكننا ان نكون معمدين ونمر بشكل لامبال على اخوة فقراء. الايمان يقتضي المبادرة الحسنة مع اي فعل وعلاقة الحب العامودية مع الله لا تكتمل من دون العلاقة الأفقية الجيدة مع اخي الإنسان. وهذا اليوم هو يوم انساني عالمي وليس كنسيا فقط، وهذه روحانية كل الأديان وليس المسيحية فقط".
وختم: "نحن في ازمة اقتصادية خانقة وهذا اليوم هو يوم صلاة ودعوة لكل مسؤول، وإننا ننحني امام الشعب اللبناني ولا سيما المغترب منه والذي مع الأزمة الخانقة التي نمر بها، لم يترك اهله بل قدم ولا يزال المساعدة التي ساهمت في ابقاء لبنان بخير. كذلك قدمت الكنيسة مبادرات كثيرة ايضا ساعدت اللبنانيين على الصمود، ولكن نكرر أنه لا يمكن للكنيسة ان تحل محل الدولة المعنية هي بالفقراء وبكل الناس. وبالتالي لا يمكننا اليوم العمل للخير الخاص فهذه قمة الانانية بل على الجميع العمل للخير العام، وان يكون الأحد يوم صحوة لكل المعنيين والمسؤولين لعيش روح التضامن والأخوة وليس الفئوية الضيقة".
من جهتها، شدّدت الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات على "دور المؤسسات الكنسية في مساعدة الفقراء ومحاربتها في سبيل الصحة والتعليم والاستشفاء"، لافتة الى أن "غرق المؤسسات الكنسية سيغرق معه الآلاف من الفقراء والذين يعملون معها من اطباء ومهندسين وعاملين وممرضين وغيرهم، فالرزوح تحت عبء الحاجة والعوز لن يرحم احدا. لذلك نحن نجدد التزامنا بمحاربة الفقر بكل ما اتيح لنا من وسائل".
أما مديرة جمعية مار منصور دي بول فقالت: "الجمعيات الكنسية لا يمكنها القيام مكان الدولة المتقاعسة. وهذه الجمعيات لم تقفل ابوابها يوما في وجه المحتاجين على انواعهم، وهي تؤكد انها لن تستسلم ابدا وستبقى ابوابها مفتوحة امام المتألم والمحتاج وستساعد الإنسان للعيش بكرامته".
بدوره، قال الامين العام للمدارس الكاثوليكية: "إن الأزمات المتلاحقة التي تضرب لبنان وآخرها الحرب في غزة، تسببت بإقفال مدارس كاثوليكية وتداعياتها باتت خطيرة على المجتمع اللبناني كله. المجتمع التربوي مهدد بالإفلاس وعلينا التحرك لإنقاذه والا سنخسر ثروتنا الشبابية المثقفة والمنتجة".
وأضاف: "هذا القطاع المهدد يصارع الموت ولكننا سنجدد ونؤكد انه لن ينهار ولن يتوقف بفضل الخيرين الذين آمنوا بلبنان وأبنائه المثقفين ومدارسه التي لم تبخل يوما بعطاءاتها وسط اصعب الظروف. كلنا مدعو للمشاركة يوم الأحد، في هذا اليوم المهم للمساعدة ودعم كل المحتاجين على اختلاف مشاربهم".
وفي الختام، عرض بيتر محفوظ من "كاريتاس لبنان" للآلية اللوجستية يوم الأحد، والبرنامج وتنظيمه، والذي ينطلق عند الثامنة صباحاً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك