إذا كانت عودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة تكريسا لديمومة التسوية الرئاسية التي أطلقت عهد الرئيس ميشال عون في تشرين الأول 2016، فإن كثيرا من المراقبين يذكرون بأن هذا الاتفاق الذي أبرم بين عون والحريري أفرز معسكري موالاة ومعارضة خاض كل منهما كثيرا من معاركه السياسية انطلاقا من هذا التموضع، بما فيها منازلات أيار الانتخابية الأخيرة التي يريدها الجميع منطلقا لتأليف ما يسميها المقربون من الرئيس عون "حكومة العهد الأولى" ، بما من شأنه أن يضع المعارضين في عين الرصد السياسي في المرحلة المقبلة.
في السياق، تلفت مصادر سياسية مطلعة عبر "المركزية" إلى أن الاستحقاق النيابي طوى صفحة الخصومات السياسية بين كثير من القوى، أولها تيار المستقبل وحزب الكتائب. وفي هذا الاطار، لا تغيب عن بال مراقبين الاشارة إلى أن السجال على خط الصيفي- بيت الوسط الذي بدأ سياسيا صرفا بفعل تموضع الطرفين المتناقض إزاء التسوية الشهيرة ما لبث أن أخذ طابعا شخصيا تجلى في خروج رئيس حكومة تصريف الأعمال مرات عدة من الجلسات النيابية عند إلقاء رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل كلمته، باعتباره رأس حربة الفريق المعارض لسياسات الحكومة الحريرية.
وفي وقت اعتبر البعض أن الاعتراض الكتائبي على مرسوم التجنيس الأخير أعاد الجميل وحزبه إلى موقعهما المعارض الذي يشغلانه منذ عامين، فإن المصادر تذكر بأن رئيس الكتائب-الذي بدا شديد الحرص على تصويب بوصلة معارضة المرسوم- مؤكدا أن موقفه لا يستهدف الموقّعين على المرسوم- كان بادر إلى القفز فوق خلافاته السابقة مع الحريري وسماه لتشكيل الحكومة، في إشارة إلى نيته "إعطاء الحريري ومعه العهد ما سماه "فرصة جديدة" لـ"تغيير نهج الحكم الذي كان سائدا في المرحلة السابقة"، في تصريح دفع كثيرين إلى تأكيد المشاركة الكتائبية في الحكومة الجديدة. وفي هذا الاطار، تعتبر المصادر أن إذا كان الحريري أبدى بدوره ايجابية تجاه الصيفي، فإن حوارهما ذا الطابع الحكومي لم يبدأ بعد، بما يفسر، بحسب المصادر السياسية، التريث الكتائبي في تحديد موقف نهائي من الحكومة المنتظرة، علما أن رئيس الحزب ونوابه يربطون وكوادره قرارهم بالسياسة التي ستنتهجها الحكومة في المرحلة المقبلة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك