وجّه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رسالة ميلادية جاء فيها: أبشركم بفرح عظيم، لقد وُلِدَ لكم اليوم مخلصٌ في مدينة داود وهو المسيح الرب. هذه هي الكلمات التي فاح بها لوقا الانجيلي راويًا ميلاد المسيح. لقد فكرت مليًّا هذا اليوم، بهذه الكلمات التي لُفظت يوم ولادة فادينا يسوع.
لقد فكرتُ وسمعتُ أصواتًا تضج وتنتقد المواقف الهزيلة للمسيحيين تجاه الحروب عامةً وحرب الأراضي المقدّسة خاصة، لأنّنا قسعنا بالدفاع عن هويتنا وعن خالقنا الذي تجسد وولد في مغارة بيت لحم سمعت وشاهدت الكثير من الجرائم التي تجري اليوم بحق الأبرياء وجرت في الماضي القريب والبعيد. فما كان لي إلاّ اللجوء إلى التأمل والصلاة من أجل أرواح هؤلاء الشهداء الذين تركوا هذه الفانية ليشاركوا في جوقة الملائكة السماوية بتمجيد وتهليل فادينا يسوع المسيح الذي تجسّد وولِد من مريم العذراء ليخلصنا والبشرية أجمع من عبودية الخطيئة التي سببت وتسبب الفتك والقتل بين أفراد مجتمعنا البشري.
لقد تعمقت في هذه الكلمات السماوية التي لُفِظت بأفواه الملائكة قائلين للرعاة "لا تخافوا، لقد وُلد لكم اليوم مخلّص وهو المسيح الرب"، الرب خالق الكون وما فيه من رونقٍ وجمال. لكنّه ولِدَ هو أيضًا في ظروف مشابهة للتي نعيشها اليوم فخلال الميلاد الأول، لم تكن الأجواء بعيدة عن الجو الذي نراه اليوم، هكذا واجهت العذراء مريم والقديس يوسف صعوبة للعثور على مكان لولادة ابنهما، فقد كان هناك قتلٌ للأطفال واحتلال وتهجير التي من أجلها اضطرت العائلة المقدّسة إلى النزوح كلاجئين، ولكن رغم ذلك ظهر الملاك للرعاة وبشرهم كما سبق وذكرناه "لا تخافوا لقد ولد لكم مخلص ..."وهو الرب الاله المتجسد عمانوئيل (الرب معنا) (متى 1-23) ليخلصنا ويفدينا.
لا تخافوا، ما أروع هذه الكلمة المشجّعة والمقوية لنكون نحن أيضًا مطمئنين وآمنين بأنّنا سنخلص من العبوديات الدينوية التي تحيطنا لأنّ المخلص قد ولد اليوم في مدينة داود، في بيت لحم ليكون معنا في هذه الأيام العصيبة ويوحينا بالأمل المنشود والفرح الدائم، ليساعدنا أن نعود إلى ضمائرنا ونتبنّى سلام الذي رتلته جوقة الملائكة قائلة "المجد لله في العلى والسلام على الأرض" (لوقا 14،21) نعم السلام المفقود فيما بيننا، السلام الذي نبتقيه ليس فقط في عواصف الحروب وإنّما في ديارنا في وطننا الحبيب لبنان حبذا نُعيده بالمصالحة البناءة، بالتضحية المتبادلة التي تُفسر بالمحبة، من أحب الله، أحبّ أخه. هذا ما نريده أن نحققه في بناء الوطن وإرجاع القيم النيلة التي كنّا عليها ولا نزال نملك، تعالوا إذًا لنُعيد المؤسسات والرئاسة والدولة إلى مراكزها وفعاليتها. من هذه الزاوية نكون قد عبّرنا عن إيماننا ومحبتنا لمخلصنا الذي نبتهج بذكرى ولادته اليوم. اليوم يوم الفرح واتهاج رغم المصاعب التي تحوط بنا لأنّه هو ينبوع الخلاص، ينبوع السلام والمحبّة. فلنحب بعضنا البعض ونردّد المجد في العلى وعلى الأرض السلام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك