يطلق إعلان مواعيد مراحل الاستحقاق الانتخابي رسميا اعتبارا من 5 شباط المقبل، موعد فتح باب تقديم الترشيحات في وزارة الداخلية، عاصفة السباق النيابي نحو برلمان جديد يطمح اليه اللبنانيون منذ اكثر من خمسة اعوام بفعل تمديد الولايات الثلاثي، ونظرا لرياح التغيير التي ستحمل وجوها جديدة الى الندوة النيابية بفعل القانون النسبي، تكسر روتين " التقليديين" الذين توارثوا المقعد النيابي لعقود خلت بالتحاقهم في محادل قانون "الستين".
ومع ان بت مصير الحراك السياسي ذي الهدف الانتخابي ورسم خريطة توقعات لما يمكن ان يفضي إليه لجهة بلورة تحالفات انتخابية في المناطق يبدو ضربا من الخيال، في ضوء حال اللااستقرار بين القوى السياسية الكبرى بفعل الازمات المتناسلة التي خلّفتها استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري و"بحصاتها" من جهة، وأزمة مرسوم الاقدمية لضباط العام 1994 من جهة ثانية، الى جانب الاتجاه الانحداري في الخط البياني لمسار العلاقة بين طرفي تفاهم معراب، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. كلها عوامل تجعل من نظرية توقع تحالفات مبكرة افتراضية لا ترقى الى الواقع، اقله حتى تبلور نتيجة الاتصالات على خطوط رأب الصدع في العلاقات المصابة بحمى الازمات.
ضمن هذه الخانة، تضع اوساط سياسية قريبة من معراب "هجمة" الزوار والموفدين السياسيين نحوها بعد كل ما تردد عن مقولة عزلها التي اثبتت الوقائع سقوطها بضربة ثبوت عدم قدرة اي فريق سياسي على تجاوز القوات اللبنانية ودورها المحوري في الحياة الوطنية اللبنانية، التي ستكون على موعد مع محطة انتخابية مفصلية خلال الاشهر المقبلة توجب على جميع القوى اعادة قراءة مشهد تحالفاتها ونسجه في ضوء القانون الجديد ومقتضياته.
من التيار الوطني الحر الى الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل التي حطّ موفدوها تباعا في معراب، الى حزب الكتائب وشخصيات كثيرة أخرى من خارج نادي حكومة "استعادة الثقة" ذات الوزن المناطقي يتحركون على خط الاتصالات مع القوات خارج المقر القواتي العام، الهدف واحد تصحيح العلاقات السياسية المهتزة بعد ازمة الثقة والتأسيس لمرحلة جديدة يفترضها الواقع السياسي والاستحقاق الانتخابي، اذ اظهرت المعطيات، وفق ما تقول الاوساط لـ"المركزية" ان المسار السياسي الوطني القواتي الثابت ونهج العمل الحكومي الرافض للخروج عن المبادئ والثوابت التي يفرضها القانون والدستور منذ مطلع العهد اضحى حاجة لسائر القوى المربَكة في مواقفها وتموضعها عشية الاستحقاق والتي ستكون على موعد مع الحساب في الاستحقاق النيابي.
العلاقة مع المستقبل، تقول الاوساط، تعود الى سياقها الطبيعي ولو انها ما زالت تستلزم بعض الجهد، ومع الاشتراكي ثابتة على اسس المصالحة والعيش المشترك والرغبة في تحصينهما، ومع الكتائب تقاطع في الملفات الاستراتيجية والسيادية يحتاج الى توافق على الملفات اليومية. اما التيار الوطني الحر فإعادة قراءة للأسباب التي أدت الى تردي العلاقة منعا لتكرارها، والانطلاق نحو الالتزام بنص التفاهم وروحيته القائم على الشراكة وضرورة التزام التيار نهج الوقوف على مسافة واحدة من الجميع وتطبيق سياسة النأي بالنفس فعلا وقولا ليعود ضامنا للخط الوسطي وجسر عبور بين اللبنانيين. هذه النقاط ستشكل اللبنة الاساس في اللقاء المرتقب خلال الساعات المقبلة بين وزير الاعلام وامين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابرهيم كنعان ووزير الخارجية جبران باسيل بعدما التقى عرابا تفاهم معراب رئيس حزب القوات في معراب، تمهيدا للقاء الكبير بين جعجع وباسيل اذا ما بلغت التفاهمات خط النهاية المنشود.
في مطلق الاحوال، تختم الاوساط، ان التقاء القوى الكبرى على التحالف السياسي لا يعني بالضرورة التحالف الانتخابي، لان مقتضيات القانون الجديد تفترض التعاطي مع التحالفات بالمفرّق لا بالجملة، الا انه يؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم على المستوى الوطني باتت اكثر من ضرورية بعد سلسلة الانتكاسات والهزات السياسية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك