بدل أن تكون المشاريع الإنمائية وأعمال التأهيل والبناء في لبنان نعمةً، هي منذ عشرات السنوات نقمةً بكل ما للنقمة من معنى. والسبب لا يحتاج إلى نقاش وجدال، ولا حتى استحقّ أخذاً وردّاً بين المسؤولين بهدف إيجاد حلّ: لا رؤية عملية ولا تنسيق ولا تنظيم.
حتى أعمال التزفيت تخلق أزمةَ زحمة سير على أكثر من طريق وممرّ. لا تُنسّق هذه الوزارة مع الوزارة الأخرى المعنيّة أيضاً، ويكاد ينعدم التخطيط بين فريق عمل هذه الوزارة وآخر من وزارة أخرى. وإن حضر، فلا تلمسه فعلياً على أرض الواقع بفعل الفوضى والإهمال وغياب الخطط المتكاملة.
الأمر ليس بجديد، بل يعود إلى سنوات طويلة إلى الوراء وترسّخ ذهنية عمل تقليدية في ظلّ غياب أيّ جهاز يتولّى التصميم وتوزيع الأدوار. قبل أيام كانت mtv قد أثارت موضوع زحمة السير الناتجة عن الأعمال التأهيلية على طريق جعيتا، بينما تبقى مثيلاتها في مناطق لبنانية أخرى خارج الضوء.
لا نكتب كي نخلق من الأزمة أزمةً مُضاعفة، بل لنقل الواقع ومُحاولة إحداث خرق في جدار عمره من عمر البلد. سبيل الحلّ موجود ويتطلّب نيّةً وإرادة، فوزارة التخطيط لم تأتِ عبثاً ولم تغب عن عبثٍ أيضاً، في حين لم تُمنح الدولة الصلاحيات اللازمة لوزارة الدولة لشؤون التخطيط، فكيف الحال بوزارة قائمة بذاتها في حكومة جديدة؟
وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود يلفت، في حديث لموقع mtv، إلى أنّ "وزارة الدولة لشؤون التخطيط شيء ووزارة التخطيط التي سُمّيت سابقاً "وزارة التصميم" شيء آخر، فالثانية عبارة عن هيكلية منظَّمة وذات صلاحيات عملية بعكس الأولى".
ويتحدّث عن أنّ "وزارة الدولة لا تملك صلاحيات تخوّلها التنفيذ فيما المطلوب وزارة تتمتّع بهيكلية قائمة بذاتها، وذلك يحصل عبر استحداث قانون يُقَرّ في مجلس النواب".
وحول أهميّة وجود هذه الوزارة في الحكومات، يقول بارود إنّها "تعمل على إعداد خطط تتخطى السنة الحالية إلى خمس سنوات وعشر وأكثر، كما أنها تتولّى تأمين التمويل اللازم لمشاريع كبرى، الأمر الذي يقوم به مجلس الإنماء والإعمار حالياً".
وأشار بارود إلى أنّ "وزارة التخطيط تُنسّق بين الوزارات في المشاريع الإنمائية. مثلاً على وزارة الأشغال والنقل أن تكون على بيّنة من مشروع التمديدات الذي تقوم به وزارة الاتصالات"، مذكّراً بأنّه "عملَ عند تولّيه وزارة الداخلية على مركزية الخرائط والمطلوب منها وضع خرائط للتمديدات على الأراضي اللبنانية بهدف تجنّب وضع المياه إلى جانب الكهرباء ومياه المجارير إلى جانب مياه الشرب...".
يبقى أن نتأمّل بعودة وزارة التخطيط والتصميم إلى العمل التنفيذي في ضوء تجربة سابقة بدأت في عهد الرئيس كميل شمعون واستمرّت مع الرئيس فؤاد شهاب وحتى نهاية عهد الرئيس شارل حلو... فهل تعود في عهد الرئيس ميشال عون؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك