من باب الحرص على الشفافية والوضوح تجاه الرأي العام، أعلن الرئيس سعد الحريري أمس أمام الصحافيين في بيت الوسط أن "لا جديد حكوميا هذا الأسبوع"، على وقع مواقف عالية النبرة من جانب المعنيين بالعقدتين الدرزية والمسيحية، ليس أقلها تلك التي أطلقها أخيرا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
ولكن، إذا كان كل ما في الصورة الحكومية يؤشر إلى أن الجهود تبذل لفكفكة هاتين العقدتين، فإن النواب السنَّة ماضون في التذكير بما يعتبرونه "حقهم" في تمثيل وزاري تتيحه لهم نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت على أساس النسبية وأكدت، بحسب هؤلاء النواب، أن الرئيس سعد الحريري ومن ورائه تيار المستقبل بطبيعة الحال، ما عاد ممثلا وحيدا للمكون السني على الساحة السياسية اللبنانية. غير أن مصادر متابعة تنبه عبر "المركزية" إلى أن تشبث النواب "غير المستقبليين" والذين تدور الغالبية الساحقة منهم في فلك حزب الله و8 آذار يرفضون أي تعرض للحريري كرئيس للحكومة اللبنانية، باعتبار المس به مساسا بالرئاسة الثالثة، وهي الموقع الأرفع الذي تشغله الطائفة السنية في الهرمية الرسمية اللبنانية، بدليل أن "اللقاء التشاوري" الذي يضم من باتوا يسمون "النواب من سنة 8 آذار" لم يتأخر في إعلان رفضه التعرض لرئيس الحكومة أو المس بصلاحياته، إبان الاشتباك الأخير في هذا الشأن بين ركني التسوية الرئاسية، الأزرق والبرتقالي.
غير أن جرعة الدعم التي تلقاها الحريري ممن يعتبرون خصومه السياسيين في معقله "السني" لم تغير موقفه لجهة رفضه ضمهم إلى حكومة الوحدة الوطنية التي يعمل على تشكيلها منذ أكثر من 4 شهور، علما أنه كان قطع الطريق على تمثيل خصومه السنة في الحكومة في 28 حزيران الماضي من على منبر قضر بعبدا تحديدا حيث أعلن أن هؤلاء النواب لا يشكلون كتلة نيابية موحدة ذات مطالب حكومية واضحة.
ومن هذا الباب تحديدا، تضيف مصادر مطلعة عبر "المركزية" عوامل عدة قد تمنع مشاركة سنة 8 آذار في الفريق الوزاري العتيد، معتبرة أن تصدعات تشوب صفوف اللقاء، حيث أنه لا يزال عاجزا عن اقناع رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد بالانضمام إلى صفوف اللقاء، وأن الأخير لا يخفي اعتراضه على قيام تكتلات ذات طابع طائفي ومذهبي. وتلفت المصادر إلى أن في وقت لا يستبعد مقربون من اللقاء التشاوري خيار استبدال الحريري بشخصية أخرى، في حال فشل في بلوغ مبتغاه وتأليف حكومة في المدى المنظور، فإن افتقار اللقاء إلى الوحدة يضعف حظوظ أعضائه في الحلول مكانه. ويأتي هذا الاحتمال، في وقت يسري كلام بأن النائب فيصل كرامي الذي يدأب على المشاركة في اجتماعات "سنة 8 آذار"، وقد استضاف عددا منها في دارته في بيروت، يعتبر أن لا يجوز أن يستمر اللقاء في رفع راية مخاصمة الحريري سياسيا عنوانا وحيدا، ما يجعل رص الصفوف حاجة ملحة، خصوصا أن بين النواب المشاركين من هم أعضاء في كتل نيابية أخرى، كما هي حال كرامي بالذات الذي أعلن باكرا انضمامه إلى كتلة تيار المردة بزعامة النائب طوني فرنجية، التي تجمعه إلى المردة والنائب فريد هيكل الخازن.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك