هذه السطور ليست مدحاً ولا تهليلاً للإطلالة الأولى لرئيس الحكومة سعد الحريري بعد عودته من السعوديّة، لأنّ الرجل محكوم بالظروف أولاً وأخطاء شريكه المسيحي في التسوية ثانياً... وأخطائه ثالثاً.
غاب الحريري لأيّام قليلة عن بيروت، فـ"خِربت" قبل أن يعود. غادر البلد ليحضر القمة العربية ويمضي عطلة العيد سريعاً في السعوديّة، فأصبح بحاجة إلى عطلةٍ أخرى تُنسيه آثار الخراب السياسي والأمني الذي كاد يقع على غفلة.
أدار من مكانه التوتر السياسي الذي تحوّل إلى فوضى خلاّقة تجرّ بعضها... ولعلّ الإعلاميين كانوا الأشهد على ذلك. لم يحصل شيء خلال الجولة الأخيرة ولم تصدر كلمة بإسم "تيار المستقبل" إلاّ بإيعاز من رئيس الحكومة.
من هجوم الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على موقفه والتنكّر له، مروراً بكلام رئيس التيار الوطني الحر في البقاع-والذي عاد ونفاه- فالحكم القضائي في قضية الحاج - غبش - عيتاني، والهرج والمرج غير المسبوق بين "الوطني الحر" و"المستقبل" حتى في أحلك أيام الإبراء المستحيل على جبهة وزير الدفاع الياس بو صعب وأمين عام المستقبل أحمد الحريري، وتغريدة وليد جنبلاط، فـ"هجوم المبسوط" على طرابلس، وصولاً إلى موقف جبران باسيل من العمالة الأجنبيّة على أرض لبنان وما رافقه من غليان متفجّر للشارع السُنّي... حتى قضية تحرير نزار زكا من إيران.
لم يغب أحدٌ من هؤلاء عن المشهد لحظةً واحدة، لكنّ الحريري بقيَ النجم المُنتظَرة عودته كي يُدلي بدلوِه. منع، على منبر السراي الحكومي، تسوية ٢٠١٦ التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً من السقوط، وبأسلوب آخر ظهر فيه مُرشداً ومنبّهاً من أداء شريكه... إلى حد إعلان حصول تدخّل سياسي في القضاء.
وبعدما ترقّب الشارع السُنّي حجم العودة، جعل خطاب "التيار" ورئيسه الشارع المسيحيّ الأكثر انتظاراً للرد الذي سيصدر عن الحريري فور عودته وقبل صعوده إلى بعبدا.
مشكلة نجل رفيق الحريري اليوم، ربّما، أنّه "وضع يده منذ البداية بيد المسيحي الخطأ الذي لم يُسهّل المسيرة الحكومية الجديدة بل عرقلها كما فعل سابقاً من خارج الحكم"، كما يقول مصدر في "المستقبل"، ليظهر حتى هذه اللحظة الضامن الأوّل للتسوية والإستقرار السياسي وتطبيق الإصلاح.
يختبر سعد الحريري في عهد الرئيس عون القليل ممّا اختبره والده في عهد الرئيس إميل لحود، وهو من الآن فصاعداً سيعيش التروّي في آن والتصعيد في آنٍ آخر كي لا يُعلَن انتهاء التسوية وسقوط وعود العهد... وأيضاً لئلاّ يُدين بعضاً من المسيحيين الذين "يتناولون القربان من دون الإعتراف بـ"خطاياهم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك