كادت البلاد تدخل أواخر الاسبوع الماضي، مرة جديدة، في قلب كباش سياسي لم تعرف كيف خرجت منه منذ أشهر، بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، وبين الرئاستين الاولى والثانية من ورائهما، على خلفية مرسوم القناصل الفخريين الذي علم انه وُضع منذ 6 أشهر تقريبا، واقترن بتواقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، من دون ان يحمل توقيع وزير المال الذي رفض توقيعه لخلفيات سياسية منها ان الوزير جبران باسيل لم يتشاور مع المكون الشيعي وسمّى شخصية شيعية اغترابية من التيار الوطني الحر في المرسوم.
في الشكل، ما حصل يشبه الى حد كبير، الاشكالية التي رافقت مرسوم اقدمية الضباط "الشهير"، غير ان الاتصالات السياسية التي نشطت هذه المرة، بسرعة، وفي وتيرة لافتة في كل الاتجاهات، وقد اضطلع "حزب الله" بجزء كبير منها، ساهمت في التوصل الى صيغة نزعت فتيل الازمة، قبل انفجارها.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، باشرت "الضاحية" مساعيها على خط التبريد بين بعبدا وعين التينة، نهاية الاسبوع، على وقع مواقف عالية السقف أطلقها المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، حذّر فيها من ثنائيات تحكم البلاد، غامزا من قناة تفاهمات بين الموارنة والسنة تتجاوز المكون الشيعي، لم يكن يقصد فيها مرسوم القناصل فقط، بل ايضا مرسوم "التجنيس"، وغيرها من الخطوات الثنائية دائما وفق المصادر.
وهو قال خلال حفل اقامته دائرة الصيادلة في مكتب النقابات والمهن الحرة في حركة امل في صور "اذا ظن البعض أن باستطاعته ان يركّب ثنائيات او ثلاثيات او تحالفات جانبية على حساب مكون في هذا البلد فهو مخطئ"، مضيفا "على الجميع ان يعودوا الى رشدهم، وان يعودوا الى فهم الوقائع السياسية، وان لا يمارسوا تجاوزا في اي تفصيل يتصل بعمل الدولة، وان يبقى القانون والدستور والالتزام بالمصلحة الوطنية هو المعيار الاساس الذي نحتكم اليه جميعا".
في الموازاة، تتابع المصادر، كان الرئيس ميشال عون عبر قنواته الخاصة، يبعث برسالة الى الرئيس بري، مفادها انه متمسك بالاستقرار السياسي الداخلي ولا يرغب بأي توترات او خلافات او إشكالات في الوقت الراهن. انطلاقا من هنا، دخل "حزب الله"، حليف الجانبين، على خط معالجة الازمة الناشئة قبل استفحالها، محاولا ايجاد صيغة "تسووية" لها تكون مرضية للجميع.
وللغاية، عقُد لقاء نهاية الاسبوع بين باسيل ووفد من "الحزب" ضم المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا. الرجلان طالبا باسيل بتسوية المرسوم من خلال اضافة توقيع وزير المال اليه، الا ان الاخير أوضح لهما ان الامر بات مستحيلا اليوم بعد ان تم توقيعه. غير ان وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال، أبلغ الوفد، في المقابل، أنه في صدد اعداد مرسومين جديدين حول القناصل الفخريين وملحقين اقتصاديين. وعليه، طلب من الثنائي الشيعي ان يزود الوزارة بالاسماء التي يقترحانها لهذه المناصب، على ان يصار الى ارسال المرسومين الى الوزير خليل للتوقيع عليهما فور الانتهاء منهما.
واذ تلفت الى ان هذا المخرج يبدو أقنع التيار الوطني وأمل، تقول المصادر ان المرسومين الجديدين يفترض ان يتم توقيعهما قريبا، ليكون بذلك حوصر الاشتباك بين باسيل وخليل، وأُبعدت مفاعيله السلبية عن الساحة المحلية، المزدحمة اصلا بالملفات الخلافية!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك