إنتهت الإنتخابات النيابية بما كان مؤكّداً لناحية فوز المرشحة ديما جمالي بنسبة 19387 صوتاً من أصل 33963، مع 2658 ورقة اعتُبرت ملغاة و1951 ورقة بيضاء. والأهم أنّ الإنتخابات انتهت أيضًا بتأكيد ما كان مؤكّداً لناحية تدنّي نسبة الإقتراع، حيث اقترع 33963 فقط من أصل 241534 ناخباً. ولكن الأهم أنّ الإنتخابات إنتهت بتأكيد الشكوك أنّ التحالفات السياسية التي نُسجت من أجل جمالي راوحت بين تصفية القلوب وعدم التخلّي عن «زغلِ» الزعل السياسي، وترجمت الإنتخابات الفرعية معنى «التسويات السياسية» كما يفهمها الطرابلسيون بلغتهم.
مسار سريع سبق هذه الإنتخابات، حُشدت القوى، وبُذلت الجهود، وربما عُقدت التسويات، لكن نتائج الإنتخابات وإن صدرت كما أُريد لها، إلّا أنّ احتسابها لم يمرّ من المسار أو المعادلة التي يجب أن تحكم أيَّ عملية انتخابية. فنسبة 13% لمدينة كطرابلس قليلةٌ وتحمل في طياتها معاني كثيرة ورسائل متعدّدة.
- أولاً: رسالة واضحة للدولة اللبنانية متمثلة بشخص رئيسها أنّ المدينة لم تعد تؤمن من الآن وصاعداً بالأقوال، بل باتت تبني على ما ترى وتلمس.
- ثانياً: أنّ الوعود التي بنيت على تحالفاتٍ مستجدّة قد لا تعني بالضرورة الإلتزام بالتصويت، وأنّ التصاريح الإعلامية قد لا تعني أكثر من مسايرات من ضمن إرساء توازن سياسي عام.
- ثالثًا: أنّ الـ13% نسبة التصويت تشير وبشكلٍ مؤكد ووفق معلوماتٍ موثوقة أنّ هناك مَن أعطى الرئيس الحريري كلاماً كثيراً وأصواتاً قليلة، ولكن قطف «هؤلاء» بالمقابل حضوراً دعائياً وبروباغاندا سياسية.
وفي هذا الإطار أكدت مصادر طرابلسية موثوقة أنّ الأصوات التي فازت بها ديما جمالي توزّع مانحوها على الشكل التالي:
المستقبل: 13500 صوت كحدٍّ أدنى.
الصفدي: 4750 صوتاً كحدٍّ أدنى.
و1187 صوتاً توزعت بين الفرقاء الداعمين الآخرين.
فيما كشفت المصادر نفسها أنّ فريقين من التحالف لم يدفعا باتجاه التصويت الكثيف لمرشحة المستقبل وهذا الوضع لم ينفِه الوزير السابق أشرف ريفي الذي ترك الحرية لمناصريه، فصوّت البعض منهم أو الأكثرية للمرشح الإعلامي عمر السيد الذي فاجأت نسبة الأصوات التي حصّلها الجميع بمن فيهم شخصه.
بينما شوهد مناصرو الرئيس نجيب ميقاتي بحسب المصادر نفسها أمام مراكز الإقتراع بكثافة لكن دون عقد العزم الأكيد على إنزال أصواتهم داخل صناديق الإقتراع استجابةً لتوصيات رئيس تيّار العزم، فيما تؤكد تلك المصادر أنّ تصويت هؤلاء بكثافة كان ليرفع نسبة الإقتراع بشكل كبير، في وقت عزت المصادر نفسها أنّ عدم تصويت هؤلاء يعود إما لعدم اقتناعهم بجمالي وإما لعدم نضوج التفاهم بين الحريري وميقاتي شعبياً، وإما لعدم رصد ميزانية لهذه الإنتخابات الفرعية، في وقت تعوّد بعض الجمهور في طرابلس على الإستفادة منها في المواسم الإنتخابية.
في المحصّلة يبقى الإستنتاج وفق القراءات والأرقام والمصادر الطرابلسية التي تتواتر والمتطابقة أنّ الإنتخابات الفرعية عكست بعض التعب لدى كوادر المستقبل كما أصاب بعض ناخبيه البعض منه أيضاً، في وقت أظهرت ماكينة النائب محمد كبارة تحرّكاً عمليّاً وجدّياً، كذلك عكست ماكينة الصفدي وكوادره حماسةً والتزاماً بتوصيات من قبل الوزير والنائب السابق محمد الصفدي بينما بقيت التحالفات الأخرى رهينة السياسة... بين الاستثمار والتطورات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك