في غمرة الاستعداد لوضع اللمسات الأخيرة على المعارك الانتخابية، نجحت المادة 50 من الموازنة العامة في حجب بعض الأنظار المحلية عن استحقاق أيار. ذلك أن جرس الانذار الذي أطلقه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في شأن هذه المادة معتبرا أنها مقدمة لما سماه "توطينا مقنعا" للاجئين السوريين فجر سجالا عنيفا بينه وبين رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان.
وإذا كان دخول الجميل وكنعان بقوة حلبة المنافسات الانتخابية على مقعدين مارونيين في المتن الشمالي قد دفع البعض إلى وضع السجال الدائر بينهما في خانة شد العصب الانتخابي، فإن مصادر مطلعة على الملف تقارب الأمور من منظار مختلف تماما. وتشير عبر "المركزية" إلى أن الأمور تتجاوز، بخطورتها، منافسات 6 أيار، والحسابات التي تمليها على رأس حربة الموالاة والمعارضة في الدائرة التي من المفترض أن تشهد معارك شرسة بينهما. وتلفت المصادر في هذا الاطار إلى أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي طالب بوضوح، في عظة الأحد، بالغاء المادة 50. وتعتبر المصادر أن موقف البطريرك الواضح هذا يعد تعبيرا صارخا عن الخطورة التي تحملها هذه المادة على النسيج الاجتماعي والديموغرافي اللبناني الهش أصلا، مشيرة إلى أن البطريرك الراعي ورئيس الكتائب ليسا وحيدين في اعتراضهما على المادة 50، وفي هذه النقطة مفارقة سياسية لافتة.
ذلك أن المصادر تؤكد أن الأصوات الاعتراضية على هذه المادة ارتفعت أولا في أوساط التيار الوطني الحر، الذي ينتمي إليه كنعان، بدليل أن رئيس اللائحة العونية في كسروان- جبيل العميد المتقاعد شامل روكز لم يتوان عن دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى رد قانون الموازنة العامة، وهو ما يلتقي فيه مع الجميل الذي أطلق دعوة مماثلة إلى عون من على منبر بكركي تحديدا. وتذكر المصادر أيضا أن دعوات الجميل وروكز تأتي معطوفة على فيتو رفعه عضوا تكتل التغيير والاصلاح النائبان نبيل نقولا وزياد أسود ضد المادة، محذرين من مغبة وضعها موضع التنفيذ.
لكن، وعلى رغم هذا السجال القانوني- السياسي، علمت "المركزية" أن الموازنة العامة التي أقرها نواب الأمة على وقع ضغط مهل مؤتمر "سادر" سلكت طريقها نحو الاقرار، بعدما وقعها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأرسلتها رئاسة المجلس إلى رئاسة الحكومة، التي بعثتها بدورها منذ أيام إلى قصر بعبدا ليوقعها رئيس الجمهورية. ومن المرجح بحسب المعلومات أن تنشر الموازنة في الجريدة الرسمية الخميس 26 نيسان الجاري.
كل هذا يجعل الأنظار تتجه إلى الخطوة التي سيقدم عليها النائب سامي الجميل بعد نشر الموازنة في الجريدة الرسمية. وفي هذا الاطار، يذكر مراقبون أن رئيس الكتائب كان أعلن في عدد من الاطلالات الاعلامية عزمه على خوض هذه المعركة حتى النهاية، علما أن سبق له أن قدم تجربة ناجحة في مجال الطعن الذي قدمه بقانون الضرائب في آب 2017، وكرة الطعن اليوم في ملعبه، وهو ما لا يستبعد كثيرون أن تكون الصيفي تستعد له قريبا، وإن كانت حتى اللحظة، في موقع الانتظار حتى صدور الموازنة في الجريدة الرسمية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك