في رحلة نهار الأحد إلى أرض البقاع وترابه الأحمر، لم تكن عواميد بعلبك وحدها ما تُدهَش له العقول، ولا حتى الجرود بتلالها وقطعانها ولا الصفيحة البعلبكية بطعمها الفريد، بل ما يُدهش الزائر الآتي من لبنانه إلى لبنان البقاع هي سهول "الحشيشة"، "على مد عينك والنظر".
في بلد يشرّع هذه الزراعة كان ليكون الأمر طبيعيّاً، إنما في بلد يجرّم تعاطي المخدرات فمن المذهل أن تمتّد زراعة الحشيشة في كامل سهل البقاع "عالمكشوف" ومن جانبَي حواجز الجيش اللبناني تماما. فترتفع شتولها عاليا تارة وتنخفض طورا، بينما تحجز زراعات أخرى، كالخسّ، نسبة بسيطة من سهل البقاع قد لا تكون كافية لسد حاجات اللبنانيين فقط منها. ما يُظهر جليا، من دون أي شكّ، عدم سعي الدولة إلى مكافحة هذه الزراعة أو منعها.
وهنا نسأل، ماذا كان ليحصل لو رأينا ما رأيناه بقاعا في سهول الساحل؟ أتتقاعس الدولة أم تسنّ سيوفها وتطبّق قوانينها؟
كما نسأل، ما دامت زراعة "الحشيشة" ناشطة في لبنان رغم لا شرعيّتها، وما دامت الدولة لا تحرّك ساكنا لإيقافها، وما دامت تجارتها تدرُّ المليارات على أصحابها من دون تسديد أي ضريبة للدولة، ما المانع من تشريعها وتنظيمها لغايات طبية واستفادة الدولة من عائداتها، ومن المستفيد من حماية أرباب هذه الزراعة وإبقاء الدولة بموقع المتفرّج العاجز؟ وهل ستجرؤ الحكومة المقبلة على تنفيذ توصية شركة "ماكينزي" بتشريع زراعة الحشيشة ووضع حدّ لهذا الفلتان القائم على حساب الدولة اللبنانية وهيبتها؟
وفي الانتظار، الشمس ساطعة، الدولة تغفو.. و"الحشيشة" تنمو!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك