يُردّد البعض: "طالما الرئيس سعد الحريري يقدم مصلحة الإستقرار في لبنان ويختار عدم التصادم مع حزب الله، فما الداعي لوجود المحكمة الدولية وتمويلها؟".
إن كان الحريري يقارب أحكام المحكمة بهذا الترفع والحرص على البلد، وأنتم، سياسيون وصحافيون وإعلاميون ومقدمات نشرات أخبار، مسعورون وتحبكون سيناريوهات حول المحكمة أقرب للهلوسة... فما الحال الذي سيكون عليه لو كان للحريري موقف تصعيدي وعنيف من المجرمين ومِمّن يقف خلفهم ويحميهم، أي حزب الله!
ولا يحق لأحد المزايدة على الحريري في موضوع المحكمة الدولية وقضية الشهيد رفيق الحريري، لكن موقع ودور الرئيس سعد الحريري هو نتيجة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري وليس العكس، أي، لم يستشهد الرئيس رفيق الحريري لأنه والد الرئيس سعد الحريري.. إستُهدِف الرئيس رفيق الحريري بأشكال مختلفة خلال مسيرته لأنه حمل مشروعاً نهضويّاً، عمرانيّاً، عروبيّاً، معتدلاً، يحمل راية الدولة وتعزيز دورها. وآخر استهداف له كان من خلال ١٨٠٠ طن من المواد المتفجرة بسبب إنخراطه، بما يمثل من ثقل ودور عربي ودولي، في معركة السيادة والإستقلال ضد الوجود السوري والتركيبة الأمنية اللبنانية-السورية المشتركة، فشكّل مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والزعيم وليد جنبلاط مثلث المواجهة مع الدولة الأمنية التي كانت مسيطرة.
هذا المشروع وهذه الخيارات السياسية شكّلا الدافع الرئيس للمجرمين الذين كشفت عنهم المحكمة، لاستهداف الرئيس رفيق الحريري.
المحكمة والعدالة من أجل رفيق الحريري، لكن أيضاً من أجل كلّ من حلم بلبنان السيادة والإستقلال والإعتدال والعروبة والحداثة وتعزيز مؤسسات الدولة وحضورها.
وقد لا يُساق القَتَلة إلى قوس المحكمة، وقد يمنع حزب الله الأجهزة الأمنية اللبنانية من الوصول إليهم "لا بثلاث أشهر ولا بثلاث سنوات ولا بثلاثين سنة ولا بثلاثمائة سنة" كما قال أمينه العام. لكن، ستتيح لنا المحكمة الدولية، من خلال حكمها، بالإشارة إليهم بالإصبع والقول "هؤلاء قَتَلة"! وحين يموتون أو يُقتلون، لم تعد تنطلي علينا محاولة تقديسهم ووصفهم بالشهداء، ولن نكون حياديين في تلك اللحظة، بل سنقول: "قُتِل أو مات هذا المجرم الذي قَتَل الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
إنه زمن المحكمة والعدالة... أو أقله العدالة المعنوية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك