لا يرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في صدور مرسوم الأقدمية لدورة ضباط العام 1994 مرفقا بتواقيعه هو ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الدفاع يعقوب الصراف، فقط، أي شائبة دستورية أو مخالفة للأصول، بل على العكس. وهو يعتبر أن المرسوم لا يرتب أعباء مالية، لذا لا داعي لتوقيع وزير المال عليه، بينما "الترقية" على سبيل المثال، تنتج عنها تكاليف، ومرسومُها يجب ان يُذيل بتوقيع وزير المال، ولا جدال في ذلك. وبين سطور هذا الموقف، تأكيد ان لا نية لديه بتجاوز او إقصاء أي طرف سياسي أو مذهبي عن القرار، وفق ما تقول أوساط عونية لـ"المركزية".
وفي السياق، تشير الاوساط الى ان المنهجية التي يتبعها الرئيس عون والاسلوب الذي يعتمده في الحكم، يشكّل الدستورُ حجرَهما الاساس، لافتة الى انه يستلهم "الكتاب" كما كان يسمّيه الرئيس فؤاد الشهاب، وينطلق منه في كل قراراته، كما انه يتمسك بـ"الطائف" وروحيته، لكنه يستخدم كل الصلاحيات التي أعطاها هذا الاتفاق، للرئاسة الاولى، وربما هذا ما يفاجئ خصومه الذين لم يعهدوا هذا الاسلوب الرئاسي من قبل.
فالرئيس عون، تتابع المصادر، قد يكون أول رئيس منذ العام 1926 تاريخ وضع اول دستور للبنان، يستخدم حقه في تطبيق المادة 59 من الدستور، التي تسمح له بتعطيل التشريع شهرا خلال الدورة العادية لمجلس النواب، وذلك لمحاولة منع المجلس النيابي من اتخاذ قرار التمديد لنفسه في نيسان من العام 2017. كما أنه لجأ الى استخدام صلاحيات رئاسية واردة في المادة 52 من الدستور تعطي رئيس الجمهورية وحده، حق التفاوض مع جهات غير لبنانية وتحويل النتائج الى مجلس الوزراء لان وراء اي اتفاق اعباء مالية يفترض بالحكومة ان تكون على بيّنة منها لمعالجة هذه الاعباء.
واذ تلفت المادة المذكورة الى ان يحق للرئيس تفويض هذا الحق - الصلاحية الى اي من الوزراء بالتشاور مع رئيس الحكومة، تشرح الأوساط انه وانطلاقا من المادة هذه، أوقف الرئيس عون أخيراً، قروضا موقعة مع البنك الدولي رأى فيها مخالفة للمادة 52، وجمّد في ضوئها أيضا، مفاوضات كان يجريها وزيرا الصحة والاعلام مع جهات غير لبنانية، كونها لم تخضع للالية المنصوص عليها في المادة الدستورية.
الأوساط تورد هذه الأمثلة لتؤكد ان العماد عون لم يقم منذ دخوله قصر بعبدا بأي خطوة تخالف الدستور وكل قرار اتخذه كان نابعا من "الطائف" ويتوافق مع ما كفله له من صلاحيات وحقوق. وبقدر ما هو حريص على عدم التعدي على حقوق أحد، فإنه يرفض ايضا منعه من استخدام حقوقه او اعتبار لجوئه اليها تحديا للأطراف الأخرى. وفي حين تكرر ما أعلنه رئيس الجمهورية مرارا وتكرارا منذ اندلاع أزمة المرسوم، لجهة الاحتكام الى القضاء للبت في ما اذا كان صدوره مخالفا للقوانين أم لا، توضح ان العماد عون انطلق من مراسيم "أقدمية" كثيرة صدرت في العام 2017، وفي عهد سلفه الرئيس ميشال سليمان، ومنذ العام 2011، لم يحمل اي منها توقيع وزير المال، لاصدار مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994، وبالتالي فإن ما جرى لم يسجّل سابقة وليس خطوة متعمّدة لتجاوز او استهداف اي جهات سياسية لبنانية.
وتختم الأوساط مشيرة الى ان العماد ميشال عون يمكن تسميته رئيس "المؤسسات" بامتياز، لا رئيس "التسويات" أو "التنازلات"، بمعناها السلبي لا الايجابي، اي التخلي عن الحقوق الرئاسية والصلاحيات، فقط لأن البيئة السياسية الداخلية لم تعتد لجوء الرئيس اليها في العقود السابقة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك