ليس حصر البعض للمنافسة على الاستحقاق الرئاسي بين جبران باسيل وسليمان فرنجيّة إدانةً لسمير جعجع. الأمر إدانة لما كان يُسمّى ١٤ آذار، ويبدو جعجع الوحيد، بين القيادات الأساسيّة، الذي تمسّك به منذ ذلك التاريخ، بينما سقط كثيرون على الطريق، بتسوية ومصلحة وحصّة وصفقة.
حتى جعجع نفسه لم يؤيّد انتخاب ميشال عون رئيساً إلا بعنوانين: المصالحة المسيحيّة وإيصال الرئيس المسيحي الماروني القوي. تحقّقت الثانية وهي مستمرّة، باعتراف جعجع، أما الأولى فتُنحر يوميّاً بالتصريحات والمواقف والمناكفات.
وإذا كان من المبكر فتح السباق الرئاسي، بينما تواجه الجمهوريّة تحدّيات كثيرة، فإنّ العوامل المؤثّرة في هذا الاستحقاق تفتح الباب أمام مشاركة جعجع كمتسابق أساس فيه، وذلك لأسبابٍ عدّة نذكر بعضاً منها:
· يحمل جعجع صفة "القوّة"، خصوصاً في الشارع المسيحي، وهو حقّق في الانتخابات النيابيّة الفوز الأكبر بأصواتٍ مسيحيّة وبحدٍّ أدنى من التحالفات، وكرّس حضوره في جبل لبنان بعد أن كان حكراً، مسيحيّاً، على التيّار الوطني الحر. كما أنّ قوّته هي الوحيدة التصاعديّة مسيحيّاً.
· يملك جعجع حضوراً في الوجدان المسيحي، تماماً مثل عون، وعلى عكس جبران باسيل.
· تحوّل جعجع، بالنسبة الى حزب الله، من عدوٍّ الى خصم، وهو خصم شريف أعرب، في أكثر من مناسبة، عن استعداد للبحث عن نقاط مشتركة في العلاقة مع الحزب، "داخل الحدود اللبنانيّة". هو شبيه الحزب في الشارع المسيحي، ما يجعل من مصلحة الصلب شيعيّاً أن يتحالف مع مصلحة الصلب مسيحيّاً.
· أثبتت تجربة القوات اللبنانيّة الحكوميّة بأنّها شبه خالية من الشوائب. يضطرّ الخصم والحليف أن يستثني "القوات" حين يعدّد الفاسدين. وهو مشارك في الحكومات من دون أن يكون في منظومة السلطة التي يثور عليها قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيّين.
· يجمع جعجع، في علاقاته الخارجيّة، بين الثبات والانفتاح. هو لا يتنازل إرضاءً لدولة ولا يقفل باباً من أجل أخرى. ومن المؤكد أنّه يحظى بإعجاب الدول الغربيّة التي تراقب الوضع اللبناني وتدرك "نظافة" أدائه في ملفات الفساد، كما صورته كعامل استقرار في لعبة المحاور.
لا يكرّس ما سبق كلّه سمير جعجع مرشّحاً رئاسيّاً فوق العادة. هو متسابق، وقد يكون صانع رئيس، للمرة الثانية على التوالي. وليست معجزة أن ينتهي الاستحقاق الرئاسي المقبل بانتقال سمير جعجع من معراب الى بعبدا، التي لا تبعد كثيراً عن وزارة الدفاع، حيث زنزانة أحد عشر عاماً. وقد ينتهي، أيضاً، بـ "تبويس" لحيته للوصول.
ثمّة من قبّلها قبل سنوات...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك